25 يناير - ارشيفية

سيظل الجدل مصاحبًا لكل ما يمت لثورة 25 يناير بصلة، سواء كان ذلك مرتبطا بالصراع السياسي والتقلبات المزاجية للحكومات المتعاقبة والاختلاف حول ما آلت إليه الثورة، أو دراميًا وربطها بالفوضى التى نعيشها، ومؤخرا أضيف إلى ذلك السياق التعليمي، بعد تدريسها لأول مرة داخل فصل كامل من كتاب التاريخ المصري.

«التاريخ يبدأ حين تنتهي السياسة» كيف توثق الثورة قبل انتهاء أحداثها؟.. هو السؤال الذي فرض نفسه بعدما تناول الفصل الثامن من كتاب مادة التاريخ للصف الثالث الثانوي، الذي حمل عنوان «ثورتا 25 يناير2011 و30 يونيو2013» أحداث الثورة بدءا من أسباب اندلاعها ووقائع الفترة الانتقالية حتى استكمالها في 30 يونيو.

«الشروق» حاورت مؤلف «فصل الثورة» الدكتور عاصم الدسوقي- أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان- للوقوف على ماهية التفاصيل التى أثارت جدل المحسوبين على 25 يناير وكذلك أبناء تيار الإسلام السياسي.

يبدي الدسوقي اهتماما كبيرا بالتأكيد على أن ماورد في الكتاب الجديد لم يؤرخ للثورة إنما كان سردا للوقائع، وهنا تلوح في الأفق السؤال الذي طرح نفسه بعد هذه الأزمة.. متى توثق الثورات؟

قال الدسوقي، تبدأ بتوفير كل الوثائق والمصادر، من خلال تجميع الشهادات والأحاديث وتقارير السفراء، ولا أعلم إذا كانت ثورة 25 يناير بدأت في التوثيق أم لا.

خلال الحوار هاجم الدسوقي كل من انتقد الجزء الخاص بالثورة، سواء كانوا من نشطاء 25 يناير أو معارضيها أو من المنتمين لتيار الإسلامي السياسي، قائلا: "كل الذين تحدثوا عن كتاب تاريخ الثانوية العامة لهم مرجعية فكرية ولم يجدوا أنفسهم في الكتاب؛ لأنه كتاب مجرد يعرض الوقائع دون إبداء رأي فيه".

يوضح عضو جميعة المصرية للدراسات التاريخية الفارق بين التأريخ "الحقيقة الجافة" والبحث في التاريخ، فالأول من الفئة التى تؤلف كتب التاريخ، يقتصر على ذكر وقائع حدثت في زمن كما وقعت دون تحليل أو تعليق، ويكتسب صاحبها مصطلح المؤرخ، وإذا أراد أن يعلق المؤرخ على شئ يعلق، لكن الباحث غير ملزم بتعليقه وهو من يعيد بناء الصورة الممزقة للربط بين الجزئيات المتناثرة كي يقوم بالتفسير دون إصدار الأحكام عليها.

كان حزب النور السلفي شن هجوما على وزارة التربية والتعليم بشأن ما ورد في فقرة تطور وقائع ثورة 25 يناير بالفصل الثامن بالكتاب، باعتبارهم أحزابا دينية قائمة على أساس غير دستوري بعدما أظهروا أنفسهم على أنهم مفجرو الثورة إبان حكم المجلس العسكري، وفقا لتعبير الكتاب.

إلا أن الدسوقي يرى أنه لم يتجن على تيار الإسلام السياسي في لفظ "أظهروا أنفسهم"، قائلا: "لم أقل شيئا مخالفا لحقيقة ما حدث منذ جمعة الغضب في 28 يناير حتى وصولهم لسدة الحكم وما تخللها من احداث كشفت عن نواياهم، بالانفراد بالسلطة وتهميش شركاء الثورة".

وتابع مستنكرا: "ما الخطأ في عرض طريقة إنشاء الأحزاب الدينية وما شابها من عوار لتناقضها مع الإعلان الدستوري في المادة الخامسة من قانون الأحزاب والرابعة في الدستور، والمعترضون لهم المصلحة".

ومن ضمن الانتقادات التى وجهت لهذا الفصل طريقة عرض الأحداث وانتقاد مؤلفيه للاعتماد على وجهة نظر واحدة في بناء الأحداث، كما لو كانت موجهة أن يظهر المقرر الدراسي بشكله الحالي، إلا أن الدسوقي دافع عن ذلك قائلا: كل ما جاء سرد للوقائع ولا نبحث في التاريخ، ولايوجد رأي على الإطلاق.. ومن يجد شبهة رأي فعليه بالإشارة إليه.

أما في الجزء المتعلق بثورة 30 يونيو، فنٌشر صور لقادة حركة تمرد " محمود بدر-حسن شاهين- محمد عبد العزيز" والمستشارأحمد الزند- رئيس نادي قضاة مصر- باعتبارهم من المساهمين في الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين، وهو ما أثار حفيظة بعض الرافضين لخارطة الطريق وشباب تمرد على وجه التحديد، لكن الدسوقي بره ذلك بأنهم يمثلون جزءا من التاريخ وكلها وقائع ليست من نسج الخيال أو منزلة من السماء كي يحاسب عليها

كما نفى تعمد التقليل من شأن حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، لوصفه في الكتاب كأحد النشطاء السياسيين في منافسته مع المشير السيسي خلال الانتخابات الرئاسية، مشيرا إلى أنه الوصف الاعتيادي لأي ممارس للسياسة حتى لو اختلف تعريفه من ناشط أو كمرشح سابق للرئاسة.

يختلف الدسوقي مع عبارة «التاريخ يكتبه المنتصرون» التى يقصد بها الإسقاط على تدخل المنتصر- أيا كان عصره- في تحديد ما يُدرس وما يُهمل، مشيرا إلى أنه لا يعرف صاحب هذه العبارة الذي يراد منها نسب سوء خلق لكاتب هذه الفقرة، "هذه فرية، وليس صحيحا أن التاريخ دائما ما يكتبه المنتصرون، فلولا هزيمة المهزوم ما كان المنتصر".

يتطرق الدسوقي في الجزء الأخير من حواره معنا إلى كيفية تعامل مؤلفي كتب التاريخ مع الأحداث التى تحيط بفترة التدوين، خاصة أن هناك كتابا يختلفون حول مسميات الثورات وفقا لما يسمعوه أو يوثقوه بأم أعينهم.

" ليس واردا في ذهن الناس الفارق بين الثورة والانقلاب، تاريخيا كلمة الانقلاب جاءت من "قلب الدولة" في فرنسا، إبان الثورة الفرنسية، عندما طالب البراجوازيون- أصحاب رأس المال- من الملك لويس الخامس عشر الإقطاعي بمشاركته الحكم، فرد عليهم .. " الدولة أنا" وعندما خلع الملك قيل له قلبنا الدولة وهو ما تم وصفه بقلب الحكم".

ويشرح الدسوقي أن الثورة تبدأ بالانقلاب على الحكم، فإذا غيرت فلسفة النظام أصبحت ثورة وإذا لم تنجح فسمي انقلاب وهو ما ينطبق على الثورات المصرية باستثناء 26 يوليو 1952 لأنها بدأت في انقلاب وحولت شعاراتها إلى نتائج، بعكس 25 يناير التى أسقطت رأس الحكم وفشلت في تغيير النظام، لذا تحسب علميا انقلابا ولكننا نساير أنفسنا ونعتبرها ثورة، وفقا لأستاذ التاريخ.

الشروق

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -