”قال علي مكي الذي فقد شقيقه في مظاهرات 2011: ” تكبدنا ثمنا باهظا من أجل الثورة، والآن بعد مرور أربعة سنوات، يعود النظام القديم في مظهر جديد، وحديث ديمقراطي..سنظل نحارب من أجل الحرية التي اكتسبناها".
جاء ذلك في سياق تقرير مطول لوكالة رويترز عن جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة التونسية التي انطلقت اليوم الأحد.
وإلى نص التقرير
في أحد أركان مكتبه، يحتفظ مرشح الرئاسة التونسي باجي قائد السبسي بتمثال للحبيب بورقيبة الذي قاد البلاد عام 1957 ، عقب الاستقلال من فرنسا، الذي يعتبره رمزا لنوع رجل الدولة الذي تحتاجه الدولة الإفريقية في تلك المرحلة.
السبسي، البالغ من العمر 88 عاما، كان وزيرا في حكومة بورقيبة، والآن يترشح للرئاسة بنفسه.
ولكي يفوز السبسي، ينبغي أن يقنع المصوتين بتجاهل أحدث مناصبه، عندما كان رئيسا للبرلمان التونسي للاستبدادي زين العابدين بن علي، الذي زور الانتخابات خلال حكمه الذي امتد التي امتد 24 عاما ، إلى أن أطاحت به الدولة عام 2011.
ثورة تونس هي التي ألهمت انتفاضات الربيع العربي عبر أرجاء الشرق الأوسط، لكن بينما تعاني الأقطار الأخرى فيما بعد الثورات، تمثل انتخابات تونس الرئاسية الأحد انتقالا ناجحا للديمقراطية.
السباق الرئاسي الذي انطلق الأحد هو بين السبسي، والرئيس الحالي منصف المرزوقي، ذلك الناشط الحقوقي الذي أصبح رئيسا بعد أول انتخابات حرة عام 2011.
ويهمين على الانتخابات التونسية أسئلة بشأن عودة هؤلاء المقربين من بن علي، الذي هرب إلى السعودية.
بعض مسؤولي النظام السابق بالفعل أمنوا مناصب برلمانية بعد أن فاز حزب نداء تونس العلماني على معظم المقاعد في انتخابات أكتوبر البرلمانية.
وفي أعقاب ذلك، انطلقت الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، وحصد السبسي 39 % مقابل 33 % للمرزوقي.
السبسي، الذي كان يوما ما رئيسا لبرلمان بن علي ينأى بنفسه من الفساد والانتهاكات التي ارتبطت بالنظام القديم، ويقدم نفسه على أنه رجل الدولة الذي تحتاجه تونس بعد ثلاث سنوات من عدم الاستقرار.
وقال السبسي في كلمته بمؤتمر انتخابي في وقت سابق من الشهر الجاري: ” هل يظن الناس حقا أن رجلا في مثل سني سوف يهمين على كل شيء؟ سأكون رئيسا لكافة التونسيين..كل ما أريده هو عودة هيبة الدولة".
دمج مسؤولي بن علي في السياسة كان جزءا من التسوية السياسية التي أنقذت المرحلة الانتقالية لتونس، وميزتها عن دول أخرى مثل ليبيا ومصر، التي لا تزال تكافح بعد الربيع العربي لمقاومة تأثير النظام.
مسؤولو بن علي لم يتعرضوا للمطاردة، وكذلك كان قانون لحظر أعضاء حزبه من السياسة مجرد اقتراحات أولية.
والآن، في سبيل مناشدة التونسيين، يشير السبسي إلى بورقيبة، في إطار مناشدته للتونسيين الآملين في مزيد من الاستقرار.
بورقيبة هو الرئيس الأول لتونس، وحكم لمدة عشرين عاما، قبل أن يطيح به بن علي، ويبقى رهن الإقامة الجبرية حتى موته.
وبالرغم من تعزيزه لنظام الحزب الواحد المهيمن، فإن الكثير من التونسيين ما زالوا يرونه كمؤسس لدولة علمانية الميول، تركز بؤرة اهتمامها على التعليم وحقوق المرأة والتنمية الاقتصادية.
أما المرزوقي، فهو يتحدث عن السبسي في إطار حقبة بن علي، ويرى أن فوز خصمه بالرئاسة سيقوض إرث "ثورة الياسمين"، مع خطورة استثثار رجال النظام القديم "الفلول" بالسلطة.
وعبر المرزوقي عن ذلك المعنى قائلا: ” السبسي ليس ديمقراطيا، ولا يعرف ماذا تعني الديمقراطية".
السبسي سيجابه في حالة فوزه الكثير من التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه تونس، وحركة تمرد إسلامية منخفضة الكثافة، والحاجة إلى إجراءات تقشف قاسية لتخفيف عجز الموازنة.
الهامش الضئيل الذي يتفوق به نداء تونس في البرلمان يعني أنه سيكون مجبرا على الوصول لحلول وسطية، عندما يختار المشرعون رئيس وزراء.
لكن ليس واضحا ما إذا كان نداء تونس سيكون قادرا على العمل مع الجبهة الشعبية اليسارية، أو حركة النهضة الإسلامية في ائتلاف وطني.
ويظل النهضة صوتا سياسيا قويا بعد أن حصد 69 مقعدا في البرلمان مقابل 85 لنداء تونس من إجمالي 217 عضوا.
من جهته، قال ريكاردو فابيانو الباحث بـ "يوراسيا جروب" متحدثا عن تحديات تكوين ائتلاف: ” نتيجة لذلك، ستضحى الحكومة القادمة غير فعالة، وغير قادرة على تنفيذ أي إصلاحات اقتصادية رئيسية".
العديد من الذين شاركو ا في ثورة 2011 قالو إنهم ينظرون بقلق إلى عودة النظام القديم.
الأسبوع الجاري يمثل الذكرى الرابعة لوفاة محمد بوعزيزي، البائع المتجول الذي أضرم النار في جسده، وأشعل الثورة ضد الانتهاكات والظروف الفقيرة التي عانى منها الكثير في حقبة بن علي.
وقال علي مكي الذي قتل شقيقه في مظاهرات 2011: ” تكبدنا ثمنا باهظا من أجل الثورة، والآن بعد مرور أربعة سنوات، يعود النظام القديم في مظهر جديد، وحديث ديمقراطي..سنظل نحارب من أجل الحرية التي اكتسبناها".
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment