عدد عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الذى أدانوا الوكالة وجرائمها بعد خروجهم منها عبر كتب أصدروها وشهادات أدلوا بها كثيرون وإن كان من أبرزهم وليام بلوم الذى استقال من الوكالة عام 1967 احتجاجاً على حرب فيتنام، وتفرغ لملاحقة جرائم الوكالة فى أمريكا الجنوبية وغيرها حيث روى فى كتابه «الدولة المارقة» القصة الكاملة لدور الوكالة القذر، فبالإطاحة بالرئيس التشيلى سيلفادور أليندى وتجربته الاشتراكية المميزة عام 1973، ثم استعرض فى باقى فصوله إرهاب الدولة الأمريكية وجرائمها فى العالم من خلال ذراعها الضاربة وهى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» وقد وزع الكتاب على نطاق واسع، لكن مبيعاته قفزت إلى أرقام خيالية حينما أشار أسامة بن لادن إليه فى إحدى خطبه مما جعله من أكثر الكتب مبيعاً عبر محركات البحث.
لكن عمليات الإدانة لم تتوقف عند حد وليام بلوم، فقد كشف فيلبت زيليكو، المستشار السابق لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندليزا رايس مؤخراً عن مذكرة سرية كان قد رفعها إلى إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش فى 15 فبراير عام 2006 حذر فيها من أن ما تقوم به الـ«سى آى إيه» من عمليات «تعذيب وحشية وغير إنسانية ومهينة» يعد انتهاكاً لـ«قانون الحرب»، وقد قام زيليكو بالكشف عن تلك الوثيقة السرية على مدونة إلكترونية لمجلة «فورين بوليسى» الأمريكية الشهيرة فى شهر أبريل من العام 2009، وذلك رداً على التبريرات القانونية التى قدمتها إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما حول أساليب التعذيب والانتهاكات التى قامت بها إدارة جورج بوش تحت مبرر «مصلحة الدولة العليا» التى تضمنت من بين وسائل التعذيب ثنى جسم المعتقل بطريقة موجعة أو ضرب رأسه بالحائط أو منعه من الطعام والنوم لفترات طويلة أو خنقه عبر تغطيس رأسه فى الماء، وقد شاركت وزارتا العدل والخارجية الأمريكيتان آنذاك فى الجريمة حينما قررتا أن الحظر الدولى على وسائل التعذيب لا ينطبق على السى آى إيه فى الدول الأجنبية ومن ثم أطلقوا يد السى آى إيه مع حلفائها من أجهزة المخابرات العربية والغربية فى عمليات الخطف والتعذيب والقتل التى لم يكشف عن معظمها حتى الآن ولعل هذا ما دفع راى ما كجفورن بعد سبعة وعشرين عاما قضاها عميلاً للوكالة، ومعه خمسة وعشرون آخرون من عملاء الـ«سى آى إيه» أن يرتدوا بدلات برتقالية مثل التى كان يرتديها معتقلو جوانتانامو وذهبوا إلى مبنى الكونجرس الأمريكى فى 12 مارس من العام 2006 وسلم رئيس اللجنة الدائمة للاستخبارات النائب بيت هوكسترا الميدالية التذكارية للاستخبارات التى كان قد حصل عليها عند تقاعده كما سلمه رسالة قال فيها: «إن الفساد يمخر فى دوائر الاستخبارات الأمريكية بشكل مريع ويجب عزل الرئيس الأمريكى بوش لقد أطلق رئيسنا ونائبه حرباً عدوانية تصنفها معاهدة نورمبرغ على أنها جريمة دولية من الدرجة الأولى» وقال ماكجفورن الذى يرأس مجموعة قدامى خبراء الاستخبارات: «لا أريد أن تكون لى علاقة أو أية صفة من قريب أو بعيد مع وكالة انخرطت فى أعمال التعذيب»، هذه الاتهامات التى وجهها رئيس مجموعة قدامى خبراء الاستخبارات الأمريكيين ومؤلف كتاب «المحافظون الجدد» مجدداً لم تأت من فراغ، وإنما كل يوم تتكشف فيه مزيد من الحقائق عن الإرهاب والتعذيب والجرائم التى تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سى آى إيه) بدعوى الحرب على الإرهاب التى بدأت من المعلومات المفبركة التى حاول أن يتبرأ منها جورج تينيت مدير السى إيه السابق فى كتابه الذى صدر فى شهر مارس من العام 2007 تحت عنوان «فى عين العاصفة» أو بالممارسات القذرة التى كشف عنها مدير الوكالة الذى تولى بعده مايكل هايدن فى 21 يونيو 2007والتى صنفت تحت عنوان: «مجوهرات العائلة» وتضم مئات الوثائق عن الانتهاكات غير القانونية التى قامت بها الـ «سى آى إيه» خلال سنوات الخمسينات إلى السبعينات من القرن الماضى. نكمل غداً.
0 التعليقات:
Post a Comment