أحدث هشام جنينة ضجة، لمجرد أنه ـ في الواقع ـ يحاول ممارسة عمله. حيث قال رئيس أحد أرفع أجهزة الرقابة الحكومية إنه "كشف فسادا بمليارات الدولارات، تورطت فيه بعض المؤسسات السيادية، ومن بينها الشرطة، وأجهزة الاستخبارات، والقضاء".

هذا ما ذكرته وكالة أسوشيتدبرس في مقدمة تقريرها عن الفساد في مصر، الذي تضمن حوارا موسعا مع المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، موضحة أنه ونتيجة لهذا، انهال عليه منافسوه تجريحا في وسائل الإعلام، وأطلقوا عليه وصف المتعاطف مع الإخوان المسلمين، وقاده إصراره على المضي علنا في توجيه الاتهامات إلى رفع دعويين قضائيتين ضده، منها واحدة تتهمه بإهانة القضاء.

وقد ناضل ليترجم تحقيقاته إلى أفعال. وأحال المئات من القضايا إلى النائب العام، لكنه قال إن "أقل من 7% منها أصبح محل تحقيق". واتهم "الأجهزة الأمنية بأنها منعت مرؤوسيه من فحص وثائقها".

وقال المستشار هشام جنينة: "في معظم القضايا لا يرد مكتب النائب العام على التقارير المرسلة، لا أستطيع القول إنهم أوقفوا التحقيقات كلها، لكنهم لا يردون على طلباتنا".
وأضاف جنينة في حواره مع وكالة "أسوشييتد برس الأمريكية "عندما أرسل تقريرا، ينبغي عليهم الرد عليه، ولكن ما يحدث أنهم لا يفعلون ذلك، وليست لدينا أي وسيلة لمعرفة موقفهم من هذه الملفات التي أحيلت إليهم.. وإذا لم تتابع النيابة هذه الملفات، فليس لنا إلا الله".

وتابع "منذ عقود طويلة، يشتكي المصريون من فساد المسؤولين، الذي كان أحد العوامل الرئيسية التي أشعلت ثورة يناير 2011 التي أطاحت بالديكتاتور حسني مبارك.. كثير من المسؤولين ينظرون إلي ويقولون إنني مجنون لما أقوم به، ما أسعى للقيام به هو أن أصدم المجتمع لتصحيح الأمور ووضعها في نصابها.. مصر دولة على وشك التلاشي جراء الفساد الذي ترتكبه الأنظمة المتعاقبة".

على مدار سنوات، كانت أجهزة الرقابة الحكومية بما فيها الجهاز المركزي للمحاسبات، مجرد أجهزة تجميلية، حسبما قال جنينة، فتقاريرها كانت "مجرد حبر على ورق، اللهم إلا إذا السلطات لديها الرغبة في ملاحقة مسؤول موضع شبهة، كنوع من الابتزاز"، بحسب تصريحاته.

وأردف "وإذا كشف جهاز من هذه الأجهزة شبهة ابتزاز مالي أو اختلاس أو فساد في صفقات أعمال، كان يقوم بإرسال تقرير إلى الوزارة التي يعتقد أن المخالفة قد وقعت فيها، لكن نادرا ما كن يكفل علاج الملف أو الضغط على المسؤولين لفتح تحقيق".
وأكمل: "في إحدى هذه القضايا، كشفت التحقيقات أن نحو ثلاثة مليارات دولار، اختلست ضمن صفقات أراضي لصالح مسؤولين من الشرطة، وأجهزة الاستخبارات، والقضاء، ومكتب النائب العام نفسه، وفي أخرى، أعدت فتح قضية عمرها ثلاث سنوات، تتعلق بمزاعم بأن أعضاء في لجنة استشارية بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات - الذي ضم وزير العدل آنذاك - حصلت على نحو أربعة عشر مليون دولار كتعويضات مالية".
واعتبرت الوكالة الأمريكية أن الجديد في خطوة جنينة، كان "استعداده للتحقيق مع الأجهزة السيادية"، الوصف الذي يستخدم للإشارة إلى أذرع الدولة المهمة التي لا تقبل الشك، مثل الشرطة والاستخبارات والقضاء والرئاسة. مضيفة أن الدستور الذي تم "تمريره" في هذا العام عزز من سلطته، حيث يشجع الحرب ضد الفساد والرقابة على أجهزة الدولة.
كما أشارت إلى أنه وبوجه خاص، لم يقدم جنينة مزاعم ضد مؤسسة الدولة الأقوى، الجيش. واتخذ الجيش خطوة غير معلنة بالسماح للجهاز المركزي للمحاسبات بمراجعة حسابات حيازاته التجارية الضخمة. ومتحدثا للأسوشيتد برس، قال جنينة "المراجعة لم تكتشف مخالفات في دفاتر الجيش".

وذكرت الوكالة أن جنينة كان ضابطا بالشرطة في سبعينيات القرن الماضي، وأصبح مدعيا عاما، ثم عمل في مجال القضاء لمدة ثلاثة عقود. وتم تعيينه رئيسا للجهاز المركزي للمحاسبات من قبل الرئيس المعزول مرسي نفى أي صلة له بالإخوان، أو أن يكون متعاطفا معهم، مضيفة أنه قال بضحكة مكتومة: "إذا كان هناك أي دليل على انتمائي لجماعة الإخوان، سأعتبر عضوا في جماعة إرهابية الآن، وقد لا أستمر في الجهاز.. في عهد مرسي، أجريت للمرة الأولى تحقيقات في الإنفاق الرئاسي، ووجدت أن دخل مرسي وصل إلى 100 ألف دولار، وهو ما اعتبرته مخالفة".

وختم حديثه بالقول "لم أسع إلى هذه الوظيفة، ولست مدينا بالفضل لأحد. لكنني لن أتملق شخصا على حساب القانون".

المصدر: الجزيرة مباشر مصر

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -