أكد الدكتور أحمد زويل العالم المصري المعروف صاحب جائزة نوبل، أن الجمعية التأسيسية أمامها فرصة تاريخية لوضع الدستور، مشيرًا إلى أن هذا الدستور يتطلع إليه العرب جميعًا وليس المصريين فقط.
وأشار إلى أن التاريخ سيذكر واضعي هذا الدستور بحروف من نور إذا خرج هذا الدستور معبرًا عن تاريخ مصر ومستقبلها الذي يتطلع إليه المصريون بعد "ثورة 25 يناير".
وقال زويل خلال حديثه للجمعية التأسيسية اليوم الثلاثاء: إن هناك نقاطًا شائكة في وسائل الإعلام أثيرت في الفترة الأخيرة مثل العلاقة بين العلم والدين، مؤكدًا أن معظم ما يقرأه ليس مبنيًا على علم لأنه لا يرى صراعًا بين العلم والدين.
وأوضح أن العلم يبحث عن الحقيقة ويدرس الطبيعة وفهم ملكوت الله والعلم ينظر ويكتب أوراق علمية والدين هو الذي ينص على الروحانيات وعلاقة البشر ببعضهم، مشيرًا إلى أن علماء أمريكا أغلبهم متدينون ولا تعارض بين الدين والعلم.
وأكد أن أمريكا لا تفصل بين الدين والدولة وأنها دولة متدينة جدًّا، وهي أول بلد في العالم الغربي متدين من حيث ترتيب البلاد المتدينة وآخرها السويد، موضحًا أن معنى الفصل بين الدين والدولة هو ليس إبعاد الدين عن الدولة أو منع أحد من الذهاب إلى المسجد أو الكنيسة، ولكن فصل الدين عن الدولة هو حماية المؤسسات الدينية من طغيان الدولة وحماية الدولة من الفتاوى التي نرى مثلها في مصر والتي تقف أمام التقدم العلمي المنشود.
وتساءل: "هل معنى الفصل بين الدين والدولة أن هناك فصلاً حقيقيًّا بينهما وهل يقول أحد لأي فرد لكي يعمل بالعلم أن يترك الدين؟:.. لا يمكن"، مؤكدًا ضرورة النص على معالجة هذه المشكلة في الدستور الجديد حتى لا ندخل في هذا الجدل الذي يعطل مسيرة البلاد.
وأوضح رؤيتة السياسية وهي أنه لا يرى أن النظام البرلماني قادر في الوقت الحالي على أن يكون النظام الأمثل في مصر لأن هذا النظام يحتاج لتأهيلات كثيرة جدًّا بالنسبة للشعب المصري، مؤكدًا عدم جواز أخذ منظومة بريطانيا لصنعها هنا في مصر خاصة أن الأوضاع مختلفة بين البلدين.
وأضاف أن السلطة المطلقة لرئيس الجمهورية لا تصلح في مصر وأن النظام المختلط هو الأنسب لتوضيح مدى قوة مجلس الشعب ورئيس الجمهورية في إصلاح البلاد بشرط أن تكون هناك صلاحيات للرئيس وتكون واضحة وصلاحيات للبرلمان وصلاحيات واضحة للقضاء وإذا حدث هذا ستخرج مصر من هذه الفترة الصعبة.
وأشار إلى ثروة مصر في الخارج المتمثلة في 8 إلى 10 ملايين مصري في الخارج، هي ثروة كبيرة جدًّا، موضحًا أن اليابان بعدما تم ضربها بالقنبلة الذرية كان أهم شيء بالنسبة لها البحث عن دولتها الحديثة عن طريق أبنائها في الخارج.
وأكد أن المليارات التي تأتي من المصريين في الخارج لا تعوض عن أصحاب البحث العلمي وأحداث النهضة المنشودة، كاشفًا عن أن هناك 30 عالمًا من أكبر علماء العالم المصريين سيرجعون في الأيام القادمة للمشاركة في مشروع النهضة المصري الذي يسعى إليه في مدينة زويل، واصفًا استمرار العلماء المصريين بالخارج بالشيء "المعيب"، خاصة أن أغلب هؤلاء العلماء يعيشون مع مصر وجدانيًّا وروحيًّا.
وشدد على أن هناك ثلاث نقاط يتمناها في الدستور الجديد هي حقوق الشعب المصري الذي مل من الحزبية والفردية والسياسية، متمنيًا أن يتم وضع حقوق الإنسان في القالب الذي يعوض المواطن المصري عن السنوات السابقة مطالبًا، ببساطة روح الدستور والمبادئ التي تسير بمصر مئات السنين.
وأشار إلى أهمية الحرص على مصلحة مصر وأن تكون فوق مصلحة الجميع، مؤكدًا أن الدستور ليس كتابًا وينتهي بل يجب أن يكون الدستور هو الشامل والعادل والذي يوجز ولا يفصل.
وقال أن تاريخ مصر منذ مائة عام اختلف عن حاضرها في الوقت الحالي فكان في السابق الانتخابات لا تحق من حيث الترشح لها إلا للأعيان وأصحاب الأملاك ثم بعد ثورة 1952 أصبح الانتخاب للعمال والفلاحين بنسبة 50% وحظر على بعض التيارات ثم بعد ثورة 25 يناير أصبحت الجماعات المحظورة هي الأساس في الانتخابات- في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين- مؤكدًا أن الدستور يجب أن يناسب كل العصور القادمة خاصة وأن العملية ديناميكية وليست ثابتة وأن روح المبادئ الدستورية أفضل من المواد التي يختلف عليها كل حزب بما يتوافق مع مصالحه الشخصية.
وتابع إن هناك ثلاثة محاور رئيسية يريد التركيز عليها وهي المحور العلمي والثقافي والاقتصادي، مؤكدًا أنه إذا لم تستطع مصر أن تخطو إلى الأمام في هذه المحاور سنظل محلك سر وهو ما يتوقف عليه قيمة الدستور في التركيز على هذه المحاور.
وأكد أن الانفلات الذي تمر به البلاد لا يمكن أن يحدث النهضة لبلد يتطلع إلى التقدم، مؤكدًا أهمية التقدم العلمي خاصة أن التقدم العلمي في الوقت الحاضر يتوقف عليه التقدم الصناعي والطبي والتكنولوجي، موضحًا أن هذا التقدم يعتمد على الإنتاج الفكري والعقلي واذا لم يترب الإنسان على تعليم قوي قادر على أنه ينتج فكرًا جديدًا لا يمكن أن يتواجد مع الأمريكي أو الكوري أو الصيني الذين غزوا العالم بمنتجاتهم وأبحاثهم.
وأضاف أن هناك علومًا إنسانية مثل الطبيعة والرياضيات والاقتصاد وهي علوم طبيعية تقودها الأقوياء في العالم الجديد لإنتاج الترانزستور والأدوية التي تعالج الأمراض الخطيرة، موضحًا أن المرء لا يستطيع أن يشتري بحث علمي وأن اشتري فسيشتري الماكينة التي لن يشغلها إلا بالبحث العلمي ذاته، وأنه إذا لم ننظر إلى هذه الرؤية بالنسبة لكل الباحثين ووضعهم في مصر وعلماء مصر في الخارج والداخل لن تحدث هناك نقلة علمية واضحة بالنسبة للتقدم المصري.
0 التعليقات:
Post a Comment