رغم عدم تحقيقه، حتى الآن، أى نتيجة إيجابية فى برنامج الـ100 يوم.. فإنه يمكن القول ــ بضمير مستريح ــ إن الرئيس محمد مرسى نجح بدرجة جيد جدا فى فى ثلاثة امتحانات سياسية خاضها منذ توليه مهام منصبه فى 24 يونيو الماضى.

كان الامتحان الأول مجرد بروفة، كشفت عن طريقة تفكير الرئيس وشفرته السياسية التى تتسم بتوجهات براجماتية واضحة لا ينقصها فطنة وذكاء، حينما تراجع عن الصدام مع المحكمة الدستورية بعد قرارها بحل مجلس الشعب، رغم نصائح مستشارى السوء له بإصدار قانون ينظم عملها، وهو ما كان ينبئ باندلاع معركة دامية بين السلطة القضائية ومؤسسة الرئاسة، كانت ستخصم الكثير من رصيد الرئيس السياسى.

أما امتحانه الثانى، فقد استطاع فيه الرئيس الإطاحة بالضربة القاضية الفنية بالرءوس الكبيرة فى الجيش، دون أن يدخل فى خصومة مع المؤسسة العسكرية، وهى خطوة مهمة على طريق طويل لإبعاد هذه المؤسسة عن الشأن السياسى، الذى احتكرته منذ قيام ثورة يوليو، حتى قادت البلاد إلى كوارث ضخمة كان على رأسها نكسة 67. وقد تواكبت مع هذه الخطوة، تصريحات أدلى بها د. أيمن نور بأن تأسيسية الدستور أقرت آلية صارمة لمراقبة المؤسسات الاقتصادية الضخمة التابعة للجيش.

أما فى زيارته الإيرانية، وهى امتحانه الثالث، فقد حطم الرئيس من خلالها قيود مبارك على سياستنا الخارجية بتبعيتها الشائنة لأمريكا وإسرائيل، وقطع الخطوة الأولى على طريق استئناف العلاقات الدبلوماسية مع طهران، بدون أن يغضب الغرب أو إسرائيل، وهى خطوة يمكن أن يتم البناء عليها لاحقا بإقامة علاقات متوازنة مع جميع الأطراف الدولية.

وقد يكون لمعارضى الرئيس مرسى تحفظات مشروعة على حركته السياسية، إلا أن المطب الذى يقعون فيه هو خلطهم بين ما هو ايديولوجى يتميز بالثبات، وبين ما هو سياسى يتسم بالتغيير، كما أن الكثير من الليبراليين أو اليساريين يتناسون انهم عقدوا تحالفات مع الإخوان خلال حكم مبارك، وبالتالى فإن معارضتهم لمرسى على أسس ايديولوجية فقط، لن يكون له محل من الإعراب!

ومع ذلك، فإن على الرئيس مرسى ــ إذا أراد أن يكمل امتحاناته السياسية الصعبة بنجاح ــ أن يقنن وضع جماعة الإخوان المسلمين ويكشف عن أسرارها المالية هى والكنيسة كما طالبنى بذلك الاسبوع الماضى القارئان الكريمان أحمد عاطف وصبرى الرشيدى، وأن يقف خلف دستور مدنى ديمقراطى يضمن الحرية الكاملة لجميع المصريين بجميع توجهاتهم، دون أن يخضع لسيطرة طرف ما، لتبديد مخاوف البعض من «أخونة الدولة».. وساعتها سيكون الرئيس قد وضع قدميه على أعتاب الشرعية السياسية لحكمه، والتى لا توفرها له الاستقطابات الحادة التى نعيشها الآن فى مصر!

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -