بوابة الأهرام
على مدى 20 شهرًا تلت سقوط نظام مبارك، لم تتوقف مطالبات القوى الثورية والسياسية والحزبية، بإقالة النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود، حيث تزعم قوى سياسية أنه كان يتواطأ مع رموز النظام السابق، وينأى عن إحالتهم للمحاكمة فى التهم التى طالتهم عقب إسقاط النظام، على حد اتهامهم.
وجاء حكم البراءة الذى صدر أمس الأربعاء، بحق المتهمين في موقعة الجمل، ليعيد مطالب القوى السياسية، وبينهم حزب الحرية والعدالة، الذي تدار غالبية شئون البلاد من خلاله الآن، بحكم أن الرئيس محمد مرسي ترشح عنه فى انتخابات الرئاسة.
ولما وجد الرئيس مرسي نفسه أمام موقف حرج، بسعي غالبية الأحزاب والقوى السياسية، الإسلامية منها والليبرالية، تخطط لمظاهرات عارمة غدا الجمعة، لرفض الحكم الصادر ببراءة متهمي موقعة الجمل، أصدر قراره اليوم بإقالة النائب العام، بدعوى تعيينه سفيرا لمصر في الفاتيكان.
عبد المجيد محمود عبد المجيد، الذي ولد في نوفمبر عام 1946، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 1967، بدأ حياته في مهنة القضاء معاونا بالنيابة العامة، في 24 فبراير 1969 تم تعيينه رئيسًا لنيابة في 17 سبتمبر 1979 ومحاميًا عامًا في 7 سبتمبر 1985.
بعدها تم تعيين عبدالمجيد رئيسًا لمحاكم استئناف القاهرة في 28 نوفمبر 1992 وتم ندبه وكيلاً أول لإدارة التفتيش القضائي بالنيابة العامة في أكتوبر 1993، ثم تم تعيينه كنائب عام مساعد لنيابة استئناف القاهرة في 1 أكتوبر1996 ثم نائبًا عامًا مساعدا للتفتيش القضائي بالنيابة العامة في 1 أكتوبر 1999 حتى تولى منصب النائب العام في شهر يوليو من عام 2006.
تقلد عبدالميجد محمود منصب عضو مجلس إدارة في النادي الأهلي، بالتعيين في مجلس حسن حمدي، الرئيس الحالي للنادي، وكانت أشهر القضايا التي تم الحكم فيها قبل ثورة يناير خلال ترأسه النيابة العامة، أنه اهتم بالتحقيق مع كثير من رموز النظام وحبسهم مثل هشام طلعت مصطفي وهاني سرور.
وحكم على عبدالمجيد محمود بـ"الإعدام" شنقًا في السابع والعشرين من فبراير الماضي، في المحاكمة الشعبية التي أقامتها بعض القوى السياسية في ميدان التحرير، بتهمة إفساد الحياة السياسية.
كان من بين المواقف التى نال فيها عبدالمجيد محمود استحسان غالبية فئات الشعب المصري، حين طالب بتعديل قانون العقوبات المصري، بإضافة فقرة تشير إلى اختصاص السلطات المصرية بجرائم الجنايات التى تقع خارج القطر وتهدد حياة المواطن المصرى أو سلامة جسده أو حقه فى الحرية وحماية ممتلكاته، احتراماً لكرامة المواطن والحفاظ عليها، تأكيدا لسيادة الدولة المصرية على رعاياها.
وعقب سقوط نظام مبارك، ومع تزايد المظاهرات المطالبة بتحويل رموز الفساد إلى المحاكمة العاجلة، تحول مكتب عبدالمجيد محمود إلى ما يشبه "ديوان مظالم"، تبدلت فيها الشكاوي إلى بلاغات تم توثيقها بالمستندات الدالة على ارتكاب المخالفات من قبل رموز نظام مبارك.
غير أن عبدالمجيد محمود الذى تولى منصب النائب العام فى فبراير 2006، ظل صامتًا عن كل الاتهامات والإهانات التي طالته عقب ثورة يناير، والتى كان من بينها أنه يتستر على الفساد ويرتبط بعلاقات خفية مع رموز نظام مبارك، بينما كان يتحول مكتبه بدار القضاء العالى بشارع 26 يوليو بشكل دوري، إلى ساحة للتظاهر من قبل بعض القوى السياسية والحركات الثورية المطالبة بإقالته.
تعرض عبدالمجيد محمود في الأسابيع الأخيرة لوعكات صحية متوالية، سافر على إثرها إلى الخارج لتلقي العلاج، ولما تداولت بعض وسائل الإعلام نبأ إقالته، وتعيين المستشار زكريا عبدالعزيز بدلا منه، خرجت النيابة العامة على لسان الرسمي باسمها، المستشار عادل السعيد، لينفي تلك الأنباء بقوة، ويؤكد أن "عبدالمجيد" بصحة جيدة، ويتابع القضايا من الخارج.
ولما أعادت بعض القوى السياسية فى الآونة الأخيرة، مطالبتها بإقالة عبدالمجيد محمود، قال فقهاء قانونيون وقضائيون أن رئيس الجمهورية لا يملك الحق في عزل النائب العام، حتى لو كانت حالته الصحية لا تسمح له بالاستمرار فى عمله، إلا إذا تقدم الأخير بطلب شخصي لإعفائه من أداء مهامه أو بلغ سن التقاعد، وهى سن السبعين، بحسب قانون السلطة القضائية.
وينص قانون السلطة القضائية والإجراءات الجنائية، على أن النائب العام يتم تعيينه من بين نواب أو مستشاري محكمة النقض أو رؤساء محكمة الاستئناف أو النواب العموم المساعدين أو المحامين العموم الأول، وهو الأمين على الدعوى العمومية في جمهورية مصر العربية وذلك بقرار من رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس القضاء الأعلي، وبترشيح من وزير العدل.
ويجوز للنائب العام –وفقا للقانون- طلب إعفائه من هذا المنصب، وعودته إلي عمله الأصلي، الذي كان عليه قبل تولي هذا المنصب، سواء كان مستشارا أو قاضيا بمحكمة النقض أو الاستئناف، ولا يجوز إعفاء النائب العام من منصبه لظروف صحية إلا بناء علي طلب مقدم منه شخصيا بإعفائه من هذا المنصب لعدم قدرته الصحية علي مزاولة مهام منصبه.
كان الرئيس السابق حسني مبارك، قام بنفس الخطوة التى أقدم عليها الرئيس محمد مرسي اليوم، بنقل النائب العام السابق ماهر عبدالواحد، من منصب النائب العام إلى رئيس للمحكمة الدستورية العليا، دون اعتراض "عبدالواحد" آنذاك، إلى أن حدث مع "عبدالمجيد" اليوم نفس ما حدث مع سابقه، بنقله إلى جهة عمل أخرى، لكن الفارق بينهما أن "عبدالواحد" استمر في القضاء، كرئيس للدستورية العليا، أما "عبدالمجيد" فأصبح سفيرًا لمصر في الفاتيكان، خارج حدود الوطن، بعد 43 عامًا في مهنة العدالة.
0 التعليقات:
Post a Comment