بوابة الأهرام
لم يجد "عم محمد" وسيلة للتعبير عن حالة اليأس والحزن التي يعيشها، سوى بتكبيل يديه بالحديد والأقفال، ووقف وحده وسط ميدان التحرير، بعيدا عن الجميع، مكتفيا بتبادل النظرات الحزينة مع من يتعجبون من الموقف الذي أقدم عليه.

اقتربت "بوابة الأهرام" من "عم محمد" لتسأله عن السبب الذي دفعه للقيام بتكبيل يديه بالحديد بهذا الشكل، فأجاب قائلا: "الثورة هي اللى عملت فيا كده.. حبستيني ليه يا ثورة بعد ما شاركت فيكي بروحي وقلبي".

سألناه: كيف تكون شاركت في الثورة وتقول إنها قيدتك بالحديد؟، فرد قائلا: "أنا كنت في ميدان التحرير وقت الثورة، ورقصت يوم أن سقط نظام مبارك، وفرحت جدا لما تولى د.محمد مرسي رئاسة الجمهورية، لكننى انتظرت أن يحقق أول رئيس مدني ما تعهد به من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، لم أجد شيئا تحقق.. أنا مش عارف أعيش".

فجأة تحول "عم محمد" من الرجل الهادئ الذي يتحدث بصوت خافت، إلى شخص يصرخ بأعلى صوته قائلا: "نفسي أعيش حر يا ناس".

لم تكن الحرية بالنسبة لـ"عم محمد" محصورة في شخص يريد التخلص من القيود التي وضعها في يديه، بل كانت متمثلة في "مرتب محترم" يعيش به وسط غابة من الحيتان التي كانت ومازالت تنهب الوطن.




الوطن بالنسبة لـ"عم محمد" الآن، تحول لساحة صراع بين جماعات متناحرة على السلطة، وغني ينهش في لحم فقير، ولم يتحقق ما حلمنا به من "عدالة اجتماعية".

العدالة الاجتماعية كانت السبب في صرخات "عم محمد"، حينما قال بأعلى صوته وسط جموع حضرت لمعرفة سر هذا الرجل: "إزاي واحد ياخد مرتب 300 ألف جنيه وواحد تاني ياخد 300 جنيه".

"الثلاث مائة جنيه"، اعتبرها "عم محمد" لا تكفي لحجز كشف علاج عند أحد الأطباء الكبار في هذا البلد، إذا أصابه المرض هو أو زوجته أو أحد أبنائه، في وقت باتت فيه مستشفيات الحكومة تحمل صفة: "مجمع موتى على سرير شفاء الحكومة".

تعهد هذا الرجل المسن بعدم تحرير نفسه، قبل تعهد الرئيس مرسي مجددا بتحقيق ما وعد به مسبقا من "عيش وحرية وعدالة اجتماعية"، وقال: "أعتب عليك أيها الرئيس.. نفسي أعيش.. ممكن ياريس؟".

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -