يتناول الباب الثالث، فى مسودة الدستور، السلطات العامة فى الدولة، التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويحدد كيفية إنشائها وطبيعة اختصاصاتها وصلاحياتها وعلاقاتها البينية. باب السلطات العامة، إذن، هو الباب المعنى بالبرلمان والرئيس والحكومة والجهاز الإدارى والمحلى للدولة والمحاكم ونظم التقاضى. باب السلطات العامة، إذن، هو الباب المعنى بضبط العلاقة بين البرلمان والرئيس والحكومة والقضاء وقواعد الفصل والتوازن بينهم فى إطار توجه عام إما إلى نظام حكم رئاسى (مركز صنع القرار به هو رئيس الجمهورية)، أو نظام حكم برلمانى (تتشكل به السلطة التنفيذية من داخل البرلمان صاحب الاختصاص التشريعى)، أو نظام مختلط.

وفى الدساتير الديمقراطية، دوما، تكون أهداف باب السلطات العامة هى:

1- إقرار الانتخاب الحر والدورى كآلية لإنشاء السلطتين التشريعية والتنفيذية وتداولهما وفقا للإرادة الشعبية.

2- إقرار مبدأ استقلال القضاء وحصانته.

3- إقرار مبدأ التوازن بين السلطات للحيلولة دون تغول إحداهما (عادة ما تكون السلطة التنفيذية) على الأخريين.

4- إقرار مبدأ خضوع أجهزة الدولة الإدارية والعسكرية والأمنية فى ميزانياتها وأعمالها لرقابة السلطتين المنتخبتين التشريعية والتنفيذية.

5- إقرار آليات واضحة للرقابة على السلطات العامة ومحاسبة المسئولين والموظفين العموميين، منتخبين ومعينين.

6- إقرار مبدأ شفافية أعمال السلطات العامة كترجمة دستورية للحق الأصيل للمواطن فى معرفة ما تقوم به سلطات أنشئت لتحقيق صالح المجتمع والحفاظ على مصالح الأفراد.

استنادا إلى هذه الأهداف الديمقراطية الستة يتعين علينا قراءة وتحليل باب السلطات العامة فى مسودة دستور مصر. استنادا إليها، وإدراكا لضرورة تجاوز خبرة الاستبداد الرئاسى التى ارتبطت منذ 1954 باختصاصات واسعة وصلاحيات مطلقة لرئيس الجمهورية دون رقابة أو محاسبة وباستتباع للسلطتين التشريعية والقضائية، يتعين التقييم والإجابة على السؤال المركزى: «هل مصر فى ضوء الصياغة الراهنة لباب السلطات العامة مع بناء ديمقراطى أو هندسة ديمقراطية لنظام الحكم فى الدستور الجديد؟».

واقع الأمر، وباستثناء الهدف الأول المتمثل فى إقرار الانتخاب كآلية لإنشاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، تنتقص مواد باب السلطات العامة من كل الأهداف والمبادئ الديمقراطية الأخرى على نحو صادم. فلا استقلال القضاء الكامل وحصانته يضمنان، ولا كف ليد الرئيس والسلطة التنفيذية عن التدخل فى السلطتين التشريعية والقضائية يتحقق، ولا تجاوز لبرلمان منقوص الصلاحيات ليس له أن يناقش ميزانية القوات المسلحة وبه مجلس ثان لا دور حقيقيا له يحدث، ولا آليات محددة للرقابة على الرئيس واسع الصلاحيات ومحاسبته تتبلور، ولا إلزام حقيقى بشفافية أعمال السلطات العامة يفرض.

1 التعليقات:

  1. الحاج محروس مححروس محمد اسماعيل13 November 2012 at 06:47

    قال سقراط الفيلسوف:... دع الماضى للماضى.... وكن فى حاضرك..... ودع المستقبل لله......(الحاج محرو س محروس محمد اسماعيل

    ReplyDelete

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -