أحب الحمام الزاجل منذ صغره، بنى له غرف أوسع من زنازين السجن، لم يغلقها عليه أبدا، أحبها وكره شرائها، كي لا يشارك فى اعتقالها داخل قفص التأديب مدى الحياة، وكل ما كره أحمد جمال زيادة فعله، تعرض له فى 467 يوما بين جدران الزنزانة، فقط لأنه مصور صحفى.

ينتظر زيادة غدا فى جلسة النطق بالحكم، رفاقه وأهله ينتظرون، يشعرون بالعجز لأنهم لم يستطيعوا فعل شئ له سوى التضامن، ينتظر ساعة يٌطبق فيها العدل، تلك أخر رسالة منه بالأمس قبل 48 ساعة من الحكم.

قصة بدأت منذ 28 ديسمبر 2013، في البداية ظن أنها ساعة و"هتعدى"، ولكنها لم تكن ساعة ولا يوم ولكن عامين إلا بضعة أشهر بحسابات السجن، تلك الظنون التي يصفها بالسذاجة، والتي وصلت إلى حد لا نهاية له عندما ظن أن عمله كمصور في شبكة يقين سيحميه من الاعتقال أثناء تأدية عمله، وكان كل ما يخشاه رصاص الأمن وعنف المتظاهرين.

الحرز كاميرا، والتهم حرق كلية تجارة الأزهر، والاعتداء على قوات الأمن، ومنع الطلبة من دخول الامتحانات، وكما يقول فى أخر رسالة له: "سذاجة علي سذاجتي أضربت عن الطعام حتي يلتفت المسؤولون إلى ذلك الشاب الصحفي صاحب الكاميرا الذي ليس طرفا في صراع الوحوش علي السلطة، والذي لا يستحق كل هذا الظلم.. ولكن المسؤولين عندما إلتفتوا إليّ وقفوا ضدي وليس معي".

لمدة 12 يوما بدأ الاضراب الأول عن الطعام واضطر إلى إنهائه لعدم الاستجابة له، وكرره ثانية لمدة 98 يوما، وفى زنزانة التأديب المظلمة أضرب عن الطعام لمدة 3 أيام فى المرة الأخيرة فى مارس 2015، جلس خلالها يتذكر سلسلة من الاعتداءات عليه بداية من قسم ثان مدينة نصر، فى أول يوم لاعتقاله، و 3 أيام من التعذيب بمعسكر السلام للأمن المركزى أو "معسكر العذاب"، كما يسميه زيادة.


تكررت تلك الاعتداءات فى أول يوم بسجن أبي زعبل، وظلت على فترات متباعدة 5 مرات تتكرر، خضع للتأديب أكثر من 4 مرات، وفى كل مرة قدم محاميه مختار منير، بلاغا للنائب العام، ولا حياة لمن تنادى.

عامان شاهد فيهما زيادة حياته داخل أبو زعبل، فقد فيها أشياء ثمينة، ولكنه لم يفقد إنسانيته، بحد قوله، فى الصباح وكالمعتاد إهانات وسرقة متعلقات وإهانات لفظية، ولا سبيل للاعتراض، يجب أن تصمت كى تعيش، هكذا يصف صباحه داخل الزنزانة، ولكنه فى بعض المرات اعترض وانتهى به الحال داخل التأديب.

زنزانة متر* متر يٌحول لها فى كل مرة، تزداد حالته سوء، وفى النهاية يخرج منها، يعود إلى زنزانته القديمة، حاملا جراحا جديدة، وغدا يحاكم فى قفص زجاجى مانع للصوت والرؤية، فى يده كلابشات حديدية، يحاكم كمجرم لمحاولته التصوير.


مصر العربية

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -