1-
لو أن النظام الحالي تعلم شيئا واحدا فهي ألا يتعلم من تجارب سابقيه، فكما لم يتعلم أن الاستبداد لا يحمي نظاما وأن احتكار السلطة لا يدوم للأبد، لم يتعلم أيضا أن التعامل مع ملف سيناء بالحديد والنار لا يحل المشكلة، وأن محاولاتهم للقضاء علي الإرهاب هناك تزيده.
2-
أدى العشرات من أعضاء تنظيم أنصار بيت المقدس صلاة العيد في الخلاء في منطقة ما بسيناء، حول المصلين كانت تنتشر سيارات دفع رباعي تحمل أسلحة ثقيلة وملثمون يحملون أسلحة خفيفة لتأكيد وجودهم وعدم تأثير الضربات الأمنية والعسكرية فيهم.
الخبراء الاستراتيجيون الذين هم في حقيقة الأمر قيادات أمنية على المعاش وكان أداؤهم في فترة خدمتهم سببا لكل ما نعانيه الآن لم يلفت نظرهم أن عشرات من أعضاء تنظيم تلاحقه أجهزة الجيش والشرطة يملكون من الجرأة والثقة ما يدفعهم لأداء الصلاة في مكان مكشوف وفي محافظة من المفترض أن الأمن يفرض السيطرة عليها تماما ويجمع المعلومات عن أماكن تواجدهم حتى يقتحمها أو يقصفها، وبينما يقنعنا الأمن أنه يضرب هؤلاء في المخابئ والأنفاق يظهرون هم بكل أريحية تحت السماء ويقضون قرابة الساعة في سماع الخطبة وأداء الصلاة.
الشيء الوحيد الذي لفت نظر هؤلاء الخبراء عدد هؤلاء المصلين الذي لا يتجاوز المئة، اعتبروا العدد القليل دليلا على كفاءة الأجهزة الأمنية وتأثير ضرباتها على الجماعة حتى أن عدد أعضائها بات لا يتجاوز المئة عضو، وهو ما يعني أن أمرهم سينتهي عما قريب.
حسنا، لنلعب لعبة لطيفة، سنحسب عدد «التكفيريين» الذين أعلنت الأجهزة الأمنية تصفيتهم في بيانات رسمية منذ عيد الفطر الماضي الذي وافق يوم 28 يونيو وحتى الآن وذلك وفقا للبيانات الرسمية للمتحدث العسكري.
في 9 أغسطس أعلنت القوات المسلحة مقتل 60 تكفيريًاخلال الفترة من 28 يوليو إلى 9 أغسطس، وفي 13 أغسطس أعلن المتحدث العسكري مقتل تكفيريين اثنين، وفي 17 أغسطس تم الإعلان عن تصفية 5 تكفيريين، وفي اليوم التالي أعلن عن مقتل 3 تكفيريين، وفي 21 أغسطسأعلن عن مقتل 4 تكفيريين، وفي 25 أغسطس أعلنت الأجهزة الأمنية مقتل 14 تكفيريا.
وبحسبة بسيطة نكتشف أن عدد من قتلتهم القوات في شهر واحد يصل إلى 88 تكفيريًا بخلاف من ألقي القبض عليهم، وهذا يعني أن الإرهابيين التكفيريين في سيناء انتهوا تقريبًا، وللتأكد من ذلك يمكنك مراجعة فيديو ذبح 4 مواطنين علي يد تنظيم بيت المقدس قبل أيام وفي صحراء سيناء المكشوفة أيضا!
3-
يدير النظام الحالي معاركه في سيناء الآن بنفس طريقة نظام مبارك، يقتل العشرات دون الإعلان عن أسمائهم ودوافع قتلهم وأدلة انتمائهم للجماعات الإرهابية، ويعتقل المئات بنفس الطريقة، يفضل الخيار الأمني لمواجهة الوضع المتأزم في سيناء، لا يبحث عن أصل المشكلة لأنه لا يريد أن يواجه نفسه بها، وأصل المشكلة أن سيناء، وشمالها تحديدا، مهملة ولا تحصل على أي نصيب من التنمية ولا أي فرص للحياة لأن هناك اتفاقية إذعان اسمها كامب ديفيد تعوق كل ذلك.
تستأذن مصر من إسرائيل لإدخال مدرعات ودبابات إلى المناطق المحظورة في سيناء، تشن حملات مداهمات وتطارد الإرهابيون فيختبأوا في الجبال، بعد عدة أيام تطلب إسرائيل من مصر رجوع الدبابات إلى الأماكن التي تحددها الاتفاقية، لا تجد مصر بدا من الموافقة، تعود الدبابات والمدرعات، يخرج الإرهابيون من المخابئ، وينتقمون من القوات ذات التسليح المحدود التي أصبحت بلا غطاء.
المعارك في سيناء لا يجب أن تدار على طريقة الشرطة في تقفيل الدفاتر، الأمر يتطلب البدء من نقطة البداية الصحيحة، فلكي تعيد سيناء إلى الحياة يجب أن تنشر قواتك في كل منطقة بها، وأن تخصص لها حصة في مشروعاتك وخدماتك، وأن تملأها بالبشر وتعمل علي زيادة الكثافة السكانية فيها، ولكي تفعل ذلك كله لابد أن تلغي اتفاقية السلام مع إسرائيل أو تعدلها، ولكي تلغي الاتفاقية يجب أن تكون قويًا.
حكامنا أقوياء فعلا.. على شعوبهم.
0 التعليقات:
Post a Comment