قالت شبكة بلومبرج الإخبارية الأمريكية إن ظهور السوق السوداء للدولار مجددًا في مصر يمهد لموجة هبوط ثانية في سعر الجنيه هذا العام.
وذكرت الشبكة أن قوة الدولار وفروق الأسعار الثابتة بين الأسهم المدرجة محليا ومثيلتها في الخارج والتي تُعزى إلى الانخفاض في قيمة العملة الأوروبية الموحدة "اليورو" وتبخر كل الفوائد تقريبا التي تحققت من قرار البنك المركزي المصري للسماح بإضعاف الجنيه بنسبة 6.3% في يناير الماضي، كلها تنذر بمزيد من الخسائر في قيمة العملة المحلية، وفقًا لمحللين متخصصين في أسعار الصرف.
وأضافت الشبكة المعنية بالشأن الاقتصادي في ثنايا تقرير على موقعها الإلكتروني أن العودة الآن إلى نشاط التجار الذين يتداولون الدولار الأمريكي بنسبة تزيد 0.9% عن سعره الرسمي، من شأنه أن يضيف مزيدًا من الضغود على الجنيه المصري.
وأوضح التقرير أن مصر تعاني من النقص الشديد في معروض العملة الأجنبية منذ اندلاع ثورة الـ 25 من يناير 2011 والتي تسببت في هروب جماعي للمستثمرين وهبوط حاد في السياحة الوافدة من الخارج، ما غذّى الحاجة لظهور سوق موازٍ يتم فيه تداول التدولار بنسبة 9.4% بدء من يناير الماضي.
وأشار التقرير إلى أن مصر وهي أكبر بلد عربي تعدادا للسكان لا تزال وبعد مرور عامين تقريبا من إطاحة المؤسسة العسكرية بالرئيس المنتخب محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الـ 3 من يوليو 2013 لا تزال تعتمد على المساعدات التي يغدق عليها بها الحلفاء الخليجيون للوفاء بالتزاماتها.
ونقل التقرير عن جاسون توفي الخبير الاقتصاد لمنطقة الشرق الأوسط في مؤسسة " كابيتال إيكونوميكس" التي تتخذ من لندن مقرا لها قوله إن سعر تداول الدولار في الشوارع " يتناقض تماما مع تأكيدات المركزي المصري على أن السوق السوداء قد ولت مدبرة.”
وأردف توفي بأن " الطلب على الدولار مرتفع نسبيا. ومصر بحاجة إلى أن تدع الجنيه ينخفض في أقرب وقت كي تخفف من وطأة الضغوط التي تتعرض لها العملة المحلية.”
وتابع: “ لا يمكن لمصر أن تظل معتمدة على المساعدات الخليجية إلى الأبد.”
وكان محافظ البنك المركزي المصري هشام رامز قد صرح في فبراير الماضي أنه قضى تماما على السوق السوداء في أعقاب تحديد سقف للودائع الدولارية بقيمة 50.0000 دولار شهريا.
مشكلة التضخم
وقال فيليب دوبا-بانتيناس الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا في مؤسسة " ستانداراد تشارتارد بنك" المصرفية إن اعتماد مصر على الواردات والذي يجيء متزامنا مع ارتفاع مستويات التضخم ربما يثبط من همة المسئولين في تخفيف قبضتهم المحكمة على العملة.
وتسارع نمو سعر العملة السنوي إلى 11.5% في الشهر الماضي، قياسا بمتوسط السعر على مدار أربع سنوات والبالغ نسبته 9.2%.
وبلغت قيمة السلع والبضائع التي استوردتها مصر في العام 2014 64 مليار دولار، بزيادة 15% من عام سابق، بحسب تقديرات البنك المركزي.
وأفاد بانتيناس بأن مصر " لديها فاتورة واردات ضخمة تتألف من منتجات رئيسية مثل الطاقة والحبوب،" موضحًا " أسعار تلك المنتجات تُحسب بالدولار، وسوف تتصدر مسألة إدارة التعويم مقابل الدولار على الأرجح أولوية الحكومة على المدى القصير.”
خفض القدرة التنافسية
ونوه جين- مايكل صليبة الخبير الاقتصادي في مصرف " بنك أوف أمريكا ميريل لينش": إن مشكلة مصر تتفاقم بالانخفاض في سعر اليورو، عملة أكبر شركائها التجاريين، في الوقت الذي يرتفع فيه سعر الدولار الأمريكي.”
وتظهر إحصاءات البنك المركزي أن زهاء 39% من الصادرات المصرية ذهبت إلى دول الاتحاد الأوروبي في العام الماضي، في حين مثل المسافرون من المنطقة ما نسبته 76% من الليالي السياحية في مصر.
يشار إلى أن العملات التركية والمغربية، من بين المنافسين للجنيه المصري في قطاع السياحة والصادرات، قد فقدت ما نسبته 21% و 17% مقابل الدولار في الـ 12 شهر الماضية على التوالي.
وفي المقابل، هبطت العملة المصرية بنسبة 8.1%، ما رفع من تكلفة السلع والخدمات في مصر .
وفي هذا الصدد، قال صليبة: “ إدارة سعر صرف ذات قيمة عالية جدا له تكلفة،" مؤكدا على أنه " بالنظر إلى بيئة الدولار القوي، فإن الجنيه المستقر على الأرجح أن يتسبب في تراجع مستمر للتنافسية.”
وكانت السوق السوداء في العملة قد ازدهرت عقب ثورة يناير 2011 التي أطاحت بحسني مبارك وما تبعها من تراجع تدفقات العملة الصعبة بسبب تدهور السياحة والاستثمارات الأجنبية.
وبعد شهور من التلويح بإجراءات للقضاء على السوق السوداء فاجأ هشام رامز محافظ البنك المركزي السوق في فبراير الماضي بفرض حد أقصى على الإيداع النقدي بالدولار في البنوك عند عشرة آلاف دولار يوميًا للأفراد والشركات وبإجمالي 50 ألف دولار شهريًا.
وجاء ذلك بعد سلسلة تخفيضات للسعر الرسمي للجنيه وتوسيع هامش بيع وشراء الدولار في البنوك مما دفع الجنيه للنزول خمسة بالمئة في غضون بضعة أسابيع.
وسرعان ما تلاشى الفارق بين السعر الرسمي للعملة والسعر في السوق السوداء بعد أن كان أكثر من 10% قبل عامين، ومنذ ذلك الحين يجري تداول الجنيه رسميًا بين البنوك بسعر 7.53 جنيه للدولار.
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment