رأى موقع هافينجتون بوست أن أحكام الإعدام الصادرة ضد 11 من متهمي أحداث مذبحة بورسعيد تمثل اختبارا لـ "قبضة السيسي الحديدية ضد المعارضين".

ورجع الكاتب جيمس دورسي بالذاكرة، في إطار تحليل مطول بالموقع الأمريكي، أمس الأحد، إلى الأجواء التي سبقت وأعقبت جلسة النطق بالحكم في المحاكمة الأولى عام 2013، والتي أصدرت وقتها أحكام إعدام ضد 21 من مشجعي النادي المصري حيث سبقها جمهور الأهلي باحتجاجات تطالب بتحقيق العدالة، كما أتبعتها احتجاجات شعبية في بورسعيد ومدن ساحلية أخرى، بمجرد النطق بالحكم، ما أجبر الرئيس المصري آنذاك محمد مرسي على إعلان حالة الطوارئ، ونشر قوات عسكرية بالمنطقة الساحلية.

وبالرغم من أن قاضي المحاكمة الجديدة خفض عدد المحكوم عليهم بالإعدام إلى 11، لكن يحتمل أن يتسبب ذلك في إغضاب بورسعيد، التي رأى الكثيرون داخلها، والكلام للكاتب، أن الجماهير ما هي إلا كبش فداء لمحاولة دبرها المجلس العسكري والقوات الأمنية لمعاقبة جماهير الأهلي لدورها في الثورة الشعبية التي أسقطت مبارك، وكذلك في الاحتجاجات اللاحقة ضد الحكم العسكري.

المتهمون الذين أحيلت أوراقهم إلى المفتي في جلسة الأحد يمثلون جزءا من 73 متهما بالقضية بينهم 9 ضباط شرطة، وثلاثة من تنفيذيي النادي المصري، في اتهامات تتعلق بمسؤوليتهم عن الحادث، حينما وقفت الشرطة والقوات الأمنية موقف المتفرج بينما يموت مشجعو الأهلي خلال فرارهم مذعورين بعد انتهاء مبارة فريقهم في استاد بورسعيد، في ظل إغلاق البوابة من الخارج.

هذا ويتوقع أن يشهد 30 مايو المقبل جلسة النطق بالحكم النهائي.

وتابع التحليل: “الريبة تجاه الشرطة والجيش في الحادث الذي يعد الأسوأ في التاريخ الرياضي المصري أججتها أدلة تتعلق بالظروف المحيطة بالمباراة، تتضمن التراخي الأمني قبلها، والإشارات من مجموعة من الرجال المسلحين بهراوات متماثلة داخل الاستاد، والتهديدات المتبادلة على تويتر بين مشجعي الفريقين قبل اللقاء".

واستطرد دورسي: “قمع السيسي الوحشي للمعارضة منذ سقوط مرسي في انقلاب عسكري عام 2013، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، وحبس الآلاف يرفع درجة المخاطر بالنسبة للمحتجين، كما قد يدفع الكثيرين إلى التفكير مرتين قبل النزول إلى الشوارع، بالإضافة إلى أن المشجعين قد يفضلون الانتظار لحين بت المفتي في أحكام الإعدام".

وأشار التحليل إلى أن المفتي صاحب رأي غير ملزم للمحكمة، لكن رفضه لأحكام الإعدام سيخفف من حرارة الوضع في بورسعيد، ويشعل في ذات الوقت غضب جماهير الأهلي التي احتفلت بعد الحكم الأول بإعدام 21 متهما.

قرار الاتهام في القضية ألقى باللوم على عاتق جماهير المصري، وتفادى إجراء تحقيق شامل حول ضلوع محتمل للسلطات الأمنية أو العسكرية بالرغم من وجود تسعة من عناصر الشرطة بين قائمة المتهمين.

صياغة القضية على هذا النحو يجعل من المستحيل إصدار حكم تصفه كافة الأطراف بالمنصف.

إصدار أحكام ضد جماهير المصري يترك بورسعيد غير سعيدة، بينما تشتعل جماهير الأهلي غضبا في حالة البراءة أو إصدار أحكام مخففة.

ويأتي الحكم في لحظة حساسة لسياسات الكرة المصرية، بعد أيام من اقتراب حظر جماعات الأولتراس، التي وصفها الكاتب بأنها تمثل عمودا فقريا في مناهضة "الحكم الاستبدادي للسيسي" على حد قوله.

وتطرق أيضا إلى واقعة إلقاء القبض على خمسة من رابطة جماهير الزمالك "ألتراس وايت نايتس"، التي نعتها بالجماعة المسيسة بشدة، والمؤيدة الصلبة للزمالك، بالإضافة إلى اعتيادها اشتباكات الشوارع.

ووجهت النيابة اتهامات للمشجعين الخمسة بالانضمام لكيان إرهابي، ومحاولة إسقاط نظام السيسي.

كما يأتي الحكم في أعقاب بدء محاكمة 16 شخصا في أحداث قضية استاد الدفاع الجوي، التي أودت بحياة 20 من مشجعي الزمالك.

ومن بين المتهمين في تلك القضية أعضاء في "وايت نايتس"، باتهامات تتضمن ارتكاب شغب وممارسات عنيفة، أدت إلى حالة من الفرار الجماعي أسفرت عن حالات الوفاة.

لكن يُعتقد على نطاق واسع، بحسب دورسي، أن حالات الوفاة ليست ناجمة عن استفزازات وايت نايتس، بل نتيجة عنف قوات أمنية، ليس لديها تجربة في السيطرة على جمهور، وتمتلك "سمعة سيئة" في انتهاج الوحشية، على حد قوله.
 

وختاما، فقد أصدرت المحكمة قرارها في وقت يُمثل فيه مشجعو كرة القدم صميم الاحتجاجات المناهضة للحكومة داخل الجامعات التي يتحكم فيها القوات الأمنية، وكذلك يشكلون عصب الاحتجاجات في الأحياء الشعبية.

وحذرت قيادات جماعات طلابية وتشجيع من أن جيل ما بعد ثورة 2011 هو أكثر لا مبالاة من جانب، لكنه أكثر يأسا على الجانب الآخر، من الجيل الذي شارك في الثورة منذ أربع سنوات.

الحملة المشددة ضد جماهير الكرة التي تتزامن مع استئناف بطولة الدوري العام خلف "أبواب مغلقة" بدون جمهور، كإجراء وقائي، ومنع الاستادات من أن تضحى مواقع للتعبير عن المعارضة، تعمق من مشاعر الإحباط، وفقا للتحليل.

وقال أحد مؤسسي وايت نايتس: “عندما تسنح الفرصة سيفعل الجيل الجديد شيئا ما أكبر مما فعلناه من قبل".


 هافينجتون بوست

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -