من ألطف ما يقال فى موضوع ضبط وإحضار الجنرال أحمد شفيق المعتمر فى دبى منذ شهور أن القضية سياسية.. الفريق يستخدم هذه المقولة طوال الوقت، وفريق من الإعلاميين أيضا يشهر هذه العبارة فى وجه المطالبين بمثوله أمام العدالة، وكأن «سياسية» هذه صارت فزاعة جديدة.
إن الفريق الهارب متهم فى واقعة فساد سياسى، ومن ثم فنحن أمام قضية سياسية بوجه من الوجوه، كون الواقعة تتعلق بمنح ابنى رئيس الجمهورية بالمخالفة للقانون مساحات شاسعة من الأراضى ليست لهم وبأثمان أقل من قيمتها بكثير، وبالتالى يمكن القول إن تخصيص الأراضى لنجلى المخلوع كان محكوما باعتبارات سياسة فاسدة، وعليه ينبغى محاكمة شفيق سياسيا وجنائيا أيضا فى الواقعة.
ولو كان الجنرال واثقا تماما من براءة ساحته من هذه القصة كلها، فلماذا لا يعود ويواجه ويحارب ويدفع عن نفسه هذه الاتهامات وهو الذى يتفاخر دوما بأنه المحارب العتيد الذى «قتل وانقتل» كثيرا؟
وإذا كان بعض أنصار الجنرال الهارب يتحدثون من الآن عن «مليونية» أخرى فى السادس من أكتوبر المقبل، بعد النجاح الباهر لما يسمى «مليونية 24 أغسطس» فلماذا لا يكون شفيق عند حسن توقع مريديه ويحضر فورا كى يرص الصفوف وينظم الجماعات والائتلافات ويقود جيوش المتظاهرين والثوار لإنقاذ مصر وتحريرها من «الاحتلال الإخوانى» كما تقول الدعوات الكوميدية اللطيفة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى الآن؟
إن بعض هذه الدعوات يطالب بالخروج يوم الجمعة المقبل فى مظاهرات لدعم شفيق ضد ما يسمى «الحرب الإخوانية» ولا يمكن تصور أن الجنرال يبقى مختبئا فى دبى، تاركا الآخرين يخوضون معركته هنا، على غير طبائع المحاربين المقاتلين من مدرسة «قتلت وانقتلت».
والحاصل أن الجنرال يحاول الاختباء داخل أحراش السياسة من عشرات البلاغات التى تلاحقه باتهامات بالفساد، ولاحظ أنه لم يدخل معترك السياسة والانتخابات إلا بعد أن ظهرت بلاغات تتهمه بالضلوع فى وقائع فساد من الحجم الكبير، بما يجعلك تشعر أن المسألة كلها لم تتجاوز إثارة الغبار وإطلاق قنابل الدخان الكثيف للتغطية على هذه البلاغات والاتهامات التى كان مصيرها الدفن فى دهاليز النيابة العسكرية.
أما محاولة تقمص دور الشهيد الحى، أو ضحية الصعود الإخوانى، فلن تنطلى على أحد، وطالما بقى الجنرال هاربا من المواجهة، مكتفيا فى الرد على اتهامات أجهزة التحقيق له بمداخلات هاتفية مع بعض برامج التوك شو، فإن الاتهام بالفساد يبقى معلقا فى رقبته، حتى يمتلك الشجاعة ويخوض النزال القضائى، وينتصر فيه، بدلا من اللجوء للابتزاز بفزاعة «القضية سياسية».
ولنفرض أنها سياسية: لماذا لا يعود ويفحم أعداءه السياسيين إذا كان واثقا من قوة موقفه ونظافة يده إلى هذه الدرجة.. وبالمرة يقود ثورة 6 أكتوبر المكملة لزلزال 24 أغسطس الذى اهتزت له قارات الدنيا الست؟
0 التعليقات:
Post a Comment