لا يكفى أن يعتذر الابن الأكبر للرئيس عن جريمة تعدى شقيقه الأصغر على ضباط الداخلية بالشتم والإهانة والتهديد والوعيد.. حتى اعتذار الرئيس وحده ليس كافيا لمعالجة هذه المهزلة إن صحت وقائعها وتفاصيلها المنشورة فى صحف الأمس.

إن أمام الرئيس فرصة ليثبت للمصريين، مؤيديه قبل معارضيه، أن أحدا ليس فوق القانون، ومن ثم يجب أن يطبق الدكتور مرسى القانون على ابنه قبل أن يدعو الناس لاحترامه والتزامه وعدم الخروج عنه.

وحسب الوقائع المنشورة نحن أمام واقعة تعد باللفظ وإهانة موظف عام أثناء تأدية عمله، حتى لو كان العمل هو تأمين وحماية أسرة الرئيس، وهذه واقعة لا يجوز فيها الاكتفاء بالاعتذار للضابط الشاب المعتدى عليه.. وحتى إذا قبل ضابط الشرطة الاعتذار وتنازل عن حقه فإن حق المجتمع لا ينبغى التفريط فيه إن كنا حقا جادين فى إقامة دولة العدل والقانون.

وبصرف النظر عن أنها ليست المرة الأولى التى يحل فيها اسم الابن الأصغر للرئيس ضيفا على عناوين الوقائع والقصص المثيرة، فإن الأمر هذه المرة يبدو أكثر فجاجة وإشارة شديدة السلبية للمجتمع إن تم السكوت عنها وإحالتها إلى أرشيف هذا النوع من الحوادث، وعليه مطلوب من الرئيس أن يأمر هو شخصيا بالتحقيق فيها بشكل نزيه ومعلن ومعاقبة المخطئ لو ثبت خطأه.

وأذكر أنه فى شهر أغسطس الماضى كانت بداية ظهور اسم ابن الرئيس مرسى فى الحياة العامة، ليس باعتباره مواطنا عاديا، بل بوصفه «كائنا رئاسيا» يتحدث فى أمور تخص مؤسسة الرئاسة وقد قلت فى ذلك الوقت «لسنا فى حاجة للتذكير والذكرى تنفع المؤمنين بأن بداية ابنى الرئيس المخلوع كانت بمباراة كرة شراب أو كرة قدم سداسية، تبارت صحف ووسائل إعلام فى تغطيتها، والكلام عن مهارات علاء الفردية، وشراسة جمال الهجومية والدفاعية، وانتهى الأمر بأن سيطر الولدان على الملعبين السياسى والاقتصادى بشكل كامل. وللذكرى أيضا، كان الرد على كل من يفتح فمه بكلمة عن حضور ابنى الرئيس أو استحضارهما فى الحياة العامة أو فى الإعلام، أنهما شابان مصريان لا ينبغى أن نحرمهما من كل ما يتمتع به شباب مصر لمجرد أن حظهما العاثر جعلهما ابنى رئيس الجمهورية»

إن المصريين ينتظرون إجابة رئيس الجمهورية عن سؤال صعب فرضه تصرف ابنه الأصغر عليه: هل نحن فى دولة قانون كل المصريين أمامه سواء؟

وهذا السؤال تفرضه أيضا واقعة «قوائم أخونة الوظائف العامة» التى أعلن عنها رئيس حزب النور السلفى على الهواء مباشرة فى جلسة الحوار بشأن ضمانات نزاهة الانتخابات، وهذه أيضا فرصة للرئيس لكى يثبت لعموم الشعب أن الجماعة التى ينتمى إليها ليست طبقة علوية فى المجتمع، تحظى بما لا يتاح للآخرين.

وإذا كان الرئيس قد كلف مساعديه بالبحث والتحقيق فى هذا الملف الشائك فإن الضرورة السياسية والمجتمعية تقتضى الإسراع بإعلان النتائج والحقائق وتصحيح الأوضاع المغلوطة وإبعاد المسئولين الذين اعتمدوا منطق الولاء والقربى على حساب معايير العدالة والمساواة والكفاءة.

ودون ذلك سنكون أمام واقع كئيب ومخيف.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -