مصر تعلن دعمها الشرعية في اليمن المتمثلة في الرئيس "هادي".. مصر تسحب سفيرها من صنعاء لكنها لا تسمي سفيرا في عدن كما فعلت دول الخليج.. مصر تستقبل وفدا من الحوثيين للتباحث حول الوضع في اليمن!!.. بهذه المواقف التي فسرها خبراء على أنها متناقضة، جاء رد الفعل المصري على الأحداث اليمنية الأخيرة، متسائلين عن معنى استقبال وفد حوثي في الوقت الذي تدعم فيه مصر شرعية "هادي"؟
البعض قال إنها تأتي في إطار الاستخدام السياسي الذي تحول من خلاله مصر الضغط على المملكة العربية السعودية، بينما أكدت وزارة الخارجية المصرية عدم الجلوس مع قيادات الجماعة الحوثية بمقر الوزارة، إلا أن ذلك النفي لم يعده الخبراء نفيا لحضور الحوثيين إلى القاهرة، خصوصا في ظل تصريحات قيادات حوثية عن الزيارة، بالإضافة إلى تأكيد السفير اليمني بالقاهرة.
القائلون إن الزيارة تأتي في إطار الاستخدام السياسي من قبل النظام المصري يتحدثون عن تزامنها مع زيارة الرئيس السيسي للملك سالمان في السعودية.
وتأتي أهمية الطرح السابق بعد أن انتهج الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، سياسة جديدة عقب توليه مقاليد الحكم، تحولت خلالها المملكة من شريك رئيسي للنظام المصري، إلى صديقة ﻷلد أعداء السيسي.
محمد محسن أبو النور، المحلل السياسي والباحث المتخصص في العلاقات الدولية، قال إن ما يهم مصر من الملف اليمني أمران أساسيان، الأول الحفاظ على وحدة اليمن، والثاني عدم الاقتراب من أمن مضيق باب المندب.
وأضاف المحلل السياسي لـ"مصر العربية"، أن وجود وفد حوثي في القاهرة استهدف طمأنة مصر بأن الحوثيين لن يتعرضوا بأي أذى لمضيق باب المندب، بالإضافة إلى الحصول على شرعية عربية من أكبر دولة في منظمة الجامعة العربية، مشيرا إلى أن مصر كانت في حاجة إلى هذه التوضيحات.
وأكد المحلل السياسي أن الحكومة الإيرانية نصحت عبد الملك الحوثي بعدم استفزاز مصر، باعتبارها أكبر قوة عسكرية عربية في المنطقة، ما يعني أن الحوثيين يريدون تقليل مساحة الجبهات المفتوحة وبالطبع بدأوا بمصر التي لم تشارك في المبادرة الخليجية التي جاءت بعبد ربه منصور هادي.
وأشار أبو النور إلى أن جماعة الحوثيين ليست كالجماعات التكفيرية الإرهابية، المنتشرة في سوريا والعراق، وفي الآونة الأخيرة حاول البعض تصدير صورة غير دقيقة عن الحوثيين الذين احتلوا العاصمة صنعاء بقوة السلاح قبل عدة أشهر تقريبا.
وعن استخدام مصر ورقة الحوثي، قال أبو النور، إن الحوثيين ورقة مهمة جدا للضغط على الحكومة السعودية مقابل ورقة الضغط الإخوانية لدى الرياض، والملاحظ أن الوفد الحوثي تزامن وجوده في مصر مع وجود السيسي في الرياض، في رسالة مصرية إلى السعودية مفادها أن أي تقارب سعودي ـ إخواني سيعني بالضرورة تقاربا مصريا ـ حوثيا، وهذا يدل على أن علاقات التحالف لا تقل تعقيدا عن علاقات العداء.
مصلحة اليمن
من جانبه، قال الدكتور يسري العزباوي الخبير السياسي، بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن عقد أفراد من جماعة الحوثيين مشاورات سياسية في مصر لا يعني بالضرورة مساندة الإرادة السياسية المصرية لهم، أو دعمهم سياسيا وعسكريا، مشيرًا إلى أن مصر أعلنت مساندتها الشرعية في اليمن.
وأوضح الخبير السياسي، لـ"مصر العربية"، أن مصر دولة كبيرة تحافظ على مصالحها مع كل الأطراف، والحوثيين قوى سياسية وعسكرية ضخمة، تتحكم في مضيق باب المندب، والذي يمس قناة السويس أهم مصدر دخل وطني.
وأكد الخبير السياسي، أن انفتاح مصر على الحوثيين، أمر طبيعي ويصب في صالح مصر، كما تصب في مصلحة القضية اليمنية عامة، والتي طلبت أن تدخل القاهرة لحل الأزمة، المندلعة منذ دخول الحوثيين صنعاء في 21 سبتمبر الماضي.
وعن إمكانية استخدام مصر الحوثيين كورقة للضغط على السعودية، أضاف الخبير بمركز الأهرام، أن مصر كما تحتاج للسعودية، فالرياض أيضًا تحتاج للقاهرة، ومن ثم التقارب المصري مع الجماعة الحوثي يصب في صالح السعودية، أكثر من كونه ورقة ضغط.
وفد حوثي في القاهرة
وغادر وفد من جماعة أنصار الله، "الحوثيين"، القاهرة، مساء الاثنين، بعد زيارة للقاهرة استغرقت يومين، بحسب صحيفة المصري اليوم.
ونقلت "المصري اليوم"، عن ضيف الله الشامى، عضو المجلس السياسي لجماعة أنصار الله الحوثية الشيعية، قوله إن "الوفد وصل القاهرة قادما من العاصمة الروسية موسكو، في إطار بحث العلاقات مع مصر وتوضيح بعض الأمور، بعد تأكدنا من محاولات لإحداث وقيعة بين مصر واليمن، ودخول أطراف بهدف تأجيج الصراعات الجانبية».
وعن دلالات الزيارة قال الشامى: "هناك عمل استخباراتى قوى بهدف الوقيعة مع مصر، وهذا ما لاحظناه مؤخرا في بعض القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الداعمة للإخوان داخل اليمن وخارجها”.
وجاءت الزيارة بعد نحو أسبوع من إغلاق مصر سفارتها في اليمن، وعودة البعثة الدبلوماسية المصرية إلى القاهرة.
وعن هذه الخطوة يقول «الشامى»: «ندرك جيدًا أن العلاقات بيننا وبين مصر أكبر من إغلاق سفارة، ونحن نفرّق جيدا بين من يسحب السفراء بهدف عزل اليمن، وبين من يسحبهم من أجل مخاوف أمنية، ونقدر مخاوف مصر، ونعلم أنها ليست ضمن المجموعة التي تحيك ضدنا مؤامرات”.
وكان عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي عبد الملك العجري، قال في تصريحات صحفية، إن وفدا من الحوثيين وصل صباح الأحد الماضي إلى القاهرة للقاء مندوب اليمن الدائم بجامعة الدول العربية لبحث آخر التطورات السياسية على الساحة اليمنية ومناقشة كيفية فتح علاقة مع القيادة المصرية، لبحث سبل التعاون المشترك.
بدوره، أكد سفير اليمن في مصر ومندوبها الدائم لجامعة الدول العربية محمد الهيصمي، في تصريحات صحفية لوسائل إعلام يمنية، أن وفد الحوثيين الذي زار القاهرة منذ يومين، لم يلتق أحدا من المسؤولين المصريين أو جامعة الدول العربية، مشيرا إلى أن الوفد لم يتصل به لتنسيق المقابلات.
في سياق متصل، نفت وزارة الخارجية المصرية، ما تردد مؤخرا في وسائل الإعلام، عن عقد وفد من جماعة "أنصار الحوثي" اليمنية مباحثات في القاهرة.
وأكد المتحدث باسم الخارجية، السفير بدر عبد العاطي، في بيان، اليوم الأربعاء، على "موقف مصر الداعم لمؤسسات ورموز الدولة الشرعية، في اليمن الذي تعصف به أزمة حادة".
كما شدد على أهمية اضطلاع القاهرة "بمسؤوليتها القومية من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية ومصالح شعب اليمن الشقيق".
عاصمة محتلة
وأعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، صنعاء "عاصمة محتلة" من قبل الحوثيين، مشيرًا إلى أن ما قامت به جماعة أنصار الله (الحوثيين) مؤخرًا "حركة انقلابية".
وقال خلال لقائه بمشايخ وأعيان وقادة في الأحزاب السياسية لإقليم سبأ، إن صنعاء عاصمة محتلة من قبل الحوثيين، وما قاموا به مؤخرًا ضد سلطات الدولة حركة انقلابية سنتصدى لها.
وكان الرئيس اليمني وصل إلى عدن صباح السبت قبل الماضي، بعد تمكنه من مغادرة منزله في صنعاء وكسر حالة الحصار التي فرضت عليه من قبل الحوثيين منذ استقالته يوم 22 يناير الماضي.
وبعد ساعات من وصوله، أعلن هادي تمسكه بشرعيته رئيسا للبلاد، وقال إن "كل القرارات الصادرة منذ 21 سبتمبر الماضي (تاريخ سيطرة الحوثيين على صنعاء) باطلة ولا شرعية لها".
وكانت "اللجنة الثورية" الحوثية أعلنت، يوم 6 من الشهر الماضي، ما قالت إنه "إعلان دستوري"، يقضي بـ"حل البرلمان، وتشكيل مجلس وطني انتقالي، ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء"، بهدف تنظيم الفترة الانتقالية التي حددتها اللجنة بعامين".
وقالت الجماعة إن هادي "أصبح فاقدًا للشرعية"، متوعدة كل من يتعامل معه بصفة رئيس دولة باعتباره "مطلوبا للعدالة".
وتعتبر عواصم عربية، ولاسيما خليجية، وغربية، تحركات الحوثيين، وهم زيديون شيعيون، "انقلابا على الرئيس اليمني الشرعي".
ويتهم مسؤولون يمنيون وعواصم عربية، ولا سيما خليجية، وغربية، طهران، بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، ضمن صراع بين إيران والسعودية، جارة اليمن، على النفوذ في عدة دول بالمنطقة، بينها لبنان وسوريا، وهو ما تنفيه طهران.
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment