رأى الدكتور أحمد زويل،العالم الشهير، أن الشباب المكون الرئيسي للثورة المصرية سقط في بئر الصراعات السياسية بين كلا التيارين العلماني الليبرالي والإسلامي السياسي، مشيرا إلى أن الثورة لم تحقق أهدافها نتيجة لغياب الشباب عن المشهد السياسي، بالرغم أنه هو المفجر الرئيسي لثورة الخامس والعشرين من يناير.

وقال زويل - في مقال له نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية - إن طموحات الشباب تحطمت على صخرة الانقسام والتجاذبات بين مختلف القوى السياسية في مرحلة ما بعد الثورة.

ولفت إلى أن مصر دولة فتية، شأنها في ذلك شأن الكثير من المجتمعات العربية، مشيرا إلى أن النشطاء ملأوا ميدان التحرير في عام 2011 سعيا لنيل الحرية والعدالة الاجتماعية، وهذه في حد ذاتها غاية تستحق التضحية.

ومع ذلك، أعرب زويل عن اعتقاده بأن الهدف الرئيسي وراء ثورة 2011 كان التغيير الاجتماعي والاقتصادي وتحسين مناخ التعليم وتوفير فرص العمل والحياة الكريمة، باعتبار ذلك من الشروط الأساسية لازدهار مصر في العالم الحديث.

واستطرد قائلا "الغرب أحيانا ينسى تاريخ مصر الطويل في الإنجازات العلمية، ودور جامعة الأزهر التي تعد قلب التعليم الإسلامي، وهي الجامعة التي تسبق جامعتي أكسفورد وكامبريدج بمئات السنين، وجامعة القاهرة التي تأسست عام 1908 وتعد مركز التنوير في العالم العربي بأسره".

وأردف قائلا " كان لمفكري مصر دور ريادي في إجراء أول انتخابات ديمقراطية في عام 1920 واستمرت حتى الخمسينات من القرن الماضي، بالرغم من أن هذه الفترة كانت تحت حكم ملكي تابع لبريطانيا، وهذه الفترة من الحداثة شهدت بناء مؤسسات علمية ودخول مجالات العلوم الجديدة مثل الخدمات المصرفية والإعلام والرسوم المتحركة".

عبد الناصر

وأضاف زويل أنه ولد في عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي شارك في ثورة عام 1952 للإطاحة بالنظام الملكي وقاد البلاد حتى عام 1970، مشيرا إلى أن فترة حكمه شهدت قصورا في الديمقراطية، بيد أن العلوم والهندسة والتكنولوجيا احتلت أولوية وجعلها من أهم التخصصات في الجامعات المصرية، ومن ثم اجتذبت أفضل الطلاب والدارسين من العالم العربي.

في هذه المرحلة، تم إنشاء مشروعات ضخمة لتطوير البنية الأساسية للبلاد، ومنها بناء السد العالي ومفاعل "إنشاص" النووي، ما تطلب مهندسين مهرة كانت مصر قادرة على توفيرهم في ذلك الوقت، بحسب زويل

أما في فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، انصب الاهتمام- والكلام للدكتور زويل- بشكل أكبر على الإعلام والأمن وبناء المنتجعات العملاقة والمشاريع الترفيهية ، بالرغم من الزيادة السكانية التي فرضت متطلبات للتعليم لم يتم الوفاء بها.

ووجه زويل انتقادا لمصر بشكل خاص والعالم العربي بشكل عام جراء التراجع في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا برغم التفوق السابق في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تعيش عصور الظلام والجهل وقلة المعرفة.

وفى السياق ذاته، لفت زويل إلى توفق دول في المنطقة في مجال البحث العلمي في المنطقة، ك؟إسرائيل وتركيا وإيران، بينما كانت مصر في عهد مبارك تعتمد على إيرادات قناة السويس والسياحة وتصدير الغاز والنفط، مع مساهمة ضئيلة من الصناعات التكنولوجية.

مدينة زويل

وقال زويل إنه بعد الإطاحة بمبارك، دعاه رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف لتأسيس ما أطلقت عليه الحكومة آنذاك مشروع مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا الذي كان مشروعا علميا وبحثيا سبق وأن اقترحه زويل نفسه على مبارك ورؤساء وزراء تعاقبوا على مصر خلال 15 عاما، إلا أنه لم يتحقق.

وبدعم شعبي هائل، تم جمع تبرعات مالية لبناء المشروع على مساحة 100 فدان على مشارف القاهرة.

ولفت العالم المصري إلى أن العمل يجري في الوقت الراهن فيما يتعلق بأبحاث الطب الحيوي والطاقة الشمسية والنانوتكنولوجي وغيرها من المجالات، فيما تقدم ستة آلاف طالب للالتحاق بجامعة زويل.

وأكد زويل استمراره في دعم المشروع الذي يرأس مجلس أمنائه و يضم ستة من العلماء الحاصلين على جائزة نوبل، لكنه شدد على حتمية توقف العنف في البلاد لإنجاح المشروع.

وعلى صعيد متصل، قال زويل إن مصر لها أهمية إستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، وذلك لعدة أسباب، منها قناة السويس واتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل وتعاونها مع الجيش الأمريكي والوكالات الاستخباراتية الأمريكية.

وأردف قائلا " غير أن الحديث عن المساعدات يتركز على النفوذ السياسي وحسب، ولذلك يتعين على الولايات المتحدة التفكير بدلا من ذلك في طرق جديدة للمساعدة"

وألقى الضوء على أن المعونة الأمريكية لمصر تبلغ 1.5 مليار دولار سنويا مخصصة بشكل أساسي للمعدات العسكرية، بينما معونتها لإسرائيل تصل لثلاثة مليارات دولار ليست عسكرية فحسب، وإنما أيضا علمية وصناعية.

فصل ميزانية التعليم

ودعا زويل قادة مصر، أيا كانت قناعاتهم السياسية أو الدينية، إلى فصل ميزانية التعليم والبحث العلمي عن صناديق الدولة، ودعا أيضا القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة إلى دعم ما وصفه برأس مال الإنسانية، مشيرا إلى أن المعونة التي منحتها الولايات المتحدة لكل من اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان في أعقاب الحرب العالمية الثانية ساعدت هذه الدول على إنعاش اقتصادها.

واختتم زويل مقاله بالإعراب عن تفاؤله إزاء مستقبل مصر، قائلا إن شعبها لن يظل على حالته الراهنة المتأخرة 50 عاما عن غيره، لافتا إلى أن المصريين معروفون بصبرهم الذي يعتقد أنه مستمد من خلود النيل، إلا أن صبرهم بات أقل من ذي قبل، ولم تتحقق تطلعاتهم، مؤكدا أن من يرغب في تحقيق آمالهم بحق، يتحتم عليه وضع التعليم والتنمية الاقتصادية على رأس أولوياته.


مصر العربية

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -