فجأة، وبدون مقدمات على ساحة الشأن القبطي، ظهر الأنبا يوسف أسقف جنوب أمريكا، كداعية لانقسام كنسي، يفصل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عن نظيرتها الأمريكية، عبر إدراج الأخيرة تحت مسمى "الكنيسة الأمريكية الأرثوذكسية".
تزامنت دعوة الأنبا يوسف، مع وجود البابا تواضروس الثاني في أوروبا، إبان رحلته الرعوية التي عاد منها مؤخرًا للقاهرة، مما دفع البطريرك إلى إصدار بيان بابوي، ينفي انفصال كنيسة أمريكا، ويشدد على أن الكنائس المزمع إنشاؤها بالخارج تحت مسمى "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية"، تفاديًا لأية انقسامات.
دخل الأنبا يوسف المولود في 1 فبراير 1959، عالم الرهبنة بدير السريان في العام 1986، باسم الراهب "يسطس"، بعد حصوله على بكالوريوس طب جامعة عين شمس سنة 1981 ، وسيم "كاهنًا" في 3يوليو 1988.
وفي عام 1989 عينه البابا شنودة الثالث، كاهنًا مقيمًا بالولايات المتحدة الأمريكية، بكنيسة العذراء مريم دالاس، وقد نصّب أسقفًا عامًا في عيد العنصرة
.
تولى الأنبا يوسف مهام الإشراف على إيبارشية جنوب أمريكا، بقرار بابوي عام 1993، ومع قدوم البابا تواضروس الثاني، للكرسي المرقسي، تم تعيينه سكرتيرًا مساعدًا للمجمع المقدس.
تزامنًا، مع رحلة البابا تواضروس الثاني لأوروبا، أثار قرار الأنبا يوسف بآداء الطقوس الدينية باللغة الإنجليزية وإنشاء كنيسة جديدة للأقباط في أمريكا، تحت مسمى "الكنيسة الأمريكية"، جدلًا واسعًا، حيال مزاعم الانشقاق، والاستقلال عن الكنيسة المصرية.
اضطر الأنبا يوسف بعد قرار كنسي، بالظهور على شاشات الفضائيات القبطية، لتوضيح وجهة نظره، بشأن آداء الطقوس باللغة الإنجليزية، نافيًا سعيه للإنشقاق، وأردف قائلًا :" الأمر تم طرحه منذ عهد البابا شنودة الراحل، الذي رسّم كهنة بهذه الكنائس".
الأسقف الذي كان في مهب ريح الحسم البابوي، الرافض لمسمى الكنيسة الأمريكية الأرثوذكسية، قال : إن كل ما قمت به هو طرح "اسم شهرة" لها مع بقاء تسجيلها رسميا باسم "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية".
وأضاف خلال تسجيل صوتي أذاعته قناة "لوجوس" المتحدثة باسم الكنيسة القبطية في المهجر "فكرة هذه الكنائس ليست جديدة، ولست أنا أول من فكر في هذه الخدمة، فهناك أساقفة سبقوني في هذا الأمر، وقد بدأت في عهد البطريرك الراحل " البابا شنودة الثالث "، وبمباركته وموافقته وتشجيعه، وتكلم عنها في السيمينارات التي كنا نعقدها في بوسطن".
ولفت يوسف إلى أن تسمية الكنائس باسم "الأمريكية"، يرجع إلى أسباب قانونية، بحسب القانون الموحد في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي وقع عليه البابا شنودة عام 1989، مؤكدًا عدم استطاعته تسجيل كنيسة جديدة دون إضافة مصطلح "القبطية الأرثوذكسية".
الأنبا يوسف، أشار إلى أن أساقفة أمريكا اجتمعوا، مع الآباء الكهنة، لمناقشة كيفية خدمة الأمريكان المنضمين للكنيسة بطريقة يفهمونها، معرّجًا على أن إسم "القبطية الأمريكية" مجرد إسم شهرة، في حين أن التخوف جاء من التمييز لصالح فئة معينة .
لهجة البيان الكنسي، وتصريحات البابا تواضروس الثاني بمؤتمر شئون كهنة المهجر، دفع يوسف، إلى التراجع في شكل التوضيح على النحو الآتي بقوله: "لقد تم طرح الأمر في العام الماضي من قبل لجنة شؤون المهجر بالمجمع المقدس، أمام البابا تواضروس، فسألنا عن اقتراحتنا عن أسماء هذه الكنائس، فكان لي مجرد وجهة نظر قد تقبل الصواب أو الخطأ".
واستطرد قائلًا " طرح وجهة النظر، لايعني التمسك بها، لأنها مطروحة للنقاش، وأسماء الشهرة، لاتغني عن محتوى الخدمة".
أسقف جنوب أمريكا، برر وجهة نظره في آداء الطقوس باللغة الإنجليزية، قائلًا"لدينا تقليد هنا في كنائس أمريكا بعد حضورنا للقداس، حيث يجلس الناس في قاعة الكنيسة في مائدة محبة ويتناولون الغذاء، ولو كان القداس الذي أقيم كله باللغة الإنجليزية، فإنه بعد انتهاء القداس، يشعر الذين تربوا في أمريكا والذين لا يجيدون العربية أنهم غرباء وسط من يتحدثون بالعربية ويتحدثون عن الشأن المصري وما يحدث في مصر".
الأسقف المتهم بالسير عكس اتجاه الكنيسة، دافع عنه أحد الكهنة المدعو "القمص إفرايم ميخائيل"، قائلًا : "لا نعلم ماذا حدث، والمحزن والموجع أن هناك داخل جدران الكنيسة سواء في مصر، أو في أمريكا، من يشعلون هذه الشائعة المغرضة-استقلال الكنيسة الأرثوذكسية بأمريكا-، لأسباب كثيرة لعل أهمها الطمع".
وأضاف، إن الأنبا يوسف حين رأى أن الجيلين الثالث والرابع من المهاجرين المصريين، لا يتقنون ولا يعرفون كلمة واحدة باللغة العربية، لم يكن أمامه أن يتجاهل هذا النمو المتزايد لجيل بأكمله لا يتكلم إلا اللغة الإنجليزية، فيخسر الكنيسة القادمة، ويخسر الشباب والأجيال القادمة"
واستطرد قائلًا : " قامت الدنيا ولم تقعد فهاج المغرضون، وتسلل المخربون، وقالوا الأنبا يوسف سيقسم الكنيسة، أو سينفصل بالكنيسة عن الكنيسة الأم".
القمص إفرايم، قال :"إن كهنة جنوب أمريكا لا يدافعون عن الأنبا يوسف، وإنما الدفاع عن كنيستنا القبطية، وعن إيمانها وطقوسها وعقائدها وآبائها وقديسيها وتراثها الروحي الضخم، وندافع عن ولائنا وانتمائنا لكنيستنا الأم في مصر".
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment