اختلف السياسيون اختلافاً سيترتب عليه دماء تسيل وإمكانات تُهدر ودائرة خبيثة من الفوضى والقتلى والصرعى من أجل كرسى الحكم.
المصريون حائرون لأنهم لا يتخيلون كيف يحكمون لمدة ثلاث سنوات بهذه الطريقة وفى ضوء هذا الكم من الارتباك وغياب الرؤية وحوار الطرشان بين الأطراف المختلفة، ولكنهم فى نفس الوقت حائرون لأنهم يخشون أن تكون سابقة التمرد على الرئيس مقدمة للتمرد على أى رئيس قادم لأنه حتماً سيكون من بين الرؤساء القادمين من لا يرضى عنه بعض من الشارع السياسى.
وهى بالفعل معضلة كبيرة لأنها أتت فى ظل النتيجة الثلاثية للثورة المصرية وهى أنها تخلصت من «مبارك»، واختبرت «الإخوان»، وكشفت ضعف المعارضة.
الدم المصرى والدولة المصرية أصبحا الآن فى مرمى استهداف السياسيين، والخسائر ستكون وخيمة وستؤدى لاستنزاف مواردنا لفترة طويلة. طيب ما هو الحل؟
الحل فى تقديرى أن تتدخل مؤسسات الدولة البعيدة عن التنافس السياسى من أجل إنقاذ الموقف، والمؤسسات الأقدر على ذلك هى الجيش والأزهر والكنيسة والقضاء. ولهذا أنا أقترح أن يجتمع شيخ الأزهر وبابا الكنيسة ورئيس المجلس الأعلى للقضاء والقائد العام للقوات المسلحة، ليناقشوا إلى أين تذهب مصر وما الذى ينبغى على كافة الأطراف فعله؟ ويعملوا على تقديم مبادرة تحفظ لهذا الشعب دماء أبنائه، ولهذه الدولة البقية الباقية من احترام الناس لمؤسساتها، وأقترح أن تدور محاور المبادرة التى يقوم بها هؤلاء الأفاضل حول النقاط التالية:
أولاً، إعلان ثم قبول استقالة حكومة الدكتور هشام قنديل، وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية غير حزبية وتعيين الدكتور هشام قنديل مستشاراً لرئيس الجمهورية.
ثانياً، حث المحكمة الدستورية العليا على سرعة مراجعة قانون مجلس النواب المرسل إليها من مجلس الشورى لضمان تمريره وفقاً لقواعد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بحيث تكون الانتخابات فى نوفمبر القادم بحد أقصى، وتحت إشراف قضائى كامل، وبتوسيع تام لحق المتابعة على الانتخابات من مؤسسات المجتمع المدنى الداخلية والخارجية.
ثالثاً، إعلان أن قرار بقاء النائب العام أو رحيله مسألة يحسمها مجلس القضاء الأعلى وفقاً لحكم محكمة النقض، وليس رئيس الجمهورية، وجميع مؤسسات الدولة ملزمة بما ستنتهى إليه.
رابعاً، تشكيل لجنة من الممثلين عن القوى السياسية المختلفة ومن فقهاء القانون الدستورى لمراجعة مواد الدستور الخلافية، بما فيها المادة الخاصة باستمرار رئيس الجمهورية الحالى فى منصبه (المادة 226). ولا توجد مشكلة فى ذلك، فلا ننسى أن الدستور أقر فى مارس 1789، ثم اقترح الكونجرس وثيقة الحقوق المدنية فى سبتمبر من سنة 1789، وتم إقرارها فى 15 ديسمبر (كانون الأول) من عام 1791، بمصادقة الهيئات التشريعية لمختلف الولايات وفقاً للمادة الخامسة من الدستور. بما يعنى أن أول عشرة تعديلات على الدستور الأمريكى قدمت خلال ستة أشهر من إقرار الدستور من أجل تحقيق التوافق بين داعمى الاتحاد ومعارضى الاتحاد.
خامساً، لا بد من تفعيل وثيقة الأزهر لنبذ العنف، وهنا يكون الاتفاق على أنه لا للعنف اللفظى ولا للعنف المادى ولا للعنف الدموى، لا لحرق المقرات، لا لحصار المتظاهرين، لا لقمع أصحاب الاحتياجات أو أصحاب الاحتجاجات، ولا للتهييج والإثارة فى أجهزة الإعلام أو على وسائل التواصل الاجتماعى.
أرجو أن تطرح هذه المبادرة على مائدة الحوار، وأن تُفعل هى أو غيرها من أجل عصمة دماء المصريين.
لقد تحول انقسامنا إلى استقطاب، واستقطابنا إلى احتقان، واحتقاننا إلى غليان. وأصبح المصريون يرفعون شعار: «معى أنت جميل، ضدى أنت عميل». وبعضنا يتحدث باسم الإسلام ويرى أن انتصار د. مرسى يعنى انتصاراً للإسلام وللشريعة الإسلامية وبعضنا يتحدث باسم الوطنية ويرى أن انتصار «تمرد» يعنى انتصاراً للوطنية وللمصرية. وكلاهما خطأ لأنه لا صراع بين الدين والوطن، وإنما هى صراعات بين أشخاص يصيبون ويخطئون، ولا بد أن يكون الدين لله والوطن للجميع.
أخيراً أذكِّر الجميع الذين يصدرون أحكاماً متسرعة فى كل اتجاه بالعمالة والتخوين، نحن لا نملك كل الحقائق، ولا نعرف ترتيبها، ولا كل الفاعلين، ولا مقاصدهم، وكبرت كلمة تخرج من أفواه المهيجين إن يقولون إلا كذباً.
اللهم احفظ مصر والمصريين من كل سوء.
كونك قلت إن الكنيسة بعيدة عن التنافس السياسي يبقى إنت راجل كفتة
ReplyDeleteد|معتز احترمك جدا واري انها مبادره راءعه
ReplyDelete