بوابة الاهرام
تحدث المتحدث العسكري العقيد أحمد محمد علي، في حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية في عددها الصادر اليوم الجمعة عن حروب غير نمطية الآن تشهدها منطقة الشرق الأوسط هي حروب معلومات تواجه بالمعلومات، كما تحدث عن دور الجيش والتحديات الحالية بعد 30 يونيو الماضي ودخول مرحلة انتقالية جديدة إثر عزل الرئيس السابق محمد مرسي بعد تدخل الجيش تأييدا لملايين نزلوا إلى الشوارع مطالبين بالتغيير.
وقال المتحدث العسكري:إن ما أريد أن أؤكده حول هذا الكلام هو أن هناك خطوات محسوبة ومعروفة بدأت منذ قرار مساندة الشعب المصري في الثورة. كانت هناك رؤية واضحة؛ أن هناك ثورة، وأن هناك متطلبات للدفاع عن ثورة الشعب، والدفاع عن الشعب نفسه في ظل وجود ملايين في الشارع لهم حقوق ولهم تطلعات ولهم إرادة شعبية.
وتابع: دور الجيش طبقا للدستور وفي أي بلد في الدنيا الحفاظ على الإرادة الشعبية والأمن القومي، وبالتالي هذا كان هدف التدخل في البداية. طبعا، الأوضاع على الأرض تطورت، وبات يوجد مثل هذه المظاهرات غير السلمية.. طبعا، إذا كنت تريد أن تتظاهر وتعتصم لأي مدة، ولو لسنين، (من الممكن) لكن في ظل إطار سلمي ويحافظ على حقوق الإنسان ولا يضر بالآخرين.
إلا أن المتحدث قال إنه تلاحظ أن المظاهرات خارجة عن سياق السلمية، بل تنحو نحو العمل العنيف في مشاهد كثيرة، وبالتالي تزامن مع هذا أعمال إجرامية على مستوى أوسع في سيناء قد توصف بالإرهاب.
وقال إننا نرى اليوم استهداف حافلات بـ"آر بي جيه" واستهداف مدن بصواريخ "جراد" وهاون، وقتل يومي لرجال الشرطة والجيش في سيناء.. حل هذا الأمر يحتاج إلى توافق شعبي، خاصة أن كل هؤلاء مصريون وليسوا من جنسيات أخرى. وبالتالي، هذا ربما هو السبب الرئيس (في التأني).
وأشار إلى أن الفريق أول عبد الفتاح السيسي حين طلب تفويضا، لم يكن هذا التفويض مقترنا بتوقيت.. لم يقل أعطوني التفويض يوم الجمعة لأتخذ إجراءات صباح السبت. هذا لم يحدث. كما قلت هم مواطنون مصريون، الأمر يتطلب كثيرا من التقديرات والحسابات والاعتبارات الخاصة بالأجهزة الأمنية التي ستقوم بفض الاعتصام، وللتعامل مع هذا الأمر هناك اعتبارات كثيرة يتم مراعاتها. وبالتالي، هذا لا يعني أن هناك تراجعا أو أن هناك ضغوطا. بالعكس.. هناك إرادة وهناك رغبة وحرص على التنفيذ.
وتابع العقيد أحمد محمد علي: القوات المسلحة، والفريق أول عبد الفتاح السيسي شخصيا لم يخالف ما عاهد عليه الشعب ولم يخالف التوقيتات التي التزمها. ولكن هذا الأمر أسيء تفسيره في وسائل الإعلام بأن الاعتصام سيفض عقب التفويض بيوم. وهذا لم يحدث ولم يقترن بوقت، وكما قلت إن الوقت تحسبه الأجهزة الأمنية التي تقوم بهذه الأعمال بالتوازي مع وسائل أخرى. ونتمنى أن يكون هناك فض سلمي لهذا الأمر. لا أحد يرغب، والقوات المسلحة لا ترغب أبدا أبدا، في أن نرى دماء أي مصريين.
ولفت المتحدث العسكري إلى أن هناك استجلابا للأطفال والنساء للاعتصام. والطريقة التي يدار بها الاعتصام، الطريقة التي يدار بها العنف، تنمي من فرص استهداف السيدات والأطفال، وهذا شيء طبعا نحرص على تجنبه.
وأضاف :القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لها أسلوبها في العمل وفي التخطيط وفي الإعداد والتجهيز واختيار التوقيت المناسب وتمهيد الظروف وإيجاد الظروف المناسبة لتنفيذ أي عمل. هذا عسكريا أو أمنيا لا يعلن عنه. وفي نفس الوقت، وهذا ما نؤكده، نتمنى من الله أن يدركوا أنهم ليسوا في مواجهة مع جيشهم، ونتمنى أن يتفهموا أن هناك واقعا جديدا وليست هناك مواجهة. الذي في الجيش هو أخوك أو قريبك.
وأوضح أن الخطير في الأمر هو استخدام عقول ومحاولة تفسير الأمر من على منصة "رابعة العدوية" أن هناك معركة حتمية بين الإسلام والكفر، وكأن في مصر لا يرفع أذان، وكأن في مصر لا يصوم المصريون بعد ذهاب الرئيس المعزول، وكأن الإسلام ينتهي في مصر، وللأسف بعض الناس تعتقد هذا الأمر. أيضا.
وقال: "الإخوان"، أو أشقاؤنا الموجودون في "رابعة العدوية" مصريون، منهم جاري ومنهم زميلي في الفصل الدراسي، وقد يكون بعض الأشقاء داخل البيوت المصرية من هو إخوان ومن هو ليس إخوان. وبالتالي تفسير الأمر على أنه أمر ديني هذا تفسير أعتقد أن فيه الكثير من التضليل والاستخدام لأهداف سياسية مشبوهة، وتفسير خطير. هذا ليس أمرا دينيا، هذه جولة سياسية خسرها تيار ما، ولكن الحياة السياسية تستمر ومستقبل مصر مستمر.
وأكد أنه ليس هناك مستقبل لبلد يبنى دون كافة أبنائه. وهذا شيء يجب أن يفهموه بجدية، لأننا أشرنا منذ اللحظة الأولى إلى إعلان خارطة المستقبل؛ أنه لا استثناء ولا إقصاء لأحد ولا مطاردات، لكن طبقا للمعلومات المرصودة داخل "رابعة العدوية" هناك فزاعة تقول إنه سيتم اعتقالكم، وهذا بغرض إبقائهم في الاعتصام وعدم خروجهم. لن يؤخذ أي إجراء استثنائي. هناك الكثير من القيادات موجودة، أما المضبوطون في تهم معينة فالأمر متروك للقضاء.
وتابع : منذ أن تولى رئيس الجمهورية ومنذ تشكيل الحكومة، لم تدخل القوات المسلحة في المشهد السياسي نهائيا، وأعتقد أن هناك داخل مؤسسة الرئاسة أحد المستشارين الأفاضل مسئولا عن ملف المصالحة والعدالة الانتقالية، وتحدثوا في هذا الموضوع أكثر من مرة، وهناك محاولات من مؤسسة الرئاسة في هذا الأمر، لكن المؤسسة العسكرية ليست شريكا في هذا التواصل السياسي منذ تولي رئيس المحكمة الدستورية العليا مهام الرئيس (المؤقت).
وقال: هناك معلومات مؤكدة أن هناك أسلحة، وهذه تشاهد في مواقف مختلفة، أثناء المسيرات.. كل مسيرة يتبعها عنف يرصد فيها أنواع مختلفة. لكن، فكرة وجود صواريخ وهكذا فهذه معلومات يجري تدقيقها، ولكن هناك أعداد كبيرة من الأسلحة في هذه الأماكن. وبالنسبة للدعوات الغربية حول الحفاظ على المسيرات السلمية، فإن هذه المسيرات ليست سلمية. في كل فعالية من الفعاليات يظهر سلاح وينتج عنه قتلى. وللأسف، يسقط قتلى من الطرفين. في واقعة "الحرس الجمهوري" لدينا ضابط أصيب بطلقة من بندقية آلية "كيه 47" اخترقت أعلى رأسه واخترقت المخ وخرجت من ذقنه. وهو في حالة سيئة جدا. استخدام الأسلحة من جانب المتظاهرين مرصود بشكل كامل، وهذا يؤكد أنه عند التحرك والمسيرات والاحتكاك والاستفزاز عند بعض الأماكن، دائما ينتج عنها خسائر كبيرة وتنتهي بمشهد مأساوي لا يتمناه أحد.
وتابع : لا يوجد للمؤسسة العسكرية دور سياسي أبدا.. نحن حريصون على ذلك من اللحظة الأولى للبيان (الخاص بخارطة المستقبل) الصادر يوم 3 يوليو وأعلنه وزير الدفاع. وفي البيان (قلنا) إننا نرفض أي دور سياسي. والإجراءات التنفيذية الناتجة عن البيان ليس فيها دور سياسي زائد أو بارز للقوات المسلحة عن دورها الطبيعي. نريد أن نحقق شكلا ديمقراطيا صحيحا للثورة المصرية. نحن عاصرنا ثورة 25 يناير، لكن ثورة 25 يناير كان فيها شيء مختلف.. الأسرة المصرية، وما كان يقال في السابق عن حزب الكنبة (أي غير المشاركين في الحراك السياسي) نزلوا في هذه الثورة، وشاهدنا كل مصر في الشارع. استوقفنا مشاهد المصريين والأطفال.. هناك صورة لسيدة عمرها نحو 90 عاما في عربة وممسكة بعلم مصر. ثورة عظيمة كانت تستحق دعم القوات المسلحة، وأيضا تستحق الدعم الدولي.
وأضاف :السادات لم يكن عسكريا حين تولى قيادة البلاد. الرئيس (الراحل) السادات كان يعمل في وظيفة مدنية قبل أن يتولى رئاسة الجمهورية، والرئيس (الأسبق) مبارك كان يعمل في وظيفة مدنية قبل تولي الرئاسة. فكرة أن المؤسسة العسكرية أو الجيش المصري يحكم البلد بنفسه، وصف مبالغ فيه. الشعب المصري يحب مؤسسته ويعتمد على رجالها، وقادتها لهم دور تاريخي في تاريخ مصر الأخير، وبالتالي هذا شيء طبيعي.
وأضاف: منذ المرحلة الانتقالية الأولى، والبيان الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء الثورة الأولى، أكد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يكون بديلا عن الشرعية، وأكد أنه لن يكون هناك دور سياسي وأنه لن يترشح أحد من أعضاء المجلس العسكري أو المؤسسة العسكرية للرئاسة. وهذا ما حدث والتزمناه، مع أن الكثير كانوا يكذبون نوايانا وأثبتنا أننا ملتزمون بما تعهدنا به وسلمنا السلطة لرئيس مدني منتخب. هذا الهاجس الموجود لدى البعض وموجود لدى الغرب عن المؤسسة العسكرية، أعتقد أنه غير صحيح. مصر كبيرة ولديها الكثير من القدرات ولديها الكثير من الأبناء الذين يمكن أن يتولوا (المواقع)، والقوات المسلحة دائما موجودة وتدعم شعبها في إطار دورها المكفول لها في الدستور.
وقال : اتجاه الدولة المصرية هو المضي قدما نحو المستقبل، ولا بديل عن خارطة المستقبل كما أكد ذلك رئيس الجمهورية والسيد وزير الدفاع، لأن الشعب هو من اختار هذه الخارطة، ولا بد على مصر أن تتحرك في الاتجاه الصحيح.
0 التعليقات:
Post a Comment