قالت صحيفة "هآرتس" إنَّ إسرائيل مضطرة للقبول بالحكومة الفلسطينية التي أعلن عن تشكيلها اليوم الاثنين والتي تحظى بإجماع عربي، إضافة إلى تأييد الاتحاد الأوربي، وعدم وجود أسباب مقنعة تدفع الولايات المتحدة لمقاطعتها.
وأضاف "تسفي برئيل" المحلل السياسي للصحيفة: "صحيح أن إسرائيل سارعت للإعلان عن وقف التعاون مع الحكومة والسلطة الفلسطينية. مثلما فعلت بعد انتخابات 2006. لكن في طيات هذا التهديد يكمن تناقض: مع من سيتواصل التعاون الأمني تحديدا؟ بينما السلطة التي ستقاطعها إسرائيل هي السلطة التي تعنى إسرائيل باستمرار بالتنسيق الأمني معها".
ومضى يقول: "كذلك فإن المساعي الإسرائيلية لنزع الشرعية عن الحكومة الفلسطينية ومعاقبتها على المصالحة من المتوقع أن تضع إسرائيل أمام جبهة غير متوقعة. فالدول العربية عن بكرة أبيها ليست وحدها التي تدعم المصالحة والتي ستمولها بشكل سخي، كذلك الاتحاد الأوربي لا يرى عيبًا في تشكيل حكومة وحدة والتعاون معها".
"برئيل" أكد أن: "واشنطن أيضًا لا تستبعد التعاون مع الحكومة الفلسطينية الجديدة. وفقًا لتصريح المتحدث باسم خارجيتها الأسبوع الماضي، فسوف تدرس الولايات المتحدة خطواتها وفقا لتشكيل الحكومة. التشكيل الآن لا يمنح واشنطن سببًا لمقاطعتها".
ونصح المحلل الإسرائيلي تل أبيب بالقول: "إذا ما كانت إسرائيل تنتوي البقاء معزولة على هذه الساحة الدولية، فيجب أن تأخذ في الحسبان أيضًا أنَّ سياسة الحصار على غزة من المتوقع أن تتداعى بعد تعهد مصر بفتح معبر رفح مع تشكيل حكومة فلسطينية".
السبيل الوحيد من وجهة نظر "برئيل" هو "الاعتراف بالحكومة الفلسطينية، والاستمرار في التعاون الجارف، واستئناف المفاوضات بدلا من اعتبار المصالحة خط أحمر، وأن تدرك (إسرائيل) أن حكومة فلسطينية هي شأن يخص الشعب الفلسطيني، مثلما تشكيل الحكومة الإسرائيلية بالضبط هو شأن مواطني إسرائيل".
حماس تتنازل
وغاص محلل "هآرتس" في الأسباب التي دفعت حماس لقبول المصالحة ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية، مشيرا إلى أن الحركة وجدت نفسها مضطرة للتنازل والموافقة على شروط الرئيس محمود عباس.
وزعم أنها "ليست المرة الأولى التي تُطوع فيها حماس مبادئها كي تناسب الظروف السياسية"، لافتًا إلى أنه لولا الأزمة السياسية التي واجهت الحركة مؤخرًا، ما كانت المصالحة لتتم.
"تسفي برئيل" أكد أنَّ "الأزمة العويصة مع مصر، التي أدت لإغلاق معبر رفح وتدمير كل الأنفاق تقريبًا بين غزة وسيناء، وسيطرة الجيش على الحكم في مصر وحظر الإخوان المسلمين واعتبارها جماعة إرهابية، قد جعل حماس عدوًا للشعب المصري".
ومضى موضحًا بقية الأسباب التي يرى أنها أضعفت موقف حماس وجعلها تتقبل المصالحة على هذا النحو، مشيرًا إلى أنَّ الضغط الذي مارسته السعودية والكثير من دول الخليج على قطر، الممول المهم للحركة بهدف التخلي عن علاقاتها الجيدة مع الإخوان وحماس، إضافة إلى الشرخ مع سوريا الذي أدى أيضًا لقطع العلاقات مع إيران وخسارة مصدر دخل هام- كل هذا جعل حماس تقتنع أنه ليس هناك مفر من مصالحة فعلية، إذا كانت الحركة تطمح في البقاء وليس الانتحار.
تنازلات جوهرية
كذلك اعتبر المحلل الإسرائيلي أن تنازلات حماس لم تقتصر على الساحة النظرية، فشروط الحركة التقليدية للمصالحة استندت على الاتفاق الذي وقع في القاهرة مايو 2011 وكذلك الذي تم توقيعه في قطر عام 2012 وكلاهما يقضي بإجراء انتخابات جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني والبرلمان والرئاسة كـ" حزمة واحدة" وهو ما لم يحدث.
فبحسب الاتفاق الأخير الذي وقع في أبريل الماضي، وافقت حماس على تشكيل حكومة تكنوقراط وتأجيل انتخابات الهيئات الثلاثة إلى موعد لاحق، والإبقاء على محمود عباس رئيسًا.
"برئيل" خلص إلى أن حماس "تخلت فعليًا عن موقفها الثابت، والذي يقول إن فوزها الجارف في انتخابات عام 2006 يمنحها الصلاحية الشرعية لترأس حكومة فلسطين".
عباس المضطر
"عباس لا يمكن اتهامه بعشق حماس" بحسب "هارئيل" فليست فقط التصريحات القاسية التي أطلقها حيال قيادتها دليل على ذلك، بل أيضًا "الألغام التي زرعها كل مرة في طريق المصالحة. لكن ضغوطات الشعب في الضفة والقطاع لإعادة الوحدة، تزايدت بمرور السنين. كذلك لعب الخوف من أن يسجل في التاريخ أنه خسر غزة دوره كما يبدو، خاصة على في ظل الفشل في الوصول لاتفاق سلام مع إسرائيل، الذي كان يمكن إن حدث أن يدفع بحماس إلى أزمة صعبة".
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment