جاءت مناشدة "المركز المصري للحق في الدواء" لكافة الأجهزة المسئولة بالدولة لإنقاذ مرضي الهيموفيليا "سيولة في الدم"، الذين يفقدون حياتهم منذ عامين؛ بسبب عدم وجود أدوية مخصصة لهم وتعددت الوفيات منذ شهرين. لتكشف حجم مأساة مرضي "الهيموفيليا" الذي وصل عدد ضحاياه إلى أكثر من 10 آلاف مريض.

وبعد قرار الحكومة المصرية برئاسة الدكتور حازم الببلاوي، بإغلاق المصنع المسئول عن تصنيع "الفاكتور المحلي" علاج الهيموفيليا، الذي كان سعره حينها 80 جنيهًا، بحجة عدم وجود سيولة مادية وبحجة أن المصنع غير مطابق للمواصفات القياسية للجودة، وتم فرض علاج بديل على المرضى مستخرج من مشتقات الدم "البلازما والكرايو"، الذي ينتج عنه إصابة 80% من مرضى الهيموفيليا بفيروس سي.

وأكد المركز المصري للحق في الدواء على ضرورة توفير الفاكتور 8 ، 9، وإلزام وزارة الصحة بتوفيره بجميع المستشفيات العامة، ومستشفيات التأمين الصحى.

وطالب المركز الدولة بتوفير العلاج على نفقة الدولة لكل مريض "هيموفيليا" ليس له تأمين صحي، بصفة دائمة، دون قيد أو شرط.

ونوه المركز إلى ضرورة توفير أطباء متخصصين فى أمراض الدم، أو تأهيل أطباء الباطنة لهذا المرض بجميع مستشفيات الجمهورية، مع العمل على فتح أقسام بجميع المستشفيات لمرضى الهيموفيليا، وإعادة التعجيل بفتح مصنع الفاكتور بمصر كما كان موجود سابقًا، مع مواكبة التطوير فى العلاج المستخدم.

وتقدم المركز ببلاغ إلى النائب العام يحمل رقم 508 ضد كل من رئيس مجلس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي، الدكتور مجدي الإكليني، رئيس جمعية أصدقاء مرض النزف.

المرضى:

صرخات والدة إحدى مرضي "السيولة في الدم" كشفت عن مفاجأة من العيار الثقيل، حيث أصيبت ابنتها نرمين أحمد البالغة من العمر 9 سنوات، بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي "سي"، نتيجة نقل الدم إليها، إلا أن ما يزيد من معاناتها وغيرها من الأطفال المصابين، هو أن علاجهم من فيروس الكبد الوبائي، يستلزم التوقف تمامًا عن نقل الدم السائل إليهم.

هذا ما أكدته والدة نرمين، التي تخرج كلماتها بصرخات تعبر عن حجم ما تعانيه، مشيرة إلى أن مسئولين بالشركة القابضة للمصل واللقاح أكدوا لها أن مصنع معالجة سيولة الدم ببلازما بشرية مجففة، متوقف عن إنتاج هذه البلازما الجافة منذ نحو ستة أشهر.

ومن جانبه، أكد أحمد سالم أحد الحالات مرضى "الهيموفيليا"، أن المصل واللقاح بالدقي كان يقوم بتصنيع "الجولوبين" الخاص بعلاج المرض، وكان هناك نوعان منها المصري والمستورد، وحينها كان سعر المصري هو 80 جنيه والمستورد كان يتم استيراده من فرنسا، وألمانيا، وأمريكا وكان سعره وقتها 250 جنيها.

وتابع سالم حديثه قائلا: "العلاج كان متوفرًا بكثرة في شهر رمضان من كل سنة، حيث كان يتم صرف العلاج بالمجان سواء المصري أو المستورد الأجنبي، وبعد ثورة 25 يناير أغلقت شركة (فاكسيرا ) المصنع المسئول عن تصنيع العلاج لنا، وأصبحت الحاجة الوحيدة المتوافرة أمامنا هي نقل البلازما، أو الكرايو، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة تعلم جيدًا مدى خطورة هذا العلاج بالنسبة للمرضى.

