لأننا انقلبنا على كل مباديء الثورة، فمطلب الثورة الأساسي كان إسقاط النظام؛ كل النظام بما فيه الداخلية وبلطجيتهم، وهيمنة العسكر على الدولة، والقضاء المزور التابع لدولة مبارك، ورجال الأعمال الذين احتكروا اقتصاد البلاد، والإعلام الفاسد الذي سخرنا منه كثيراً.
لكن الآن، من شارك في ثورة ٢٥ يناير، قرروا التحالف مع الداخلية، ونزلوا مظاهرات شارك فيها بلطجية قتلوا من قتلوا في محافظات مصر ورفعوا السلاح علناً، وينادون الآن بعودة حكم العسكر، ويدافعون عن الزند وحاشيته الذين يرون أن توريث القضاء هو زحف مقدس، ويدافعون بشراسة عن رجال أعمال النظام القديم المشهورين بفسادهم، ويروج لهم ويمدح فيهم نفس الإعلام الذي كان يحقرهم ويتهمهم بالعمالة والخيانة.
لهذا، فإنه من غير المنصف ولا اللائق ولا الجائز، أن نسمي الأشياء بغير مسمياتها. ثورة ٢٥ يناير انتهت لما وضعت مصر على أول خطوات الديمقراطية، ولما خرج قرار مفاجيء بعزل العسكر: طنطاوي وعنان.
ربما لا تكون ثورة يناير قد حققت أهدافها، وربما لا يكون حكم محمد مرسي هو النهاية المأمولة لثورة عظيمة. لكن ما يحدث الآن ليس أبداً استكمالا للثورة، لأن الأهداف لم تتغير فقط، بل انعكست وصارت وكأنها تسير بشكل مضاد تماماً لأهداف الثورة الأولى
عصر ثورة يناير قد انتهى، بكل ما فيه من مصطلحات ثوار وفلول كذلك، انتهى بكل ما حدث من وقفات ومظاهرات وقتل وسقوط شهداء. انتهى بداخليته وعساكره وإخوانه وميدانه.
والآن بدأ عصر جديد، عصر له حسابات مختلفة وحسابات معقدة، لكن ملامحه الأساسية هي معركة شرسة بين النظام القديم، بداخليته ورجال أعماله وإعلامه، والنظام الجديد بقدرته على الحشد والتنظيم، وتشارك في المعركة معارضة تكره الإخوان وتسعى للتحالف مع الشيطان نفسه مقابل إسقاطهم، وشعب يعيش حالة اقتصادية تعيسة للغاية.
هذه أطراف المعادلة الجديدة، فتعاملوا معها بواقعية، ولا تلوموا "ثوار" الأمس على تحالفهم مع الفلول، لأن هذا صار من حديث الماضي.
0 التعليقات:
Post a Comment