الطائفية البغيضة تعود لتطل برأسها على المشهد السياسى الراهن، وهدفها الوحيد هو إخافة المصريات والمصريين الأقباط من تأييد مطلب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة والمشاركة فى الحراك الشعبى فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.
والطائفية البغيضة هذه تتحرك مستندة إلى الدوائر المتطرفة فى مساحة اليمين الدينى، ومجترة لمقولات زائفة ومتهافتة سبق توظيفها فى أحداث ماسبيرو واعتصام الاتحادية وتشييع جنازة شهداء الخصوص من مقر الكنيسة القبطية المصرية، الكاتدرائية المرقسية.
المقولة الزائفة الأولى هى أن جميع المصريات والمصريين الأقباط يرغبون، دون استثناء، فى التخلص من رئيس الجمهورية المنتخب ومن جماعته. ومصدر الزيف هنا يتمثل فى التعميم غير الواقعى والذى ينطوى على مقاربة تسطيحية وغير ديمقراطية للتفضيلات السياسية والمجتمعية للأقباط ليس كمواطنات ومواطنين قد يختلفون أو يتوافقون، بل كقطيع مستتبع لا تتمايز مكوناته أبداً.
المقولة الزائفة الثانية هى أن «الرفض القبطى» للرئيس المنتخب وجماعته ينتج عن «عدائهم للمشروع الإسلامى» وسعيهم الجماعى «لإفشاله» وإلغاء «محورية الشريعة» فى المجتمع المصرى. ومصدر الزيف هنا يتعلق بنفى حقيقة أن رفض الكثير من الأقباط للرئيس المنتخب وجماعته وطلبهم تغييره عبر آلية الانتخابات المبكرة يتصل، وقبل أى شىء آخر، بسياسات غير توافقية وغير ديمقراطية للإخوان خلال العام الماضى، وبتجاوزهم المنظم لحقوق المواطنة المتساوية، إن فى صياغة الإطار الدستورى والقانونى لمصر، أو فى ممارسات سياسية ورمزية لرئيس امتنع إلى اليوم عن زيارة الكنائس مهنئاً فى الأعياد أو مواسياً ومعزياً فى ضحايا لأعمال عنف طائفى. الترويج لمقولة «العداء للمشروع الإسلامى» يستهدف، وبإجرام واضح فى حق تماسك النسيج الوطنى والسلم المجتمعى والعيش المشترك، الشحن الطائفى ضد الأقباط قبل ٣٠ يونيو لإخافتهم، ومن ثم إخراجهم كمواطنات ومواطنين من المشهد السياسى.
المقولة الزائفة الثالثة هى أن «القيادات الدينية والروحية» للكنيسة القبطية تنشر مشاعر «الرفض والكراهية للمشروع الإسلامى وللرئيس المنتخب» بين الأقباط وتعبئهم للمشاركة العنيفة فى حراك ٣٠ يونيو ٢٠١٣. ومصدر الزيف هنا مزدوج: فمن جهة الادعاء بأن الكنيسة المصرية تنشر مشاعر الرفض والكراهية بين الأقباط، وهو ما يتناقض بالكامل مع التاريخ الوطنى العريق للكنيسة وسعيها، شأنها شأن الأزهر الشريف والمؤسسات الدينية الأخرى، للحفاظ على تماسك النسيج الوطنى على خلاف دوائر متطرفة وأصوات متشددة هنا وهناك. ومن جهة أخرى، الادعاء شديد الاختزالية بأن الكنيسة هى التى تحدد التفضيلات السياسية والمجتمعية للأقباط وتدفعهم لمعارضة الرئيس المنتخب والمطالبة بانتخابات مبكرة، وهو ما ينطوى مجدداً على مقاربة للأقباط كقطيع مستتبع تلغى تمايزاته وتسيطر عليه وتحركه الكنيسة.
هذه المقولات الزائفة الثلاث والطائفية البغيضة الكامنة وراءها، والتى يضاف إليها لاستكمال الإخافة والترهيب التهديد الصريح من قبل بعض دوائر اليمين الدينى باستخدام العنف فى ٣٠ يونيو، تنفى وجود الأقباط كمواطنات ومواطنين وتنزع عنهم حقهم السياسى فى طلب التغيير السلمى بعد عام على فترة رئيس صنع أزمات متتالية لمصر ولم يتعامل بجدية مع ضرورة أن يصبح رئيساً لكل المصريات والمصريين بعض النظر عن تمايزات الهوية الدينية.
هذه المقولات الزائفة الثلاث أبلغ رد عليها هو المشاركة السلمية والمكثفة للمصريات وللمصريين الأقباط غير الراضين عن سياسات وممارسات الرئيس المنتخب مع نظرائهم غير الراضين بين المواطنين أصحاب الهويات الدينية الأخرى فى الحراك الشعبى المطالب بالتغيير عبر انتخابات رئاسية مبكرة، فقط كمواطنين يبحثون عن الأفضل لوطنهم دون خوف ودون احتياج لتبرير. مصر وطن الجميع، والحقوق متساوية، والبحث عن التغيير سلمياً وديمقراطياً حق ليس لأحد أن ينتزعه من غير الراضين من المواطنات والمواطنين.
0 التعليقات:
Post a Comment