كما أضافت نهي السيد، والدة لطفلين، سالم يبلغ من العمر 14 عامًا، ومحمد 12 سنوات، يعانيان من سيولة الدم، مبينة أن ظروفها لا تسمح بشراء الدواء لهم، في الوقت الذي أصيبا فيه بانسداد في بعض الشرايين نظراً لتأخرهم في تناول الدواء قبل ذلك.

وتابعت، "الأخطر من ذلك أن أولادي، والحالات المشابهة لهم يتم علاجهم في مستشفى الطلبة للتأمين الصحي، ويتم احتجازهم مع مرضي الأمراض الصدرية والمزمنة، والأهم من ذلك كله أنهما أصيبا بمرض فيروس سي، جراء نقل البلازما لهم في ظل عدم توافر الحقن المضادة للنزيف.

وقال عبد السميع فؤاد أحد مرضي الهيموفيليا، محافظة قنا: "إن جمعية "أصدقاء مرضي النزف" تتاجر بقضية المرضة، مبينًا أن رئيس الجمعية، الدكتور مجدي الإكليني، مدير مستشفى الشبراويشي يستخدم المستشفى لابتزاز المرضى".

وأضاف عبد السميع، أن الإكليني هو المتخصص في صناعة "أس دي كرايو" العلاج البديل، قائلاً: "رئيس جمعية "أصدقاء مرضي النزف" هو المسئول الأول والأخير عن ضياع حقوق مرضي الهيموفيليا في مصر؛ حيث سعى جاهداً إلى غلق المصنع الذي ينتج الفاكتور المحلي؛ ليتجهوا إلى المستورد المرتفع السعر، على حد قوله.

من ناحيته، أكد محمد سماحي، أحد المرضى المصابين بمرض السيولة في الدم، أن جمعية "أصدقاء مرضي النزف" تجمع تبرعات من دول العالم لصالح مرضى السيولة في الدم في مصر دون توصيلها لمستحقيها، وما يتلقوه الآن هو العلاج البديل، الذي يتم استخراجه من مشتقات الدم، ويضاف عليه مواد معالجة كميائياً.

ونوه سماحي إلى، أن التأمين الصحي وقف صرف الفاكتور المحلي بعد توقف المصنع بحجة أن ثمنه غاليًا، لإجبار المرضى بالحصول على العلاج البديل.

وأوضح سماحي، أن 90% من مرضى الهيموفيليا في مصر مصابون بفيرس "c"، كما أن الهيئة العامة للمصل واللقاح "والتي كانت تنتج الفاكتور بسعر 80 جنيهًا بعد غلقها، الآن يشتري المرضى العلاج البديل الغير مطابق للمواصفات بـ1300 جنيه.

وقال سماحي إن مريض الهيموفيليا يحتاج إلى أكثر من عبوة شهريا لأنها تنقل على حسب وزن الجسم، وعلى حسب حجم النزيف الداخلي، والعبوة الواحدة تتكلف 1300 جنيهًا، مشيراً إلى أن العلاج كان متوافرًا فى التأمين الصحي إلا أن تدخل رئيس مجلس إدارة "جمعية أصدقاء مرضى النزف" الدكتور مجدي الإكليني، المسئول عن صناعة دواء "الإس دي كرايو" لفرضه كبديل معدل من مشتقات الدم، مضيفًا: "حياتنا أصبحت في خطر بدل إصابتنا بفيروس سي".

من جانبه، أشار مريض بالهيموفيليا رفض زكر اسمه إلى أن جمعية أصدقاء مرضى النزف تجمع تبرعات تحت مسمى مرضى الهيموفيليا، مبينًا أن أرقام حسابات الجمعية لجمع تبرعات بأسماء المرضى هي:

بالجنيه المصرى: 06005010005964

للعلاج الوقائى: 06005010073652

بالدولار الأمريكى: 06006010000501

سويفت كود: BCAIEGCX600

وأضاف أن، الجمعية كل دورها عمل حملات توعية بالمرض فقط بالتعاون مع شركة "نوفو نورديسك"، مع علمها بإصابة مرضى الهيموفيليا بفيروس "c" نتيجة تناولهم العلاج البديل.

الأطباء:

كشفت الدكتورة توحيدة عبد الغفار، أستاذ كبد الأطفال بطب عين شمس عن وجود مشكلات كثيرة تحدث للأطفال المصابين بالسيولة في الدم حال تناولهم البلازما، والكرايو أبرزها إصابتهم بفيروس سي، وهي نسبة تتجاوز 80% بين هؤلاء المرضي.

وأضافت، أن الأطباء يتجنبون التحول من نقل الدم العادي لهذه الحالات إلى استخدام عوامل التجلط المصنعة بنسبة 100% لزيادة معامل الأمان، مبينة، أن الأسلوب الحالي في العلاج يعتمد على وقف النزيف حال حدوثه، وبالتالي فإن ذلك لا يمنع المضاعفات، بل الأفضل هو منعها بالعلاج الوقائي، بإعطاء عناصر التجلط بصورة وقائية لمنع حدوث نوبات النزيف، وهو العلاج المعروف منذ 20عامًا وأثبت نجاحًا في جعل حياة هؤلاء الأطفال طبيعية.

وأوصت عبد الغفار بضرورة تبني الدولة برنامجًا للعلاج الوقائي يبدأ مع الأطفال في سن 2ـ 4 سنوات، وخاصة ذوي السيولة الشديدة، لأنه لا يحدث نزيف في المفاصل، والعضلات في هذه السن.

وأوضحت الدكتورة توحيدة، أن دراسة مصرية قد أثمرت عن طريقة جديدة لتعقيم مادة الكرايو والبلازما ضد الفيروسات والميكروبات؛ بحيث يكون الدم آمنا 100%، ودخلت حيز التطبيق بعد تحويلها إلى تكنولوجيا قابلة للتطبيق.

كما طالبت الدكتورة آمال البشلاوي أستاذ أمراض الدم بالقصر العيني، بحق مريض سيولة الدم "الهيموفيليا" في الرعاية والعلاج بإعطائه عامل التجلط 8 بصفة دورية، كعلاج وقائي حتي يستطيع تجنب المضاعفات الشديدة لهذا المرض كتيبس المفاصل، خاصة الركبة، والنزيف الذي قد يصيب الأماكن المهمة كالمخ.

ونصحت البشلاوي مرضى الهيموفيليا بضرورة تسجيل أنفسهم في الجمعيات المعنية بشأنهم، ومنها الجمعية المصرية لمرض الهيموفيليا، التي تعطي لكل مريض "بطاقة" مدونا فيها نسبة عامل التجلط وكيفية العلاج في حل تعرضه لأي طارئ.

وأشار الدكتور محسن الألفي أخصائي أمراض الدم، إلى أن طفل الهيموفيليا قد ينزف لأول مرة في حياته في اليوم الأول أو بعد الأسبوع الأول من ولادته، وتزداد فرص النزف حتي تصل حدها الأقصى ببلوغه عامه الأول، ويولد 4% من مرضى الهيموفيليا بنزيف في المخ يصل إلي 10% في العام الأول من العمر.

وعن الحقن قال الألفي يتم بحقن معامل التجلط مرة أو مرتين أسبوعيًا بانتظام شديد لعدة سنوات خاصة الطفولة المبكرة؛ مما يحول دون إعاقة الطفل، وممارسة حياته بشكل طبيعي، مضيفًا: "تكمن الصعوبة في تكلفة العلاج، حيث إن مريض الهيموفيليا يتكلف في أمريكا وأوروبا أكثر من 250 ألف جنيه سنويًا تدعمها الدولة بالكامل، وهناك 6 آلاف حالة مسجلة في جمعية أصدقاء مرضى الهيموفيليا، لكن العدد الحقيقي لا يقل عن 25 ألف حالة، والباقون بدون تشخيص بدليل أن إحدى الحالات تم تشخيصها عن سن 42 سنة.

ويكشف الدكتور الألفي عن العجز في علاج المرضى، موضحًا أن المستشفيات العامة تحتاج إلى 400 مليون وحدة معامل تجلط سنويًا، لا يتوافر منها سوى 10ملايين وحدة، ما يعني الحاجة إلى مزيد من التبرع بالدم ومزيد من فصل البلازما، والكرايو، ومعامل التجلط المشيد وراثيا واستئصال الغشاء السينوفي بالمنظار الجراحي؛ لوقف تشوهات الركبة، أو الكاحل لمرضى الهيموفيليا.


مصر العربية

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -