عندما تقرأ على شريط الأخبار على القناة المملوكة لنجيب ساويرس «اشتباكات بين المواطنين والإخوان فى الإسكندرية» فإنك تكون على بعد آلاف الأميال من مفهوم الدولة والمواطنة الصحيحة، وتصبح قريبا جدا من مجتمع الغابة وقيم ما قبل اختراع الدولة.

وعندما تقرأ لساويرس شخصيا تغريدة على تويتر أمس تقول نصا «صباح النصر على الاحتلال» فإنك تجد نفسك فى أتون نزعة إقصائية استئصالية نهايتها المحتومة هى الارتداد لحالة حروب الإبادة والعنصرية.

إن الكثير من النخب السياسية تسلك هذه الأيام وكأن مصر ليست دولة مستقرة لها نظام اجتماعى وسياسى راسخ ومحدد الملامح والقسمات.. يتصرفون وكأننا بصدد اكتشاف قارة جديدة تحرك داخل كل فصيل نوازع الهيمنة والاحتكار والتملك، حتى لو كان السبيل إلى ذلك إبادة كل المنافسين والشركاء فى هذا الاكتشاف.

ويدهشك أن بعضا من هؤلاء الممتلئين نشوة وشهوة لتطهير مصر من مصريين آخرين يوصمون بأنهم قوات احتلال هم أنفسهم الذين تغنوا ببسالة الإخوان المسلمين وبطولاتهم فى إنقاذ ثورة يناير العظيمة من الفناء على أيدى عصابات نظام مبارك يوم موقعة الجمل، وأترك لك رابط هذا الفيديو الذى يسجل شهادات الذين يطالبون بجلاء الإخوان والإسلاميين عن مصر اليوم www.youtube.com/watch?v=uw8tKuk56ns&feature=youtube_gdata_player إن الذين يدعونك للانقلاب على أول معطى ديمقراطى لمصر الثورة اليوم ويدفعونك للإمساك بالسيوف لنحر الخرفان هم أول من تحدث عن فضائل الإخوان وأفضالهم على ثورة يناير، حين تشبثوا بمواقعهم فى الميدان يذودون عن الثورة ويموتون دفاعا عن المتظاهرين فى لحظة انصرف فيها عديدون متأثرين بالخطاب العاطفى للمخلوع الذى ابتز به المشاعر ونصب كمينا كادت تسقط فيه الثورة وتنتهى إلى غير رجعة.

نعم أخطأ الإخوان والإسلاميون حين صدروا لشركاء الثورة إحساسا بأنهم راغبون فى الاستحواذ والهيمنة، غير أن خطأ الصديق لا يبرر أبدا أن ترتمى فى أحضان العدو وتحارب تحت رايته، وأظن أن المشهد شديد الوضوح الآن بعد أن تحول أبطال ثورة يناير إلى كومبارس فى انقلاب ٣٠ يونيو، وتكفى شهادات الثوار الذين صاروا غرباء منبوذين فى ميدان ثورتهم دليلا دامغا على أن يونيو ليس امتدادا ليناير بل ردة عليه وسيرا عكس اتجاهه.

ويبقى أن مصر فى اختبار سياسى وأخلاقى عظيم اليوم.. فإما تثبت أنها دولة تتمتع بمكونات نظام سياسى واجتماعى محترم، أو تقول للعالم إنها مجتمع يمور بصراع بين قبائل متناحرة سينتهى حتما بفناء الجميع.

وقبل أن تخرج اليوم أرجوك راجع ذاكرة ثورتك واستفت قلبك وعقلك قبل أن تلطخ يديك بدماء الذين واجهوا الموت والغدر معك.. تذكر شهداء يناير واستمع لصراخهم على ضميرك الذى نجح تجار الدم فى دفنه تحت ركام من الأكاذيب والأوهام.

اللهم فاشهد.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -