اليوم السابع


مع استمرار تراجع المؤشرات المالية لمصر، يبقى الرقم الأهم والأكثر إلحاحًا فى المعادلة الاقتصادية فى ظل الاضطرابات السياسية المستمرة، هو الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى، والذى تراجع إلى مستوى شديد الخطورة ليصل إلى 13.6 مليار دولار، منه 9.6 مليار دولار، تمثل السيولة الدولارية المتاحة لاستيراد مصر المواد الغذائية والبترولية، والدفاع عن الجنيه المصرى بضخ دولارات فى البنوك لمقابلة الطلب على العملة الأمريكية.. وينفرد "اليوم السابع" فى هذا التقرير الشامل بنشر التفاصيل الكاملة للاحتياطى بكافة مكوناته.

ويبلغ حجم السيولة الدولارية الحالية للاحتياطى الأجنبى – 13.6 مليار دولار – 9.6 مليار دولار، من ودائع لقطر بنحو 4 مليارات دولار، ومليار دولار من المملكة العربية السعودية، ومليار دولار أخرى من تركيا، فى شكل ودائع من قبل تلك الدول بآجال تتراوح بين 5 و8 سنوات، بإجمالى ودائع يبلغ 6 مليارات دولار، بالإضافة إلى نحو 3.6 مليار دولار، استثمارات فى أذون خزانة – أدوات دين حكومية – أمريكية وأوروبية، ومن الممكن بيع تلك الاستثمارات خلال أيام التعاملات الرسمية.

وتعد الودائع القطرية الرقم الأكبر فى تركيبة الاحتياطى الحالية من السيولة الدولارية المتاحة للبنك المركزى، حيث كشف مسئول مصرفى رفيع المستوى، بالبنك المركزى المصرى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، عن أن الودائع القطرية لمصر ارتفعت إلى 4 مليارات دولار، دخلت بالفعل حسابات البنك المركزى منها نحو 2 مليار دولار على 4 شرائح قيمة كل شريحة 500 مليون دولار، و2 مليار دولار ودائع أخرى دخلت حسابات "المركزى" فى شهر ديسمبر الماضى، ومليار دولار عبارة عن منحة لا ترد من "الدوحة" للقاهرة، لتبلغ إجمالى الأموال التى منحتها قطر لمصر منذ الثورة وحتى الآن إلى 5 مليارات دولار.

وأكد المصدر، لـ"اليوم السابع"، أن الشريحة الأخيرة من الوديعة القطرية بنحو500 مليون دولار وقبلها الـ3 شرائح الأخرى، ساهمت فى الحد من نزيف الاحتياطى الأجنبى لمصر خلال شهر ديسمبر، وذلك تزامنا مع تزايد الالتزامات الدولية المستحقة على مصر من تلبية استيراد السلع والمنتجات الأساسية والبترولية وأيضا قسط من المديونية الخارجية مستحق على مصر بقيمة 700 مليون دولار لدول نادى باريس سددته مصر خلال الشهر الماضى.
ومكون العملات الأجنبية بالاحتياطى الأجنبى لمصر يتكون من سلة من العملات الدولية الرئيسية هى الدولار الأمريكى والعملة الأوروبية الموحدة "اليورو"، والجنيه الإسترلينى والين اليابانى، وهى نسبة تتوزع حيازات مصر منها على أساس أسعار الصرف لتلك العملات ومدى استقرارها فى الأسواق الدولية وهى تتغير حسب خطة موضوعة من قبل مسئولى البنك المركزى المصرى.

وتعد الوظيفة الأساسية للاحتياطى من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى، بمكوناته من الذهب والعملات الدولية المختلفة، هى توفير السلع الأساسية وسداد أقساط وفوائد الديون الخارجية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية، فى الظروف الاستثنائية مع تأثر الموارد من القطاعات المدرة للعملة الصعبة مثل الصادرات والسياحة والاستثمارات، بسبب الاضطرابات إلا أن مصادر أخرى للعملة الصعبة مثل تحويلات المصريين فى الخارج التى وصلت إلى مستوى قياسى خلال العام الماضى، واستقرار عائدات قناة السويس، تساهم فى دعم الاحتياطى، فى بعض الشهور.

وتبقى 4 مليارات دولار تمثل القيمة السوقية لـ75 طنًا من الذهب، تمثل مكون المعدن الأصفر فى الاحتياطى الأجنبى لمصر، وفقًا لآخر جرد تم من البنك المركزى عام 2011، الملاذ الأخير لهشام رامز، محافظ البنك المركزى الجديد فى توفير السيولة الدولارية، ويؤكد مسئول بالبنك لـ"اليوم السابع"، إن لجوء مسئولى البنك لبيع جزء من هذا الاحتياطى لتوفير سيولة دولارية تتيح مقابلة الطلب على الدولار وتلبية طلبات استيراد السلع الغذائية والبترولية، أمر مستبعد فى الوقت الحالى، وهو الحل النهائى والأخير فى حالة نضوب الاحتياطى الأجنبى لمصر.

ومنذ عهد الرئيس المصرى الراحل، جمال عبد الناصر، استقر مخزون مصر الاستراتيجى من الذهب فى خزائن البنك المركزى عند 75 طنًا، إلى يومنا هذا، ولجأ "عبد الناصر"، فى ستينات القرن الماضى إلى بيع جزء من احتياطى مصر من الذهب، قدر بنحو 15 طنًا، وذلك فى الأسواق الدولية، بسبب حرب اليمن، وقرار الولايات المتحدة الأمريكية وقتها، بوقف توريد القمح لمصر، وهدف قرار البيع وقتها توفير العملة لشراء القمح من مصادر دولية أخرى لتجنب أزمة غذاء كانت ستعصف بمصر.

وتبقى مدى قدرة البنك المركزى على دعم الجنيه المصرى الذى تراجع بنحو8%، وفقد 55 قرشًا، من قيمته خلال شهر يناير الماضى، محل جدل بين المحللين والمتخصصين، حيث يضخ "المركزى"، معروضا دولاريا من الاحتياطى الأجنبى لديه، عن طريق 3 عطاءات للعملة الصعبة للبنوك العاملة فى السوق المحلية، لمقابلة الطلب على العملة الأمريكية، بعد أن أصبح الدولار، ملاذًا استثماريًا آمنًا للمصريين، إلى جانب الذهب.

وهناك معايير دولية محددة لذهب الاحتياطيات الدولية للبلاد، يتطلب أن تكون درجة نقاء المعدن النفيس عالية، وتصل إلى 99.9%، ويضع البنك المركزى المصرى خطة طويلة الأجل، لدعم الاحتياطيات من الذهب، تعتمد بالأساس على مدى توافر الموارد الدولارية لشراء المعدن النفيس بالأسعار الدولية، وتظهر بيانات صندوق النقد الدولى أن مصر تمتلك 2.5 مليون أوقية ذهب – الأوقية 31.1 جرام – بإجمالى 75 طنًا.

وتظهر بيانات صندوق النقد الدولى، أن العراق خفض حيازاته من الذهب بمقدار الربع إلى نحو 30 طنًا فى شهر نوفمبر الماضى، وذلك بعد جهود لتعزيز الاحتياطيات فى الآونة الأخيرة، وجاء تراجع نوفمبر بعد أشهر فقط من زيادة كبيرة فى حيازات العراق هى الأولى منذ سنوات، واحتياطيات "بغداد" ضئيلة بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية التى تملك حيازات هى الأكبر على الإطلاق وحجمها 8133 طنًا لكن العراق يظل فى المرتبة الـ44 بين أكثر من 115 دولة على قائمة حيازات الذهب لصندوق النقد الدولى.

ومشتريات البنوك المركزية للذهب تعد من المصادر الرئيسية لدعم أسعار المعدن النفيس التى سجلت مستويات قياسية مرتفعة فى سبتمبر 2011، وارتفعت احتياطيات روسيا من الذهب 19.9 طن إلى 957.8 طن فى ديسمبر لتقفز مركزين إلى المرتبة السادسة على مستوى العالم من حيث حيازات المعدن النفيس، وفى ديسمبر أيضا زادت تركيا احتياطياتها 45.6 طن إلى 359.6 طن، وتسمح تركيا للبنوك التجارية باستخدام الذهب كضمان للقروض.

وسعى البنك المركزى المصرى بعد ثورة 25 يناير عن طريق استراتيجية اتبعها الدكتور فاروق العقدة، المحافظ السابق، إلى المحافظة على استقرار سوق الصرف، وذلك حرصًا على تجنب زيادة معدلات التضخم – ارتفاع مستوى أسعار السلع والمنتجات – وتفادى تأثر مستوى معيشة المصريين، خاصة قطاع محدودى الدخل، فى ظل عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية، الذى جاء بعد ثورة 25 يناير، وذلك بالتوازى مع الالتزام بسداد كافة المستحقات بالنقد الأجنبى على الحكومة سواء كانت خارجية أو داخلية حفاظًا على سمعة مصر الدولية.

ومع تأثر التدفقات النقدية بالعملات الأجنبية لمصر من قطاعات السياحة والاستثمارات الأجنبية بشقيها المباشرة وغير المباشرة – استثمارات أذون وسندات الخزانة - عمل البنك المركزى على الاحتفاظ بمستوى آمن للاحتياطى بالنقد الأجنبى، مع تأكيد مسئول بالبنك أن الانخفاض كان "حتميًا" لمقابلة الالتزامات على الدولة، ورغم ذلك تراجعت تلك الاحتياطيات بأكثر من 21 مليار دولار خلال 25 شهرًا مضت.

وفى سبتمبر 2011 أعلن البنك المركزى المصرى، عن أن وزن الذهب المودع بغطاء الإصدار بلغ 75.6 طن، بقيمة 4.4 مليار دولار، بأسعار الشهر نفسه، بعد الانتهاء من عملية الجرد عام 2011، وبعد المطابقة مع نتائج الجرد السابق والذى تم عام 2006، ويتم إجراء جرد دورى كل 5 سنوات لهذا الاحتياطى ويتم إعادة إيداع الذهب بالصناديق الخاصة به، وغلقها وتحزيمها وتحريزها بالشمع الأحمر، وختمها على جميع جوانبها بأختام الإدارات المعنية بالبنك وفقا للقواعد المقررة لذلك، ويتم عرض نتائج الجرد على مجلس إدارة البنك المركزى.

وفقدت أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى 1.4 مليار دولار، بنهاية شهر يناير 2013، ليسجل الاحتياطى حاليًا 13.6 مليار دولار، من أرصدة بلغت 15 مليار دولار، بنهاية ديسمبر الماضى، ويغطى 3 أشهر من الواردات السلعية للبلاد، وتغطى حاليًا 3 أشهر فقط، من الواردات السلعية لمصر، مقارنة بتغطية 8.6 شهر فى يونيو2010، مقدرًا على أساس الواردات السلعية خلال السنة المالية 2010 – 2011، وتراجعت الاحتياطيات الأجنبية للبلاد بشكل حاد وبقيمة إجمالية بلغت نحو 22.4 مليار دولار منذ يناير 2011، عندما كانت 36.1 مليار دولار فى نهاية شهر ديسمبر 2010.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -