و يتفكك الجيش تماماً أمام الشعب .. لا مؤسسة عسكرية ..
و يُعدم كل من اقترب من قصر الاتحادية يوماً .. حتى لو كان قد عمِل طباخاً هناك حتى !
لا نفي لأحد ! إعدامات إعدامات إعدامات ! ينجو فقط جمال مبارك فيهرب إلى الإمارات على سبيل المثال !
الدول المجاورة كلها تهدد الشعب بالحرب و الخراب .. الأمم المتحدة تعلِّق العضوية و ترسل تحذيراتها ..
لا يأبه أحد ..
الثورة مستمرة ..
عشرات الألوف يموتون من الجانبين ..
و الثورة مستمرة ..
الثورة مستمرة ..
__
من وسط الفوضى يخرج قائد مصري مسلم عظيم .. يُنظم الجيوش .. يغزو فرنسا فيعلن اقتحام صفوف الحملات الصليبية التاريخية في عقر دارها : (فرانكيا الغربية) ..
مع الوقت يبدأ غزو الدول المجاورة .. تهدده الدول الكبرى فيكسر إرادتها .. تنتشر الإمبراطورية العظيمة ..
الثورة ناجحة ..
الثورة مستمرة ..
مئات الألوف يموتون في صراعات توسع امبراطورية الثورة ..
لكن الثورة مستمرة ..
الثورة مستمرة ..
___
هزيمة ..
أعقبها سقوط ..
وردة حمراء فواحة أينعت و تدلت أوراقها الضخمة تلمع ببريق شمس الصباح بينما يتساقط منها ندى لا يتوقف .. فجأة تُصاب بالعفن و يتخذها الذباب مسكناً و يقطر منها القيح بدل الندى !
تحالف دولي يتقدم ببطئ ..
فجأة الغزاة في القاهرة !
سقطت مصر !
جمال مبارك يعود فاتحاً !
جمال مبارك رئيساً لمصر !
مشهد مستحيل :
الجيش يؤدي التحية العسكرية لأسرة مبارك و (شهدائها) بينما أبن زكريا عزمي و ابنة صفوت الشريف يتحكمون مرة أخرى في الإعلام و الوعي الشعبي و البرلمان !
المثقفون و المفكرون يصابون بالإحباط و الجنون .. و أي إحباط ؟!
ثورة حازت المجد التاريخي من أطرافه فنجحت كما لم يحدث قبلاً في التاريخ ..
ثم يصير هذا هو مآلها ؟!
غزو أجنبي و جيش عميل وظيفي و شعب فقير مقموع و جمال مبارك رئيساً ؟!
وراء جمال القوى العالمية و الإقليمية كلها .. القائد العظيم يُنفى ليموت وحيداً و لا تنفعه محاولة قوية صنعها لاستعادة الزمام .. فقد عير له الأعداء زمام فرسه ليصبح خيطاً من قماش مهترئ ينقطع في أقرب شِدة !
و هاهي الثورة المضادة بدأت في معاقبة المتمردين .. بأمن و جيش و مخابرات و قيادات أجنبية تتدخل مباشرة ..
هذا الوضع المستحيل .. ألا يستحق الانهيار .. أو الانتحار ؟
لكن - تخيل الجنون - لم ينته الأمر ..
ظلت الثورة مستمرة ..
الثورة مستمرة .
___
عبر قرن أو يزيد .. ظلت الثورة الفرنسية تروح و تجيء .. تنتصر منتقلة إلى السماوات العالية و تستعبد النمسا و هولندا و اسبانيا و تخيف الصقالبة .. ثم تنهزم فتجد لويس الثامن عشر يعيد الملكية نفسها إلى باريس بمساعدة المجتمع الدولي و القوى الكبرى ..
تنتصر مع نابليون الثالث أول رئيس فرنسي للجمهورية الصاعدة مرة أخرى ، ثم تنهزم معه حتى يقوم الألمان بإعلان فيلهلم إمبراطوراً بداخل قصر الفرساي نفسه ! لكي تتخيل الكارثة لابد أن تعرف أن هذا شبيه بأن يقوم نتنياهو بإعلان تنصيب شمعون بيريز امبراطوراً على الشام من داخل قصر عابدين بعد سحق الجيش المصري !
ثم تعود الثورة .. فتضيع كأتم ما يكون الضياع و تنسحق للأبد بلا أمل .. ثم تعود ! فتضيع ! فتُهزم فرنسا و تضيع ! فتعود !
هكذا .. بلا توقف ..
تخيل عدد المفكرين و المُخذّلين الذين أخبروا الشعب عن عبثية مسعاه في مواجهة النظم العالمية و الملكية . و عن حتمية هزيمة الثورة مهما كان نجاحها .. تخيل حجج هؤلاء القوية يوم عودة لويس الثامن عشر إلى فرنسا .. و تخيل حديثهم يوم دخول بسمارك لباريس .. انفعالية الفرنسيين الثوريين الحمقى توردنا المهالك .. أوقفوا المجانين كي تعيش الأمة ..
لكن الثورة ظلت مستمرة ..
حتى انتهى الأمر بثبات النجاح .. بعد عقود طويلة من الثورة ..
فهل تستعجلون انتصاراً للأمة بعد ثلاث سنوات فقط ؟!!
لقد تعلمت فرنسا .. أن حياة الأمة .. ليست في خضوعها و يأسها .. إنما في صراعها ضد الإحباطات و الهزائم .. و أن ثورة التحرير .. قد تستمر قرناً كاملاً ..
فهل نتعلم و نكف عن التساؤل اليومي : هل انتصرنا عليهم ! هل ننتصر غداً ؟!
0 التعليقات:
Post a Comment