وقائع مفزعة لخلفاء القهر في حكم الشعوب، وصراعات هؤلاء الخلفاء مع بعضهم البعض، ومع أمرائهم وولاتهم وأعمالهم، ومع ذلك يسعى سفهاء العقل والذين لم يستفيدوا من دروس التاريخ وتجارب الخلافات الإسلامية إلى عودة نظام الخلافة، وهم يعلمون أن مثالب هذا النظام في إدارة أمور الدنيا تطغى على أحلام الحالمين... من المستحيل أن نزرع طرائق العصور الوسطى في الحكم في عصرنا الحديث، ومن المستحيل أن نعيد إلى عالمنا أوجهاً قبيحة للحكم، أوجه الحكم الاستبدادي الشمولي بنزوعاته الإمبراطورية، وسعيه للتوسع دائماً، باسم تأمين الحدود، أو باسم الدعوة للدين، فالحدود لا نهاية لها عندئذ، والدعوة للدين، لا تكون بالتوسع، وإنما فقط، بالدعوة للدين بالتي هي أحسن، بخطاب العقل للعقول. إن منطق العصر يفرض تداول الحاكمين للحكم وتجديد المحكومين للحاكمين، ويفرض تجدد أهل الشورى، كل بضع سنين، تحقيقا للعدل في الحكم، ودرءا للفساد في الأرض، ودفعا لشهوات الحاكمين، وأتباع الحاكمين، في السيطرة على رقاب العباد، وسلب أموال العباد، ويفرض مراقبة تصرفات الحاكمين والأتباع، ومحاسبة الحاكمين والأتباع، فالدولة هي كل الشعب، وليست الدولة هي الحكومة والحاكمين".
من كتاب "الوجه الآخر للخلافة الإسلامية" للكاتب الكبير سليمان فياض الذي رحل عن دنيانا قبل أيام، رحمه الله رحمة واسعة.
ـ "في مجال حقوق الإنسان لا مكان للانتقائية في المواقف، والازدواجية في المكاييل، فهناك فقط موقف مبدئي واحد وأصيل، هو الدفاع عن حقوق كل إنسان، أي إنسان، أياً كانت عقيدته الوطنية، أو اعتقاده السياسي، أو منطلقه الأيديولوجي، الدفاع عن الإنسان المجرد، وليس الإنسان المُصنّف الذي يشاركني الانتماء والتوجهات، في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان المعيار الأوحد الذي يحدد من هو الإنسان، هو إنسانيته وليس دينه، ولا لونه السياسي ولا أيديولوجيته، وأنا لم أتوصل إلى هذه القناعة باختيار فكري فحسب، وإنما هذه القناعة تولدت لدي من دروس الحياة التي تؤكد أن التغاضي أو السكوت على أدنى انتهاك لحريات الآخرين، حتى لو كانوا منافسين سياسيين أو خصوما سياسيين أو حتى أعداء سياسيين، مثل هذا التغاضي هو سهم لا بد أن يرتد إلى صدر المتغاضي، لأنه يُسهِّل على الدولة البوليسية إرساء قاعدة سرعان ما تعمم على الجميع، وتكريس نهج سرعان ما تصيب لعنته الجميع، لذلك لا يجوز التعامل مع أي إهدار لحريات خصومنا السياسيين بمنطق "بركة يا جامع"، أو بمفهوم "اللي بعيد عن راسي أهز له كتافي"، لقد لقنت مدرسة الحياة الشيوعيين المصريين درسا لا يجب نسيانه سواء من الشيوعيين أو غير الشيوعيين، ففي أواخر الخمسينيات أصدر الحاكم العسكري العام أمرا عسكريا يبيح له تشغيل المعتقلين أشغالا شاقة داخل المعتقلات، ولا بد أن أعترف بأن الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين تعاملوا يومها مع هذا الأمر العسكري باستخفاف، توهما منهم بأنهم غير مخاطبين به لا في الحال ولا في الاستقبال، وأنه صدر للمعتقلين من الإخوان المسلمين، ودارت دورة الزمان فإذا بالأمر العسكري المذكور يطبق لأول مرة ولآخر مرة على المعتقلين الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين داخل أبو زعبل أواخر عام 1959. وأرجو كل الرجاء ونحن في هذه الأيام على أعتاب صدور قانون جديد لمكافحة الإرهاب ألا نعيد ارتكاب الخطأ السابق. وأن نقف صفا واحدا في وجه إصدار هذا القانون. حتى لو تعللت الدولة البوليسية بأن إصداره يمثل ضرورة لحماية الديمقراطية من شرور الإرهابيين. إن هذه حجة فارغة خادعة، وهى أشبه بما ردده تجار الحروب يوما عن القنبلة النووية النظيفة. وما أصدق مقولة الفقيه الأميركي تشافي التي قال فيها: لم يخترع حتى الآن بندقية تقتل الذئب المتنكر في ثوب حَمَل، ولا تقتل الحَمَل نفسه".
محامي الشعب أحمد نبيل الهلالي، رحمه الله، في كلمة ألقاها في احتفالية عقدت لتكريمه عام 2004، متحدثاً عن اختياره الدفاع عن معتقلي الجماعات الإسلامية التي تتناقض مع أفكاره اليسارية التي عاش مناضلا من أجلها طوال عمره
من كتاب "الوجه الآخر للخلافة الإسلامية" للكاتب الكبير سليمان فياض الذي رحل عن دنيانا قبل أيام، رحمه الله رحمة واسعة.
ـ "في مجال حقوق الإنسان لا مكان للانتقائية في المواقف، والازدواجية في المكاييل، فهناك فقط موقف مبدئي واحد وأصيل، هو الدفاع عن حقوق كل إنسان، أي إنسان، أياً كانت عقيدته الوطنية، أو اعتقاده السياسي، أو منطلقه الأيديولوجي، الدفاع عن الإنسان المجرد، وليس الإنسان المُصنّف الذي يشاركني الانتماء والتوجهات، في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان المعيار الأوحد الذي يحدد من هو الإنسان، هو إنسانيته وليس دينه، ولا لونه السياسي ولا أيديولوجيته، وأنا لم أتوصل إلى هذه القناعة باختيار فكري فحسب، وإنما هذه القناعة تولدت لدي من دروس الحياة التي تؤكد أن التغاضي أو السكوت على أدنى انتهاك لحريات الآخرين، حتى لو كانوا منافسين سياسيين أو خصوما سياسيين أو حتى أعداء سياسيين، مثل هذا التغاضي هو سهم لا بد أن يرتد إلى صدر المتغاضي، لأنه يُسهِّل على الدولة البوليسية إرساء قاعدة سرعان ما تعمم على الجميع، وتكريس نهج سرعان ما تصيب لعنته الجميع، لذلك لا يجوز التعامل مع أي إهدار لحريات خصومنا السياسيين بمنطق "بركة يا جامع"، أو بمفهوم "اللي بعيد عن راسي أهز له كتافي"، لقد لقنت مدرسة الحياة الشيوعيين المصريين درسا لا يجب نسيانه سواء من الشيوعيين أو غير الشيوعيين، ففي أواخر الخمسينيات أصدر الحاكم العسكري العام أمرا عسكريا يبيح له تشغيل المعتقلين أشغالا شاقة داخل المعتقلات، ولا بد أن أعترف بأن الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين تعاملوا يومها مع هذا الأمر العسكري باستخفاف، توهما منهم بأنهم غير مخاطبين به لا في الحال ولا في الاستقبال، وأنه صدر للمعتقلين من الإخوان المسلمين، ودارت دورة الزمان فإذا بالأمر العسكري المذكور يطبق لأول مرة ولآخر مرة على المعتقلين الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين داخل أبو زعبل أواخر عام 1959. وأرجو كل الرجاء ونحن في هذه الأيام على أعتاب صدور قانون جديد لمكافحة الإرهاب ألا نعيد ارتكاب الخطأ السابق. وأن نقف صفا واحدا في وجه إصدار هذا القانون. حتى لو تعللت الدولة البوليسية بأن إصداره يمثل ضرورة لحماية الديمقراطية من شرور الإرهابيين. إن هذه حجة فارغة خادعة، وهى أشبه بما ردده تجار الحروب يوما عن القنبلة النووية النظيفة. وما أصدق مقولة الفقيه الأميركي تشافي التي قال فيها: لم يخترع حتى الآن بندقية تقتل الذئب المتنكر في ثوب حَمَل، ولا تقتل الحَمَل نفسه".
محامي الشعب أحمد نبيل الهلالي، رحمه الله، في كلمة ألقاها في احتفالية عقدت لتكريمه عام 2004، متحدثاً عن اختياره الدفاع عن معتقلي الجماعات الإسلامية التي تتناقض مع أفكاره اليسارية التي عاش مناضلا من أجلها طوال عمره
العربى الجديد
0 التعليقات:
Post a Comment