اتفاق إيران النووي، حمل معه الكثير من التكهنات، حول المكاسب والخسائر التي لحقت ببعض البلدان العربية، فالاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، قلب التوازن في القوة في منطقة الشرق الأوسط، كما أنه منح علامات جديدة لصعود طهران، بحسب مراقبين.


فبعد عشر سنوات من المفاوضات جرى التوصل إلى “اتفاق إطار” بين الدول الست من ناحية وإيران من ناحية أخرى حول البرنامج النووي الإيراني، ما ينهي 13 عاماً من المواجهة ويؤرخ لمرحلة جديدة في العلاقات بين الطرفين.

ووافق المفاوضون في لوزان على اتفاق مبدئي لتقييد برنامج إيران النووي، والتنازل عن العقوبات انتظاراً لتحقيق الشروط النهائية للاتفاق؛ حيث إن الدول في أنحاء الشرق الأوسط قد بدأت بالفعل في التكيف مع المشهد السياسي الإقليمي الجديد.

وفى الوقت الذي تصر فيه الولايات المتحدة وإيران على أن المفاوضات تتعلق فقط ببرنامج طهران النووي، فإن قادة العالم العربي سينظرون إلى الاتفاق من منظور التوازن الحساس للقوى في الشرق الأوسط، والتي قد تؤثر على بقائهم بحسب مراقبين.

الدول العربية

الدكتور مدحت حماد، المحلل السياسي، والخبير في الشأن الإيراني قال، إن الدول العربية هي أكثر الدول الخاسرة من الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم بين طهران وواشنطن.

وأضاف حماد لـ"مصر العربية"، أن إيران وأوروبا وأمريكا اتفقوا على مصالحهم، فإيران أطمأنت أن الغرب لن يفرض عليهم عقوبات اقتصادية ولو في المستقبل القريب، والغرب أطمأن أن إيران لن تسعى لتخصيب اليورانيوم لأكثر من 3.6%.

وأكد الخبير في الشأن الإيراني، أن الاتفاق النووي يصب في صالح، النظام الإيراني في الداخل، وكذا في صالح أمريكا ودول أوروبا، ولن يرعى مصالح الدول العربية.

وأوضح أن الاتفاق ربما جرى معه اتفاقا سياسيا لترتيب مصالح الطرفين في الشرق الأوسط، لاسيما فيما يتعلق بنظام بشار الأسد في سوريا وجماعة أنصار الله (الحوثي) في اليمن.

وعن تأثر عاصفة الحزم في اليمن بالاتفاق، قال، إن الدول العربية تقف موقف المتفرج، لكنها لن توقف عملية الحزم، وتشديد وطأة الهجمات العسكرية قد يغير في موازين القوى، ويؤكد للغرب أن الدول العربية بإمكانها الإطاحة بمصالح الجميع إذا لم تراعى مصالحها.

ومن جهته قال الدكتور، مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية، من أكثر الدول قلقاً من هذا الاتفاق، مضيفاً أن رفع الحظر على طهران اقتصادياً، سيعطيها حرية أكبر للحركة، ودوراً أكبر في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وبالتالي ستتمدد في المنطقة كلها.

وأوضح، أن إسرائيل هي الأخرى متضرره من الاتفاق النووي الإيراني، فإسرائيل لا تريد لطهران أن تفرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط، كما أن نتنياهو هو الخاسر الأكبر، خاصة وأنه بنى استراتيجية طوال الفترة الماضية على تدمير المشروع النووي الإيراني عن طريق ضربه وتدميره، عسكرياً، بمساعدة الغرب، وهو ما تبخر بموجب الاتفاق الأخير.

خدمة مصالحها

واعتبر الكاتب والأكاديمي السعودي د. خالد الدخيل، أن أمريكا وافقت على الاتفاق النووي مع إيران "خدمة لمصالحها". وقال الدخيل، في تغريدة له عبر حسابه على موقع "تويتر": "لا يجب أن ننظر للاتفاق النووي مع إيران من زاوية ما ننتظره من الآخرين ومنهم أميركا، يجب أن ننظر إليه مما نتوقعه من أنفسنا وماذا يمكننا فعله".

وتابع في تغريدة أخرى: "أميركا أخذت بخيار الاتفاق مع إيران خدمة لمصالحها قبل أي شيء آخر، هذا واضح الآن، وقبل ذلك وبعده يجب أن تعمل على الخيارات التي تخدم مصالحك"، وأضاف: "السلاح النووي للتوازنات ليس للاستخدام، ولأن الطائفية سلاح إيران الآخر يجب تحييده بمشروع يكشف خواء المشروع الإيراني".

بدوره أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت الدكتور عبد الله الشايجى: أن "إيران قدمت تنازلات كبيرة وغير متوقعة للمحافظة على النظام السياسي ورفع العقوبات الاقتصادية، فموافقتها على عدم تخصيب اليورانيوم أكثر من 3.67 % بدلاً من 5 % لمدة 15 عاماً، تعني أنها قدمت تنازلات كبيرة".

وأوضح أن: "القلق الخليجي سببه توقع أن تمتلك إيران اليد الطولى في المنطقة". وأضاف الشايجي في تصريحات صحفية أن "ظهور أوباما وهو يلقي كلمته في التليفزيون الإيراني، هو بمثابة انتهاء محور الممانعة والمقاومة، الذي كان في السابق شعارًا يرفع دائمًا، وبداية التطبيع الرسمي" وأن هذا الاتفاق سمح لإيران بامتلاك برنامج نووي سلمي، وهذا بحد ذاته انتصار.

وقال إن اللافت في الموضوع أن كلا الطرفين الولايات المتحدة وإيران يسوقان اتفاق الإطار حول برنامج طهران النووي بأنه انتصار، لكن الواقع أن إيران قدمت تنازلات كبيرة وغير متوقعة في سبيل تحقيق هدفين رئيسين، هما المحافظة على النظام السياسي من خلال صرف نظر الولايات المتحدة عن تغييره، بالإضافة إلى رفع العقوبات الاقتصادية التي أرهقت النظام الاقتصادي والاجتماعي الإيراني.

دور أكبر

وأوضح، أن القلق الذي يسيطر على الدول الخليجية، هو أن تمتلك إيران اليد الطولى ويعطى لها دور أكبر في ترتيبات المنطقة بعد هذا الاتفاق، الذي لا يزال إطاريًا ومبدئيًا، ويجب أن يوقع قبل نهاية شهر يونيو القادم كحد أقصى.

وأكد أن هناك بعض العقوبات الدولية المفروضة على إيران، التي لا تتعلق ببرنامجها النووي، ستبقي مثل العقوبات المتعلقة بدور إيران في دعم الإرهاب، ورأى أن الصيف القادم سيشهد تطورات كبيرة في المنطقة، حيث ستتمكن إيران من العودة من جديد كدولة مقبولة إقليميًا ودوليًا، بعد أن تصادق على الاتفاق في شهر يونيو المقبل، ولفت إلى أن حركة الاستثمارات الأجنبية ستزدهر في إيران، بعد رفع العقوبات عنها تدريجيا، مما يسهم في خفض أسعار النفط وانتعاش الاقتصاد الإيراني.

وتابع الشايجي: "على الرغم من منع إيران من امتلاك سلاح نووي، إلا أن الاتفاق يسمح لها بامتلاك برنامج نووي سلمي، وهذا بحد ذاته انتصار"، مضيفًا: "ليس من صالح إيران رفض الاتفاق والعودة للمربع الأول، وخصوصًا أنها تعيش في أوضاع اقتصادية واجتماعية صعبة بسبب العقوبات الدولية"، متسائلا في الوقت نفسه: هل سيقوي الاتفاق النووي المبدئي مع إيران من دورها ونفوذها في المنطقة، أم سيجعلها أكثر واقعية واعتدالا؟.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن أول الانتقادات التي وجهت لهذا الاتفاق، وجهها رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري جون باينر، حيث وصف الاتفاق النووي بأنه يمثل انحرافًا مثيرًا للقلق "عن أهداف أوباما المبدئية".

وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، من جانبه بالغ بشكل كبير في الاتصال الهاتفي الذي أجراها مع الرئيس الأمريكي، حيث أسمع أوباما كلامًا قاسيًا، رافضًا ومحذرًا من اتفاق الإطار بين القوى الكبرى وإيران، لأن اتفاق الإطار يهدد بقاء إسرائيل ويزيد من فرص حرب مدمرة، وفقاً لموقع الشؤون الخليجية.

إسرائيل الخاسر

وحددت صحيفة "جارديان" البريطانية الخاسرون من الاتفاق النووي الإيراني، بين الخليج وإسرائيل ومعارضين لبراك أوباما، فإسرائيل، بذلت أقصى ما في وسعها لوقف توقيع الاتفاق بين القوى الغربية وإيران، لكنها خسرت بإبرام الاتفاقية.

والسناتور بوب كوركر بعد اتفاقية لوزان، أصبح من الصعب على الحزب الجمهوري حشد أغلبية لتمرير مشروع قانون السناتور كوركر، عن ولاية تينيسي، والمقرر التصويت عليه هذا الشهر.

والملك سلمان بن عبد العزيز تعزيز العلاقات بين إيران والولايات المتحدة ربما يتجاوز الاتفاق النووي، ويمكن أن تصبح إيران منافسا أقوى في منطقة الخليج بمجرد رفع العقوبات.

اتفاق النووي

وتوصلت أمريكا و إيران إلي اتفاق نووي شامل بعد فترة طويلة من المفاوضات بين كل من إيران و قوي غربية علي راسها الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي وبمشاركة روسيا والصين ، حيث توصلت طهران مع واشنطن إلي اتفاق يقضي بمنع إنتاج قنبلة نووية في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية و الموافقة علي برنامج نووي سلمي لإيران.

أوضح أوباما أن الاتفاق مع إيران يمنعها من استخدام أجهزة الطرد المركزية الخاصة بالمفاعلات النووية وعدم تصنيع أو امتلاك لـ قنابل نووية ، وفي المقابل سوف يرفع المجتمع الدولي وخاصة أمريكا العقوبات عن إيران تدريجيًا حسب التزامها بالاتفاق النووي الجديد.

مصر العربية

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -