القاهرة - أ ش أ

أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، تقريره حول الأحداث الطائفية التي وقعت بقرية الخصوص بمحافظة القليوبية.

ووفقا للتقرير، فإن الأحداث تعبر عن غياب الدولة، كما لم يشهد موقع الأحداث اضطلاع أي من مؤسسات الدولة بدورها، فقد غابت وزارة الداخلية عن حل الجريمة الجنائية ، وسمح غيابها لأحد الأفراد أن يحول الجريمة إلى فتنة طائفية.

وأوصى التقرير الذي أصدره بناء على نتائج عمل لجنة تقصي الحقائق التي شكلها القاضي حسام الغرياني رئيس المجلس بتفعيل الرقابة الوصائية والرئاسية داخل المؤسسات المختلفة، بموجب السلطات الممنوحة بالقانون داخل كل مؤسسة ولكل رئيس على مرؤوسيه.

وطالبت التوصيات بالوصول بالجهد المبذول في إطار الدولة إلى تحقيق المصلحة العامة، وضرورة متابعة كل رئيس عمل أعمال مرؤوسيه، ومدى قيامه بالمهام الموكلة إليهم في هذا الإطار.

وخلصت التوصيات إلى أن تقرير لجنة تقصي الحقائق وضع وفقا لمعايير موضوعية، وأنه يرى أن هناك إخفاقا من جانب مؤسسات الدولة تجاه حل الأزمة أو حتى السعي لإدارتها بحكمة، وهو لا يعني إسقاط المسئولية السياسية للحكومة ومن فوقها مؤسسة الرئاسة تجاه هذه القضية، وتقييم إمكاناتهم لإدارة الأزمة.

واستعرض تقرير لجنة تقصي حقائق المجلس القومي لحقوق الإنسان، عمل اللجنة حول أسباب اشتعال فتيل الأحداث في منطقة الخصوص وموقف كل من الأجهزة الرسمية المختلفة وموقف المؤسسة الدينية الإسلامية والمسيحية ودور الصحافة والإعلام ورصد موقف المواطنين، واستطلاع آراء شهود

الأحداث والأهالي.

وأشاد التقرير بروح التسامح والخلق الرفيع الذي لمسته البعثة في أرجاء أرض الخصوص - على الرغم من انتشار الفتنة بشكل أوسع من هذه الروح - غير أنه شدد على ضرورة إعادة استكمال ما تبقى من هذه الروح، للوصول إلى المرجو من المواطنين الصالحين في إطار شعب متدين بطبيعته وفي ظل دولة القانون .

وأكد أن أحداث الخصوص تعد أحداثا طائفية نمطية شهدت محافظات كثيرة في مصر مثلها والتي تبدأ عادة بخلاف بين شخصين، ثم يحولها أحد الأشخاص إلى نزاع بين دينين ويخرج أتباع كل دين لإثبات قوته على الطرف الآخر، محاولين التعبير عن هذا الحب بإظهار مزيد من العنف
والقوة .

وأوضح التقرير، أن الخصوص منطقة عشوائية يعرف عنها انتشار السلاح والمخدرات وتضم وافدين من صعيد مصر ومحافظات أخرى بنسب أقل ويعمل قاطنوها في الحرف اليدوية الصعبة كالمعمار، مما جعل كل هذه العوامل أرضا خصبة لتحويل الشجار البسيط بين شخصين إلى نزاع بين أتباع دينين تبارى كل طرف في إظهار قوته بمزيد من العنف .

ورصد دور مؤسسة الأزهر والكنيسة ومبادرتهما بالتدخل في الموقف، ولقاء وفد للأزهر مع آخر من الكنيسة بموقع الأحداث واتفاق الطرفين على ضرورة توحيد خطاب التسامح من خلال المنابر وضرورة توفير الأمن اللازم للكنيسة، وأن ترعى مؤسسة "بيت العائلة" التحقيقات في وقائع الاعتداء التي شهدتها الخصوص، ولكن لم تخرج المبادرة عن إطار اللقاء، ولم يتم تنفيذ أي من البنود التي وردت في اللقاء.

وانتقد التقرير موقف الكنيسة ممثلة في راعى كنيسة الخصوص، الذي ادعى من خلال وسائل الإعلام عدة ادعاءات منها أن الكنائس بالمنطقة تعرضت للحرق على الرغم من أن كنيسة واحدة التي تعرضت لحرق واجهتها فقط، بالمخالفة لما ورد برواياته عبر وسائل الإعلام.

كما وصف المعتدين على الكنائس وممتلكات المسيحيين "بالملتحين ذوي الجلابيب القصيرة"، وهو ما لم يرد بأي من شهادات الشهود على الوقائع.

وحول تعامل وزارة الداخلية مع الوقائع التي شهدتها الخصوص، أشار تقرير لجنة تقصي حقائق المجلس القومي لحقوق الإنسان، إلى لقاء البعثة بمدير أمن القليوبية الذي أكد على أن قوات الأمن هي قوات نظامية لا يمكن أن يقبل باستدراجها من قبل الأهالي للشوارع الجانبية الضيقة، نظرا لانتشار السلاح بهذه المنطقة مما يمكن الأهالي من القضاء على قوات الأمن المتواجدة على الأرض بسهولة وسرعة .

وأوضح التقرير أن ما ذكره مدير الأمن يؤكد عدم قدرة وزارة الداخلية على فرض الأمن وسيادة القانون بالمناطق العشوائية، مما يشير إلى إمكانية تحول هذه المناطق كمأوى للمجرمين والعصابات مما يستوجب التحقيق فيه من قبل المسئولين للوقوف على إمكانية الداخلية في تنفيذ دورها على مختلف أنحاء الجمهورية.

وأشار إلى تحرك قوات الأمن بعد وصول وسائل الإعلام، وتواجدها بمحيط كنيسة مارجرجس، بشكل يعبر عن تواجدهم بأرض الأحداث، ورغم انتشار قوات الأمن، إلا أن انتشار هذه القوات ليست مؤهلة لمنع مرور المعتدين على الكنيسة أو المسجد، حيث يعتبر انتشارا شكليا .
وطالب التقرير بضرورة أن تسعى الدولة من خلال منظوماتها المتوازية على مواجهة خطر انتشار الأسلحة مع الموطنين على المستويين التشريعي والتنفيذي، تمهيدا للطريق أمام القضاء لإنفاذ القانون قبل كل من يسعى للدخول بهذه الدائرة .

ورصد تقرير لجنة تقصى حقائق المجلس القومي لحقوق الإنسان مواقف المواطنين وتصرفاتهم تجاه الأحداث، فاستنكر تصرفات أسرة إسكندر التي بادرت باستخدام السلاح في بداية الأحداث وأشعلتها، واصفا هذه الأسرة بنفوذها الكبير وحيازتها للسلاح في المنطقة واستخدامهم للسلاح بشكل عشوائي في العديد من المواقف خارج نطاق القانون والاستنجاد بجماعات مسلحة ليتمكنوا من الخروج من الموقف.
واستنكر التقرير إساءة استخدام مكبرات الصوت لإحدى الزوايا لحث المسلمين على الجهاد ضد المسيحيين دون تعقل أدى الى استجلاب ملثمين من خارج المنطقة اعتدوا على الممتلكات الخاصة لعائلة إسكندر وآخرين، وقتل أبرياء من المتواجدين أمام الكنيسة، وحرق شاب لم يتجاوز 19 عاما .

بينما أشاد التقرير بروح التسامح والتعقل والوعى التي ظهرت خلال الأحداث من جانب كثيرين من أبناء الخصوص، على الرغم من تواضع القسط العلمي الذي حصلوه، لكن كانوا على درجة عالية من قبول الآخر وفهم لصحيح الدين، حيث نظموا مسيرة داخل مدينة الخصوص ترفع شعارات "يحيا الهلال مع الصليب"، "مسيحي ومسلم إيد واحدة" قبول للآخر، وفهم لصحيح الأديان.
وأشار إلى هامش الثقافة المتزنة الموجود بين المواطنين من خلال قيام مسلمي المنطقة بتعليقهم لصور الراحل (البابا شنودة) على منازلهم، والشراكات التي جمعت المواطنين باختلاف دياناتهم، مما يستلزم تنمية هذه الروح ورعايتها والسماح لها بالامتداد.

قام برصد وتوثيق تقرير لجنة تقصى الحقائق فريق عمل من الباحثين بالمجلس القومي شريف عبدالمنعم، خالد معروف، أسامة نشأت، كريم شلبي، وقد قامت البعثة بعملها على مدار ستة أيام منذ صدور قرار القاضي الغرياني بتشكيل بعثة تقصي الحقائق لرصد أحداث الخصوص.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -