لم يفارقه مشهد أمين الشرطة وهو يطلق الرصاص ليخترق ظهر أمه وهو بين أحضانها .. فجأة تلاشت الابتسامة التى كانت تعتلى وجهها لتحل الدماء محلها وهى تسيل من أنفها بغزارة .. لقطات حفرت فى ذاكرة الصغير الذى لم يتجاوز عمره بعد أنامل يده الواحدة وتمر أمام عينه، حملق إليها وهى تتوجع لم بستطع عقله الصغير أن يستوعب ما يحدث من حوله فجأة سقط شقيقه صاحب العامين من بين زراعى أمه، بعدما انهارت قواها تماماً والدم يتساقط من كل جانب، صراخ الأطفال كان بطل المشهد.
المشهد لم يتجاوز دقائق رصاصة حكمت على طفلين أن يعيشا بقية عمرهما دون أمهم، "ضحى إبراهيم" أم الطفلين خرجت مسرعة بعدما هاتفها زوجها طالباً منها احضار ألفى جنيه لإرضاء أمين الشرطة حتى لا يسحب سيارته لأنه لا يحمل رخصاً، لم تفكر كثيراً، أحضرت ما استطاعت إحضاره، وحملت الرضيع، يوسف، بيد وتشبث فهد، ابنها ذي الخمسة أعوام، بيديها الثانية.
لم تعلم " الأم " أنها كانت تهرول نحو مصيرها الأخير، فالملبغ وجده أمين الشرطة زهيداً كما روى لنا الزوج " تامر محمد" سائق ميكروباص على خط بولاق الدكرور ، الذى حاول إقناع أمين الشرطة بأنه ليس معه سوى هذا المبلغ مترجياً أن يسمح له بالرحيل قبل مجيء الظابط حتى لا يتعرض للاهانة أمام زوجته، ولكنه رفض أن يتركه إلا بعد أن يراضيه بمبلغ محترم.
انتقلت (مصر العربية) بعدستها إلى عزبة أولاد علام بالدقى حيث مسكن الأم ضحية أمين الشرطة، بيت بسيط لا يتعدى الحجرة الواحدة يبيت بها أفراد الأسرة، بمجرد وصلنا وجدنا الكل يتشح بالسواد، بكاء يتخلله تارة صوت القرآن وتارة أخرى يلفت انتباهك نظرات الطفل فهد الشارده باحثاً بين المارين والمترددين على بيتهم الصغير عن وجه والدته.
كواليس الجريمة
يروى الزوج بداية الواقعة قائلا: "فوجئت فى أحد الأكمنة باستيقافى من أحد الضباط وطلب الرخصة منى إلا أن أخبرته بأنها ليست معى، فطلب من أمين شرطة بأن يأخذ السيارة إلى الكيلو 4 ونص، وقاد هو السيارة بنفسه، وأنزل الركاب عند كوبرى الخشب، كان البديهى أن يسلك أمين الشرطة طريق الهرم لنتجه إلى الكيلو 4 ونص، وأخذ طريقاً آخر.
وأضاف: تعطلت السيارة، فاقتنصت الفرصة لمحاولة إقناعه بأن يترك السيارة مقابل مراضته بمبلغ مالى قيمته ألفي جنيه، ووافق كان بجيبى نحو مائتى جنيه طلبت من زوجتي أن تأتى ومعها باقى المبلغ، وبالفعل جاءت إلا أن جميع ما معنا وقتها كان ألفا، ظننت أنه لن ينتبه للقيمة الحقيقية للمبلغ كونه يحوى "فكه كتير" وأبى أن يأخذه ناقصًا.
وتابع الزوج: أخبرته بأن هذا كل ما معى ورفض تماماً فركبت سيارتى ومعى زوجتى حاملة طفليها يوسف (عامين) وفهد (5 أعوام)، ومشيت بها مسرعاً خوفاً من مجيء ضابط الشرطة وإهانتى أمام زوجتى، ففوجئت بثلاث طلقات تخترق سيارتى الميكروباص بينهم واحدة اخترقت ظهر زوجتى".
"حاسة إن فى حاجة دخلت ضهرى".. كانت تلك آخر ما تلفظت به ضحى لزوجها نظر إليها فوجدها تنزف دماً وصرخات الصغيرين تدوى جنبات الميكروباص، حمل زوجته بين زراعيه واستوقف توك توك وأغلق على طفليه الباب فى السيارة، ووصل بها مستشفى 6 أكتوبر إلا أنهم اكدوا له عدم القدرة على اسعافها فحملها مجدداً واتجه بها الى مستشفى بولاق إلا انها لفظت أنفاسها الأخيرة وهما فى الطريق قائلاً: "نزفت كتير جدااً..".
"بطالب باعدام أمين الشرطة اللى حرق قلبنا عليها وحرم والدها منها".. كانت تلك أقصى أمانى الزوج مشيراً الى أن النيابة تجرى تحرياتها.
وانهار الزوج باكياً حينما علم بعد التسجيل اليوم أن أمين الشرطة المتهم بقتل زوجته وتيتيم طفليه صدر قرار بإخلاء سبيله، لافتاً إلى أن سكرتير نيابة بولاق الدكرور أخبره بأن القرار صادر من مكتب النائب العام وتابع قائلا: "إزاى واحد يقتل يوم الخميس يخلى سبيله يوم السبت بضمان محل إقامته، أنا لو شفته فى الشارع استحالة هسيبه القرار ظالم بكل المقاييس".
ماما وحشتنى.. والأمين موتها
تركنا الزوج حاملاً الطفل الرضيع يوسف الذى تخللت ملامحه الحزن رغم عمره الصغير ولسان حالك يسأل "هل يشعر انه لن يشاهد أمه مجدداً أم أرهبه اللون الاسود الذى اتشح به الجيران".. انتقلنا بعدساتنا للصغير فهد وهو يحمل مسدسا لعبة بين كفيه قائلاً: "أمين الشرطة ضرب ماما بالمسدس فماتت.. كانت بتزل دم من شفايفها.. انتى فاهمانى .. هى وحشتنى قد الدنيا".
“لو السيسى عنده بنت ميرضاش انها تتضرب بالنار".. بنبرات تحمل الكثير من القهر قالها والد ضحى، مستطردًا: "انا بقول لرئيس الجمهورية لو مش هتقدر تجيب حق بنتى احنا هنجيبه بنفسنا.. ليه اشوفها ميتة مضروبة بالرصاص وجوزها وولادها الصغيرين يتبهدلوا ويتحرموا منها".
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment