أضحت السياسية السعودية الجديدة التي انتهجها الملك سلمان عقب توليه مقاليد الحكم واضحة للعيان، فالمملكة التي كانت شريكا رئيسيا لتوجه النظام المصري عقب أحداث الـ 30 من يونيو، باتت صديقة ﻷلد أعداء السيسي.
وحملت السياسة الجديدة لسلمان تقاربا خليجيا مع قطر وتركيا وحركة حماس، تلك الدول التي تعدها القاهرة من أشد الدول عداء للنظام المصري الحالي.
ويتزامن وجود الرئيس التركي في الرياض، مع زيارة الرئيس السيسي للملك سلمان، الأمر الذي دفع البعض لطرح تساؤل بشأن إمكانية خضوع الرئيس السيسي لتوجه المملكة الجديد.
خبراء أكدوا لـ"مصر العربية" أن تزامن الزيارتين يعد خطوة نحو مبادرة سعودية لتقارب مصري تركي، عبر جلسة صلح غير مباشرة، مشيرين إلى أن خيارات السيسي محدودة في رفض مطالب المملكة العربية إزاء مصالحة بين القاهرة وأنقرة أو مصالحة شاملة بين الإخوان والنظام الحالي.
محمد محسن أبو النور، المحلل السياسي والباحث المتخصص في العلاقات الخارجية قال: إن زيارة السيسي للرياض مدفوعة بقلق مصري محتدم من مواصلة الدعم السعودي للنظام في ضوء عاملين، الأول تغير السلطة في الرياض، والثاني التوتر الذي أحدثته تسريبات مكتب السيسي بخصوص دول الخليج.
وتابع في حديثه لـ "مصر العربية" أن أي انهيار في العلاقات المصرية ـ الخليجية، حاليا سيؤدي بالضرورة إلى انهيار النظام ذاته خاصة مع الحالة الأمنية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر.
وعن خضوع السيسي لسياسة الملك سلمان الجديدة قال، إن معادلة العلاقات المصرية ـ السعودية مختلة لصالح المملكة العربية، ومع توجهات الملك سلمان بالتخفيف من حالة الاحتقان التي يشهدها المحور السني في الإقليم فمن المؤكد أن تكون خيارات السيسي محدودة في رفض مطالب المملكة العربية خاصة إزاء مصالحة بين القاهرة وأنقرة أو مصالحة شاملة بين الإخوان والنظام الحالي.
وبشأن دلالة تزامن زيارة السيسي وأردوغان للسعودية، أضاف أبو النور أن التزامن بين زيارتي السيسي وأردوغان إلى الرياض ذات دلالة على أن هناك لقاء مرتقبا قد يحدث بين رئيس البلدين، ومن المؤكد أن المملكة العربية السعودية تريد إما تحييد الموقف التركي من الصراع الإقليمي أو ضم تركيا إلى التحالف السني في مواجهة المحور الإيراني فضلا عن تحجيم تمدد تنظيم الدولة.
وعن تحدث المراقبين بشأن إمكانية تخلي مصر عن دور السعودية، قال: هذا كلام لا علاقة له بالواقع، فالنظام المصري الحالي في حاجة ماسة إلى الجميع، خاصة مع الوضع الاقتصادي المتردي وازدياد الحاجة المصرية إلى تمويل ضخم للحرب على الإرهاب.
محور سعودي
من جانبه قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، إن وجود الرئيس التركي أدوغان في الرياض بالتزامن من زيارة الرئيس السيسي ليست من قبيل الصدفة، مؤكدا أن الملك سلمان قام بترتيب الزيارتين في وقت واحد.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية لـ"مصر العربية"، أن الملك السعودي سيستمع لمصر لرؤية مصر حول إجراء حوار أو نقاش مع تركيا بشكل غير مباشر، لتقريب وجهات النظر، مؤكدا أن سلمان قادر على جمع كل الأطراف بما فيها مصر.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أنه رغم وجود جملة من الشروط المصرية والتي لم تستوفها قطر أو تركيا فيما يتعلق بملف المصالحة، إلا أن مصر ربما تبدأ في اخترق المواقف الثابتة بين القاهرة والرياض منذ عهد الملك الراحل.
وعن سياسة السعودية الجديدة، قال فهمي، إن السعودية تبحث عن تكوين محور جديد في المنطقة، يضم العديد من الدول السنية، للتغلب على المخاطر المحيطة، مشيرا إلى أن مصر قد تكون لديها خيارات كثيرة، إلا أنها حريصة على أن يكون هناك لغة حوار مع السعودية.
زيارة السيسي
ووصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الرياض، اليوم الأحد في زيارة للسعودية يلتقي خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
ومن المقرر، بحسب وكالة الأنباء السعودية، سيتم خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بالإضافة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وأكدت الرئاسة المصرية أن القمة المصرية السعودية ستهتم بالأوضاع المتدهورة في اليمن، وبحث سبل تداركها تلافيا لآثارها السلبية على أمن منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر.
وتعد زيارة السيسي إلى السعودية أول زيارة رسمية له منذ تولى خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم.
أردوغان في السعودية
ووصل الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، مساء السبت، إلى مدينة جدة بالسعودية في مستهل زيارة رسمية للبلاد تستغرق ثلاثة أيام، يجري خلالها مباحثات رسمية مع المسؤولين هناك.
ووصل الرئيس التركي إلى المملكة السعودية على رأس وفد ضم نائبي رئيس الوزراء "نعمان قورتولموش" و"يالجين أقدوغان"، ووزيرا الاقتصاد "نهاد زيبكجي"، والخارجية "مولود جاويش أوغلو"، وعدداً من رجال الأعمال، فضلا عن عقيلته "أمينة أردوغان".
وكان بيان صادر عن المركز الإعلامي للرئاسة التركية، قبل عدة أيام، قد ذكر أن زيارة "أردوغان" تستمر من 28 فبراير، وحتى الثاني من مارس المقبل.
وأفاد البيان أن أردوغان سيلتقي خلال الزيارة، العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبد العزيز آل سعود"، في العاصمة الرياض، حيث من المقرر أن يتضمن اللقاء مباحثات بشأن العلاقات الاستراتيجية "الأخوية المتجذرة تاريخياً" بين البلدين، بحسب وصف البيان، كما سيتبادل الزعيمان وجهات النظر بشأن آخر التطورات الإقليمية والعالمية.
وبالتزامن مع وجود الرئيس السيسي مع أدوغان في السعودية، تحدث المراقبون عن مقابلة محتملة بين القاهرة وأنقرة ترعاها الرياض كخطوة أولى نحو مصالحة شاملة.
الرئيس عبد الفتاح السيسي، قال إن تزامن تواجده في السعودية مع زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مسألة "صدفة".
وأكد خلال لقائه مع فضائية "العربية" الإخبارية، مساء السبت، أن مصر كان لها خط ثابت لعدم التصعيد مع أحد، قائلا: السؤال عندما يوجه لي أقول: اسألوا الآخرين".
وبشأن وجود شروط مصرية لبدء أي تقارب أو حوار مع أنقرة رد الرئيس المصري: "العنوان الرئيسي هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومحاولة التأثير أو اتخاذ طرق مناوئة للواقع الموجود في مصر نكون غير مقدرين لإرادة الشعب المصري".
وفي الجانب الآخر، نفى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يكون هناك أي لقاء بينه وبين السيسي، خلال زيارته للسعودية.
وأكد في مؤتمر صحفي بمطار أتاتورك بإسطنبول، قبيل مغادرته، إلى السعودية، ردا على سؤال بشأن احتمال لقائه الرئيس السيسي، القول: "غير وارد ولا يوجد ذلك على أجندتنا على الإطلاق، ولكي يحدث مثل هذا الأمر، يتوجب الإقدام على خطوات في مسار إيجابي بشكل جاد للغاية".
وتوترت العلاقات بين أنقرة والقاهرة، عقب اندلاع أحداث الـ 30 من يونيو 2011 والتي أطاحت بنظام محمد مرسي، وتتهم مصر تركيا بدعم الإخوان المسلمين.
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment