جدد السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية الأسبق ورئيس جبهة الضمير الوطني، طرحه مبادرته السابقة التي تنص على عودة الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسي إلى منصبه مرة أخرى لكنه سيكون رئيسًا شرفيًا، ونقل اختصاصاته لرئيس وزراء، يتم اختياره بالتوافق القومي.

واشترط يسري إلغاء كل أثار إعلان 3 يوليو، وأن يعاد تفعيل دستور 2012 مع وقف تنفيذ بعض المواد المختصة بسلطات رئيس الجمهورية وتقليصها، ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مع تحصين الفريق عبد الفتاح السيسي من أي ملاحقة قانونية بسبب أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة.

وأضاف - في حوار لـ "مصر العربية"- أنه لابد أن يتنازل كل طرف عن بعض مطالبه، وأن تكون هناك مصالحة تشمل الجميع دون إقصاء لأحد؛ وذلك كي لا ندخل نفقًا مظلمًا، وللعمل على حقن الدماء ولاستقرار الأوضاع.

وتابع "يسري": "الاتحاد الأوروبي متواطئ ومتآمر مع أمريكا وإسرائيل في الانقلاب الذي حدث، وعلينا أن نعي هذه الحقيقة الواضحة، وبالتالي فلا حديث ولا تفاوض أو تفاهم مع هذه القوي الثلاثة، ومشاكلنا علينا أن نقوم بحلها من الداخل بعيدًا عن أي جهات خارجية"، على حد قوله.

بداية، كيف ترى الحراك الطلابي الآن في العديد من الجامعات المصرية؟

هو حراك عظيم ومؤثر، لأنه قوي وحاشد بالفعل، ينم عن وعي كبير لدى الطلاب وإصرار كبير من جانبهم لكسر الانقلاب، وهو يحرج سلطة الانقلاب الغاشمة، والتي أصبحت سلطة احتلال لوطننا، لكن السؤال الآن حول الحراك الشعبي في مختلف الشوارع والميادين، فقد تراجع إلى حد ما، وهو ما يثير القلق بشكل ما أو بآخر، ولذلك علينا جميعًا أن نتحلى بالصبر والأمل وبذل كل الجهود حتى إسقاط الانقلاب وإنهائه تمامًا، مهما كلفنا ذلك من تضحيات.

وكيف ترى التصعيد الأمني ضد الطلاب خاصة في جامعة الأزهر؟

بالنسبة لجامعة الأزهر تحديدًا، التعامل الأمني العنيف معها يرجع لأن طلابها غاضبون من قتل، وإصابة واعتقال العديد من زملائهم؛ ولذلك فهم يثورون احتجاجًا على ما حدث مع زملائهم، ولابد أن يفهم الجميع أبعاد ثورة الطلاب لا أن يتعامل بشكل أمني غاشم مع الطلاب.

البعض يربط التصعيد الأمني العنيف باقتراب موعد الاستفتاء على الدستور الذي أعدته لجنة الخمسين؟

لا يوجد استفتاء، لا على خارطة الطريقة، أو على الشرعية أو على مصلحة مصر، ومن أصدر مسودة الدستور الباطلة لجنة ليس لها أي سلطة، ولا نعلم كيف تشكلت، ومارست عملها في سرية تامة، وهي أحد أدوات الدولة العميقة.

وهل أنت مؤيد لمقاطعة الاستفتاء أم التصويت بـ"لا"؟

هناك رأيان هما المقاطعة، والامتناع عن المشاركة في هذا الاستفتاء على الدستور الانقلابي، وآخر يطالب بالمشاركة والتصويت بـ"لا"، بينما أنا أرى الأفضل لا الامتناع ولا التصويت بـ"لا"، فالمعارضة والتصويت بـ"لا" تعد اعترافًا بسلطة الانقلاب، وكيف لنا أن كيف نقاطع شيء لا نعرفه من الأساس، ولذلك أدعو لإطلاق حملة بعنوان "خليك في البيت"، يوم الاستفتاء نتفق جميعًا كرافضين للانقلاب الدموي بأن نجلس جميعًا في منازلنا ولا نذهب لا للجان أو حتى العمل طوال أيام الاستفتاء، وأتمنى من شباب الثورة أن يتبنوا هذه الحملة، كي تظهر ضالة وصغر حجم المؤيدين للسلطة الانقلابية، خاصة أن الاستفتاء سيتم تزويره حتمًا وفي كل الأحوال، فسواء شاركنا بالتصويت بـ"لا" أو لا، سيكون التزوير فجًا، وبالتالي فبقاء الجميع في منازلهم يوم الاستفتاء سيفضح الانقلابيين أكثر من خلال قلة أعداد المشاركين في الاستفتاء، حيث ستكون اللجان الانتخابية والشوارع خاوية تبحث عن ناخبين، وتصور وسائل الإعلام المختلفة الكثير من اللجان التي قد لا يحضر فيها أحد، وهذا يعد أكبر رد على عدم اعترافنا بهذا الاستفتاء.

وكيف ترى الدستور الذي أعدته لجنة الخمسين؟

هذا دستور معيب ولقيط ولا أقبله بأي حال من الأحوال.

وما الذي ترفضه في هذا الدستور تحديدًا؟

نصه على وضع متميز لمناصب ومؤسسات بعينها، خاصة تحصينه لوزير الدفاع والمؤسسة العسكرية، فقد منع رئيس الجمهورية المنتخب من تعيين وزير الدفاع أو حتى عزله، ووضع المؤسسة العسكرية له مكانة خاصة في الدستور، وكذلك نصه على إحالة المدنيين للمحاكمات العسكرية، وهذا أمر مرفوض جملة وتفصيلاً، لأن المبادئ الدستورية ومواثيق حقوق الإنسان تنص على محاكمة الإنسان أمام قاضيه الطبيعي، وأيضًا هناك مواد أخرى أرفضها، تقضي على هويتنا المصرية، فضلاً عن أن ديباجية هذا الدستور ركيكة للغاية، فهي تتحدث عن البحر المتوسط " مصر جزء لا يتجزأ من الأمة العربية ينتمي إلى القارة الأفريقية، وتمتد حدودها في القارة الآسيوية، وتطلع على البحر المتوسط"، ولا يوجد أدنى مقارنة بين هذه الديباجة وديباجة دستور 2012.

وماذا عن المواد الخاصة بالشريعة الإسلامية التي تضمنها دستور "الخمسين".. هل أنت راضٍ عنها؟

أنا ضد وضع مادة الأزهر، لأنها تصغر من حجم مؤسسة الأزهر، لأنها أكبر من هذا بكثير، وأيضًا أرفض وجود المادة 219، لأننا لا نؤسس لدولة دينية فعلاً، ومن العيب أن نضع مواد كهذه في الدستور، أما من يقولون أن هذا الدستور يستهدف النيل من الهوية الإسلامية للدولة المصرية فقد يكونوا محقين في بعض المواد الأخرى.

البعض يقول إن هذا الدستور يرسخ لحكم العسكر في مصر.. فهل هذا صحيح؟

أولاً، لا يمكن أن يتم ترسيخ حكم العسكر في مصر، فقد انتهى عهد العسكر للأبد ولن يعود مرة أخرى، خاصة أن حكم العسكر لا وجود له في عالمنا كله إلا في دولتين فقط في أفريقيا، لكن الاتحاد الأفريقي اتخذ قرارًا بإنهاء عضوية أي دولة يحدث فيها انقلاب عسكري، فالحكم العسكري يعني إنشاء سلطة فوق الدولة، وهو ما نرفضه كلية.

وكيف ترى موقف حزب النور الذي أعلن تدشينه حملة كبيرة للتصويت بـ"نعم" على هذا الدستور؟

انتهى حزب النور تمامًا، فمثلما ظهر فجأة دون أن يكون له أي أساس، اختفى فجأة، ولم تصبح له الآن شعبية ولن يصوت له أحد.

وهل تعتقد أن يتم تمرير الدستور؟

بالتأكيد سيتم تمريره وسيحصل الانقلابيون له على أغلبية تفوق ٦٥٪.

بعض قيادات "تحالف دعم الشرعية" صرحت بأن هناك ضغوطًا تمارس عليهم من قبل الاتحاد الأوربي من أجل المشاركة في الاستفتاء على الدستور.. فكيف ترى هذه الضغوط؟

لا اعتقد صحة هذا الأمر، فليس هناك أي صلة بين التحالف أو الاتحاد الأوروبي الذي لا يقدم أي دعم من أي نوع للتحالف، وهو الأمر الذي يختلف مع السلطة الفلسطينية التي تتلقى دعمًا ماليًا مباشرًا من أوروبا، وهو الأمر الذي قد يدفعها لممارسة ضغوط عليها، بينما الأمر يختلف تمامًا مع تحالف دعم الشرعية، وبالتالي فالاتحاد الأوربي ليس لديه أي أدوات للضغط على التحالف.

وكيف ترى موقف الاتحاد الأوروبي من الأحداث الجارية في مصر؟

الاتحاد الأوروبي متواطئ ومتآمر مع أمريكا وإسرائيل في الانقلاب الذي حدث، وعلينا أن نعي هذه الحقيقة الواضحة، وبالتالي فلا حديث ولا تفاوض أو تفاهم مع هذه القوى الثلاثة، ومشاكلنا علينا أن نقوم بحلها من الداخل بعيدًا عن أي جهات خارجية.

بعض الشخصيات المنتمية للقوى المدنية أعلنت دعمها للفريق السيسي حال ترشحه للرئاسة.. كيف ترى هذا الأمر؟

نفاق سياسي رخيص، فهؤلاء يتمسحون في "السيسي" الذي يتوهمون أنه سيصبح رئيسا لمصر، ولذلك يسعون لأخذ أي شيء من كعكة السلطة.

وكيف تري استمرار الأزمة الراهنة دون الوصول لحل يرضي كل الأطراف؟

استمرار الصراع الحالي سيؤدي لخسارة الجميع، ولن يستطيع أي طرف أن يقضي على الطرف الآخر، ولذلك أطرح مجددًا المبادرة التي قدمتها سابقًا، لأن التحالف أعطاها إذن مسدودة والعسكر تجاهلوها، فإلى متى يستمر هذا الصراع والبلد ينزف ويدخل في نفق مظلم، خاصة أننا أمام خصمين كل منهما يريد أن ينفذ ما برأسه وهنا تكون النتيجة صدام ودماء وهذا ليس هو الحل أو المنطق.

وما هو الحل إذن من وجهة نظرك؟

لابد أن يحدث تفاوض بين الطرفين على مائدة مشتركة، ويتنازل كل طرف عن بعض مطالبه للوصول إلى حل وسط دون عنف، وأرى أنه لابد من تسوية متوازنة ترضي جميع الأطراف، ولذلك اقترحت سابقًا مبادرة يوم 20 أكتوبر الماضي مفادها أن يعود الدكتور محمد مرسي إلى منصبه مرة أخرى لكنه سيكون رئيسًا شرفيًا، ونقل اختصاصاته لرئيس وزراء، يتم اختياره بالتوافق القومي، وإلغاء كل أثار إعلان 3 يوليو، وأن يعاد تفعيل دستور 2012 مع وقف تنفيذ بعض المواد المختصة بسلطات رئيس الجمهورية وتقليصها، ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مع تحصين الفريق عبد الفتاح السيسي من أي ملاحقة قانونية بسبب أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة، وأنا اليوم أجدد طرح هذه المبادرة حقنًا للدماء، وحتى نستقر سياسيًا، وننهض اقتصاديًا؛ خاصة أن بها بعض التنازلات المتبادلة من الطرفين، وأكرر الدعوة مرة أخرى لهذه التسوية وأن نتناقش حولها ونخرج بحل يرضي كل الأطراف ويحمي الوطن.

وهل تجري أي اتصالات مع "تحالف دعم الشرعية" أو قادة المؤسسة العسكرية لطرح المبادرة عليهم؟

سأسعى لذلك، وسأحاول الوصول لكل الأطراف لتفعيل المبادرة التي أطلقتها، فهي دعوة موجهة للجميع بدون أي تحيز، خاصة أنني تعلمت في الدبلوماسية لمدة 40 سنة أنه لا توجد مشكلة غير قابلة للحل.

وهل تتوقع حدوث التوافق بين الأطراف المختلفة أو التوصل لمصالحة تشمل الجميع خلال الأيام المقبلة؟

أدعو الله أن يحدث ذلك، ونعمل على رأب الصدع، ونحاول التوصل لحل يشمل الجميع.

توقعت أن ينتهي ما وصفته بـ"الانقلاب العسكري" خلال 25 يناير المقبل؟

بالفعل توقعت أن يسقط هذا النظام الانقلابي في 25 يناير، لأن هذا النظام الانقلابي ليس له أي أسس قوية تضمن بقاءه، لأنه يخالف إرادة الشعب ويحكم بالدبابة والمدفع، ولا أعتقد أنه سيستمر طويلاً، إلا أنه ليس شرطًا أن يكون هذا العام فقد يكون خلال العام المقبل، لكن في كل الأحوال لن يبقَ ولن يستمر.

وما تعليقك على ما طرحه البعض بضرورة تشكيل حكومة المنفى؟

هذا أمر مرفوض تمامًا، فنحن لا نريد أن نمر بالتناقضات التي حدثت في سوريا، لأنني أؤمن أن كل الحلول تأتي من الداخل المصر.

هل ترى أن القوى الثورية الآن بدأت تأخذ مواقف مناهضة للسلطات الحالية؟

بمرور كل يوم تتجمع وتتوحد القوى الثورية من جديد، وجماعة الإخوان المسلمين ليست هي فقط من تتظاهر في الشارع المصري، فالشعب رأى حقيقة الانقلاب العسكري؛ وبالتالي فجموع الشعب لا يمكن أن توافق على استمراره.

أخيرًا.. هل أنت متفائل بقرب حل الأزمة الراهنة والوصول لحل يرضي كل الأطراف؟

إذا ما كنا جميعًا مخلصين للوطن ونغلب مصالحه العليا فوق أي مصالح أخرى ضيقة، فسأكون متفائل جدًا، ولذلك أناشد جميع الفصائل السياسية أن تنسى خلافاتها وتدخل معًا في تسوية سياسية ديموقراطية نتفادى بها الصدام الدموي من أجل الاستقرار وتحقيق التنمية وغير ذلك يسفر عن منازعات عبثية لا تأتي إلا بالخراب.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -