لم يكن متوقعًا أن تسارع أقطاب في الإعلام المصري، معروفة بعلاقتها مع جهات سيادية، إلى شن هجوم على المملكة العربية السعودية تلك السرعة، بمجرد تولي الملك الجديد، سلمان، لمقاليد السلطة في بلاده، ومع توقعات بأن تنتهج المملكة، في عهده، توجهًا أقل حدة في دعم النظام المصري الجديد أو معاداة خصومه، وبخاصة أن العاهل السعودي الجديد لم يصدر عنه ما يسيء إلى النظام المصري أو يشير إلى انتهاج سياسة مختلفة.

ومما زاد الأمر سوءا، وفقا للمراقبين، أن الهجوم الإعلامي المصري على السعودية يأتي بعد فترة وجيزة من تسريبات مكتب عباس كامل (مدير مكتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي) والتي ظهر فيها صراحة أن فئة من الإعلاميين في مصر يتلقون أوامرهم مباشرة من قبل السلطة السياسية، والأنكى أن الإعلاميين المتورطين في الهجوم على السعودية وملكها الجديد مذكورين بالاسم في تسريبات عباس كامل، وهو ما يشير إلى كون هذا الهجوم الإعلامي مباركًا ويحظى بتأييد جهات سيادية في الدولة المصرية.


إبراهيم عيسى السعودية دعمت الإرهاب في سوريا



أول هؤلاء الإعلامييىن المتورطين في الهجوم على السعودية وأكثرهم إثارة للجدل هو الصحفي المصري إبراهيم عيسى، الذي شن هجومًا على الملك سلمان واتهمه بدعم الإرهاب في سوريا، وطالب السيسي بعدم التبعية لسياسة السعودية، وأنه لا يجوز أن تتلقى مصر أموالا من السعودية لأن مصر أكبر من ذلك، فهي وجيشها من حمى الخليج بأكمله بعد مشاركته الفعالة في تحرير الكويت، وقال عيسى أن الملك سلمان له اتجاهات قوية للإخوان المسلمين، وأنه يسعى للضغط على السيسي لعودة الإخوان للعمل السياسي من جديد، وطالب عيسى الحكومة بمصارحة الشعب بأنه لم يعد هناك دعم من السعودية ويجب على الشعب أن يتحمل.

وفي انتقاد صريح للملك سلمان قال عيسى إن العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية ستعود إلى الدفء من جديد بعد أن وصلت إلى قطيعة “حد الدم” في عهد الملك الراحل، وأضاف «عيسى» أن السعودية تقوم بتمويل الجماعات المسلحة في سوريا حتى الآن وعلى رأسها «جبهة النصرة» التي قال إنها تمثل فرعا من تنظيم «القاعدة» نكاية في إيران والنظام السوري برئاسة «بشار الأسد».

وقال عيسى إن الدم في سوريا يقع على عاتق الثلاثي قطر وتركيا والسعودية الذين كانوا يجلسون على طاولة واحدة مع أحد إرهابيي جبهة النصرة، وهو صدام الجبلي، للتنسيق على حد وصفه.

أشار «عيسى» أن الإحصاءات سجلت أن 90% من التفجيرات الانتحارية التي تقع في سوريا والعراق يقوم بتنفيذها أشخاص من السعودية، واصفا المملكة بأنها ترقد على برميل بارود من الإرهابيين.

وتساءل «عيسى» عن ماهية العلاقات الأمريكية السعودية الجديدة، مستنكرا توجهات الملك «سلمان» بشأن عقد تحالفات مع النظام القطري والتركي ومن ثم رفع الضغط على «الإخوان» في مصر والمنطقة، لافتا أنه لم يعد خافيا انتماء أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد» والرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، واصفا «الإخوان» بأنهم عملاء النظامين في مصر.

يوسف الحسيني مقرن أفضل لمصر من سلمان


وكان الإعلامي المصري يوسف الحسيني سباقًا في الإساءة إلى السعودية وملكها الجديد حتى قبل توليه السلطة، وذلك أثناء مناقشته لقضية خلافة الملك الراحل عبدالله إبان مرضه الأخير، حيث طعن الحسني في أهلية الملك (ولي العهد وقتها) سلمان للحكم، بسبب مرضه، كما حذر الحسيني من تولي سلمان للسلطة في المملكة وأن مصر لن تشعر بالراحة في عهده كما كانت في عهد سلفه، وأضاف الحسيني أن تولي الأمير مقرن “ولي العهد الحالي” للعرش سيكون أفضل لمصر.

كما هاجم الحسيني نجل الملك ووزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي الحالي الأمير محمد بن سلمان، واتهمه بالسعي للسيطرة على وزارة الدفاع من خلال إدخال مقربين منه في مؤسسات الدولة، لافتا إلى دور الأمير الشاب في الإطاحة بخالد بن بندر من منصبه كنائب لوزير الدفاع في وقت سابق من العام الماضي.

ولم يقتصر هجوم الحسيني على رموز السياسة والعائلة الحاكمة، لكنه امتد إلى مهاجمة رموز دينية أساسية في السعودية كابن باز وابن عثيمين إضافة إلى شيخ الإسلام ابن تيمية واصفًا إياه بأنه من أئمة الدم.

الإعلامي وائل الإبراشي سار على نهج مقارب أثناء استضافته للداعية السعودي أحمد الغامدي، من خلال لمز نشاطات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما سبق للإبراشي أن ألمح إلى تغير نظرة السعودية إلى النظام المصري من خلال اتصال هاتفي أجراه مع سفير سابق لمصر في السعودية.

لماذا الآن
في معرض هجومه على النظام السعودي الجديد، أشار إبراهيم عيسى إلى مقال للكاتب السعودي جمال خاشقجي الذي أشار فيه إلى سياسة جديدة للمملكة في عهد الملك سلمان قد تقلل من رهاناتها على النظام المصري الذي وصفه بكونه “نظاما مستبدا”. وأشار عيسى إلى رغبته في أن تخرج مصر مما وصفه بحالة الامتنان للخليجيين، مشيرًا إلى أن مصر قد ساعدت في تثبيت عروش الخليجيين (إشارة لمشاركة مصر في حرب الخليج) وأنه ليس لأحد من الطرفين أن يمن على الآخر.

وتشير تصريحات عيسى وغيره إلى ما سبق أن أكدته وسائل إعلام عالمية من استياء السيسي وحليفه محمد بن زايد من سقوط الطبقة الموالية لهم في المملكة، وعلى رأسها رئيس الديوان الملكي الأسبق خالد التويجري، الذي تمت الإطاحة به ومنعه من السفر، وصعود طبقة جديدة من الحكم يعتبر أهم رموزها الأمير محمد بن نايف ولي العهد ووزير الداخلية الذي لا يعتبر على وفاق تام مع السيسي وبن زايد.

الإعلام الإماراتي بدوره سارع إلى لمز الطبقة الحاكمة في السعودية ولكن بشكل أقل حدة، حين سارع موقع “إرم نيوز”، الموالي لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، إلى مهاجمة الأمير محمد بن نايف واصفًا أن بيعته تمت دون استشارة هيئة البيعة، وأنها ستكون مقدمة لإثارة خلافات بين الأمراء الشبان في العائلة المالكة.

لذا، ووفقا للمراقبين، تبدو التغييرات الأخيرة في هرم السلطة في المملكة ليست على هوى السيسي وحليفه الوثيق محمد بن زايد في أبوظبي، وهي المخاوف التي انعكست على الأداء الإعلامي لكلا الدولتين الذي اتخذ موقفًا متحفظًا أو عدائيًا تجاه السلطة الجديدة في المملكة، وفي ظل السطيرة المطلقة للأجهزة الأمنية على الإعلام في الدولتين، يمكن أن نعتبر الأداء الإعلامي معبرًا عن مخاوف سياسية حقيقية من الدولتين تجاه القيادة السعودية.

مواقع التواصل الاجتماعي
على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، دشن النشطاء الخليجيون وسمًا تحت عنوان “الإعلام المصري يهاجم السعودية”، رد فيه النشطاء الخليجيون الغاضبون والساخرون على هجوم الإعلاميين المصريين على بلادهم، حيث وصف المغردون الخليجيون الإعلام المصري بأنه جوقة تأتمر بأوامر عباس كامل كامل مدير مكتب السيسي ساخرين بقولهم “كتبت يا أحمد!”









المصدر: ساسة بوست

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -