لم تكن اللحظات الأولى التي أعقبت صحوة الغزيّ أحمد عليان، (24) عاماً، من تأثير مادة "البنج" المخدّرة، خفيفة عليه، إذ لا زال تحت تأثير صدمة "بتر" ساقه بشكل كامل، إثر إصابته بشظايا صاروخ إسرائيلي سقط بالقرب منه.
فبعد أن استيقظ من تأثير تلك المادة المخدّرة، رأى والدته تقف بالقرب من سريره في المستشفى، أراد أن يمسك يدها ويخبرها أنه يشعر بأوجاع تنخز عظامه، حاول تحريك جسده، لكن لا محال!
لم يكن عليّان يعلم بعد أنه فقد جزءا من "نصف" جسده، فرغم أوجاعه حاول مليّاً تحريك جسده، حتّى استطاع الوصول إلى قدميه، أزاح الغطاء جانباً، لـ"يصرخ" بألم "أين قدمي يا أمي؟"، كما قالت والدته "أمل" لمراسلة "الأناضول" للأنباء.
سؤال أعقبه بكاء صامت من والدته، فبعد تلك الحادثة يرفض عليّان الحديث مع الآخرين، كما يرفض الرجوع إلى حياته الطبيعية، أو تناول الطعام، وما يكون للأم –حينها- إلا أن تخبّر الأشخاص الذين يحاولون الحديث معه:" أرجوكم لا تتحدثوا معه، إنه لا يريد التكلم".
واختصر عليّان مقابلته مع مراسلة "الأناضول" بجملة واحدة قال فيها: "ليتني استشهدت".
وقالت والدته:" انظروا إلى حاله، ماذا سيفعل الآن؟ أو كيف يفّكر؟ أنا أعرف جيداً أنه يتساءل كيف سيكمل دراسته، وحياته؟ أسئلة كثيرة تتضارب في ذهنه لا يكاد أن يجد لها جواباً".
وبصوتٍ مختنق، تابعت والدته:" عدا ذلك، فإن حالته النفسية باتت صعبة، فهو بحاجة إلى تأهيل نفسي، كي يكون قادراً على الاندماج في الحياة الإجتماعية من جديد".
وأما الطفلة حنان الحديدي (5) عاماً، والتي فقدت "يدها" إثر إصابتها بشظايا صاروخٍ استهدف منزلاً ملاصقاً لمنزلهم، تسأل أمها كل يومٍ:" عندما أكبر، هل ستكبر يدي وأملك واحدة جديدة؟".
سؤال يملأ عينا والدتها بالدموع، لتقول للأناضول:"ما الذي ارتكبته طفلتي، وعشرات مثلها ليفقدوا أطرافهم، ويغدوا مقعدين أو معاقين؟ هل هذه اليد التي فقدتها هي البنية التحتية (للإرهاب) التي تدعيها إسرائيل؟".
وتابعت:" حولوا حياة أطفال قطاع غزة، من وردية اللون إلى أسود حالك، من أحلام بسيطة بلعبة وقطعة حلوى، إلى أحلام بـ(يد) جديدة، كيف سيعيشون حياتهم المستقبلية بلا أطراف!، حسبنا الله ونعم الوكيل".
وأما الطفل رائد غنام، والذي أصيب بحروق من الدرجة الثانية، تركت آثاراً من الحفر والبقع السوداء على وجهه، بات يخجل من ملاقاة أصدقائه، كما يردد سؤالاً واحد :" كيف سأذهب إلى المدرسة بهذا الوجه المخيف؟".
وتقول أخته (سعاد):" الكثير من الإصابات التي شاهدناها، أو عايشناها، تضع المصابين في حياة سوداوية، لا طعم لها".
وفي السياق ذاته، قال أشرف القدرة، الناطق الإعلامي باسم وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، للأناضول:" أغلب الأعداد والنسب تشير إلى أن أكثر من (35)% من الجرحى يعانون من إعاقات بصرية أو سمعية أو حركية".
وتابع:" (55)% من حجم الإصابات هم من الأطفال والنساء المدنيين، الذين كانوا في منازلهم".
وأوضح أن (45)% من حجم الإصابات والقتلى، هم من المدنيين الأطفال والنساء والشيوخ.
ولفت القدرة إلى أن نقص العقاقير الطبية والمستلزمات الطبية "ستزيد من نسبة الإعاقات من الإصابات".
وتابع:" نقص الطواقم الطبية، وعدم توفر الخروج الآمن للجرحى بغزة، سيزيد من نسبة (ذوي الاحتياجات الخاصة) الإعاقات، لأن أغلب الإصابات التي تصل هي إصابات في منطقتي الصدر والدماغ".
الأناضول
0 التعليقات:
Post a Comment