لقراءة المقال الأصلي ، ترجمته: مي غريب
في الاسابيع الماضيه كتبت عن خداع باراك اوباما في سوريا , وتضيق الخناق للوصول للحل العسكري
هناك خداع اخر قائم لابد من الانتباه له وفهمه جيدا ... هذا الخداع يأتي من جانب الرئيس الروسي فلادمير بوتن
يخادع بوتين العالم بتصويره ان روسيا من القوي العظمي العالميه .. ولكن في حقيقه الامر روسيا ما هي الا قوه اقليميه واكتسبت هذه القوه بسبب وجودها داخل محيط من الفوضي.
حاول ان يصدر فكره ان روسيا تمتلك قوه ضاربه ولقد قام بانتاج هذه الفكره بصوره رائعه.
وتعتبر سوريا بالنسبه لبوتين مشكله كبيره تكاد تكشف خداعه لان امريكا ستعتمد عليه وعلي قوته المزعومه قريبا وهنا ستكشف الاعيبه المزيفه.
ولكي نفهم تفاصيل اللعبه جيدا لابد ان نعود الي اخر اجتماع تم بين اوباما وبوتن والذي استغرق 20 دقيقه
كان اجتماع بوتين واوباما الذي اقيم في روسيا يتسم بالبرود وانه اجتماع غير حاسم .. الولايات المتحده علي ما يبدو عازمه علي اتخاذ اجرائات وحلول عسكريه في سوريا مما يقابله رفض من الجانب الروسي .. وهذا يذكرنا باحداث الحرب البارده بين البلدين عندما كانت روسيا قوه عالميه وهذا علي ما يبدو ما يحاول بوتين الحفاظ عليه كمظهر لروسيا
*قوه عالميه متواضعه.
لقد كانت العلاقات متوتره بين امريكا وروسيا لفتره ليست بالقليله .. مبكرا منذ تولي اوباما زماما الامور في امريكا ثم بعده ظهور وزيره خارجيه امريكا هيلاري كلينتون في موسكو وهي تحمل صندوق به زر احمر اطلقت عليه زر اعاده الضبط!!
قالت ان هذا الزر يرمز لرغبه الولايات المتحده في بدء صفحه جديده من العلاقات الروسيه الامريكيه.
وتدهور بعدها العلاقات مع الصين والاتحاد الاوروبي ..
الولايات المتحده هم اهم لاعبين-ان لم يكونا متطابقين- واي تدهور للعلاقات سيكون مؤثر جدا .. لذا لابد ان نفهم مايحدث بين البلدين قبل الوصول الي ما يحدث في سوريا.
قبل عشرين عاما من الان كان اهتمام امريكا بالعلاقه مع روسيا لايكاد يذكر من الاساس .. وليس لاعاده بدء علاقات مع روسيا! كان الاتحاد السوفيتي قد انهار ... والاتحاد الروسي في حاله مذريه ولم تكن امريكا تأخذ روسيا في اعتبارها علي محمل من الجد او من الاهميه من الاساس...
لم ينسي الروس هذه الفتره .. ويتذكرونها بمراره .. وتعلمو في هذه الفتره كيفيه اقامه دوله ثابته ديموقراطيه قائمه علي خقوق الانسان .. وفي هذا الوقت تحالف الاوروبيون مع امريكا في نشاطات اقتصاديه غير حكوميه استغلاليه اثرت بالسلب علي استقرار روسيا الداخلي.
اتت لحظه الانهيار اثناء ازمه كوسوفو .. كان سلوبودان ميلوسوفيتش زعيم ما تبقي من يوغوسلافيا .. وكان حليفا لروسيا .
وكانت روسيا تملك من العلاقات التاريخيه مع صربيا ما لا يسمح لها بجعلها تنهار وأنها لا تريد أن ترى صربيا تقطع اوصالها، مع جعل كوسوفو مستقلة.
كان هناك ثلاثة أسباب لذلك. أولا، نفى الروس أن هناك مذبحة للألبان في كوسوفو. كان هناك مجزرة من قبل الصرب في البوسنة، ولكن الدليل على وجود مجزرة في كوسوفو كان غير واضح .
ثانيا ، فإن الروس لا يريدون تغيير الحدود الأوروبية
. كان هناك اتفاق عام على أن التغييرات القسرية في الحدود لا ينبغي أن تحدث في أوروبا، بالنظر إلى تاريخها، وكان الروس يشعرون بالقلق من أن أجزاء من الاتحاد الروسي، بدايه من الشيشان إلى كاريليا إلى روسيا المحيط الهادئ، قد تستخدم في الفصل القسري من صربيا و كوسوفو لتقطيع أوصال روسيا. في الواقع، انهم يشتبهون في أن كانت نقطة من كوسوفو.
ثالثا، والأهم من ذلك، أنهم شعروا أن أي هجوم من دون موافقة الامم المتحدة وبدون الدعم الروسي أنه لا ينبغي على حد سواء بموجب القانون الدولي واحتراما لروسيا.
ومع ذلك ذهب الرئيس بيل كلينتون مع خلف شمال الاطلسي الي الحرب!
بعد شهرين من الغارات الجوية التي حققت القليل، وصلوا إلى الروس للمساعدة في تسوية النزاع. وقد توصل المبعوث الروسي إلى اتفاق مقبول وهو الانفصال الرسمي لكوسوفو من صربيا ولكن بشرط نشر قوات حفظ السلام الروسية جنبا إلى جنب مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة، وكانت مهمتهم هي حماية الصرب في كوسوفو.
كان يسمى وقف إطلاق النار، ولكن الجزء حول قوات حفظ السلام الروسية لم ينفذ بالكامل أبدا.
شعرت روسيا انها تستحق أكثر احتراما في كوسوفو .. ولكن في ذلك الوقت كانت روسيا لا يمكن ان تتوقع اكثر من ذلك نظرا لموقعها الجيوسياسي الضعيف . ومع ذلك، خدم الحادث كمحفز للقيادة الروسية في محاولة لوقف الانخفاض في البلاد واستعادة احترامها. كانت كوسوفو واحدة من العديد من الأسباب التي أصبح فلاديمير بوتين رئيسا، ومعه القوة الكاملة لجهاز المخابرات الروسي.
*التعدي الغربي
وقد دعمت الولايات المتحدة، ماليا وبطرق اخري وبنشر جماعات حقوق الإنسان في الاتحاد السوفياتي السابق. عندما شهدت العديد من دول الاتحاد السوفييتي السابق الثورات في عام 1990
التي خلقت حكومات كانت إلى حد ما أكثر ديمقراطية، لكنها بالتأكيد أكثر موالية للغرب وموالية لأمريكا، ورأت روسيا ان هناك حاله من التضيق والانغلاق الغربي عليها
وجاءت نقطة التحول في أوكرانيا، حيث ولدت الثورة البرتقالية ما بدا لبوتين حكومة موالية للغرب في عام 2004. كانت أوكرانيا هي البلد الوحيد الذي إذا انضمت إلى حلف الناتو، من شأنه أن يجعل روسيا لا يمكن الدفاع عنها، والسيطرة على العديد من خطوط الأنابيب إلى أوروبا
في رأي بوتين، ساعدت المنظمات غير الحكومية في التأسيس والتخطيط لهذا الوضع … وادعى أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تمول تلك المنظمات.
بالنسبه لبوتين ، أشارت الإجراءات في أوكرانيا أن الولايات المتحدة على وجه الخصوص عازمه ومصممه تمديد انهيار الاتحاد السوفياتي إلى ان يصل لانهيار الاتحاد الروسي. كانت كوسوفو إهانة من وجهة نظره. كانت الثورة البرتقالية هجوم على المصالح الروسية الأساسية.
بدأ بوتين عملية قمع كل المعارضة في روسيا، سواء من المنظمات غير الحكومية المدعومة من الأجانب ومجموعات محلية بحتة. رأى ان روسيا تتعرض للهجوم، وصنفت هذه الجماعات انها منظمات التخريبية. ولكن الحقيقة هي أن روسيا كانت عائدة إلى جذورها التاريخية باعتبارها حكومة استبدادية، مع الدولة المسيطرة على اتجاه الاقتصاد وحيث يتم التعامل مع المعارضة كما لو كانت تهدف لتدمير الدولة.
حتى على الرغم من هذه الافعال فسرت بالنظر إلى الفشل والكوارث منذ عام 1991،ادي هذا الي خلق الصراع مع الولايات المتحدة.
ابقت الولايات المتحدة علي الضغط على روسيا بقضية حقوق الإنسان، وأصبح الروس أكثر قمعا ردا على ذلك.
ثم جاء الفصل الثاني من كوسوفو. في عام 2008، قرر الأوروبيون أن تكون كوسوفو مستقلة تماما.
وطلب الروس أن لا يحدث هذا وقالوا إن التغيير كان قليلا على أي حال.
من جهة النظر الروسية، لم يكن هناك أي سبب للسخرية من روسيا مع هذا الإجراء
. الأوروبيون كانوا غير مبالين لرأي روسيا بالمره!
وجد الروس الفرصه سانحه للرد علي جورجيا .. وهذا علي وجه التحديد هو كيف بدأت الحرب الروسيه الجورجيه .. وهو الذي ادي الي دخول الدبابات الروسيه لداخل اراضي دوله عميله لامريكا والبقاء داخل اراضيها وهزيمه جيشها .. الي ان قرروا المغادره.
ومع تورط امريكا وقتها في الحرب في افغانستان والعراق , لم يكن من الممكن ان يحدث اي تدخل عسكري من جانب امريكا
واستغلت روسيا هذه الفرصه لتقديم رسالتين قويتين الي دول الاتحاد السوفيتي و كييف
اولا ان روسيا تستطيع ان تنحي العقل والحكمه جانبا متي ارادت وتستخدم قوتها العسكريه
ثانيا .. رساله واضحه للدول المواليه لامريكا لاعاده النظر في علاقتها معهم حيث ان امريكا لا تحمي الا مصالحها وليست مولاه امريكا هي الضمان.
العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا لم تسترد عافيتها قط. من وجهة نظر الولايات المتحدة، كانت الحرب الروسية جورجيا العدوان السافر. من جهة النظر الروسية، وكان ببساطة النسخة الروسية من كوسوفو، في الواقع ألطف من حيث أنه غادر جورجيا سليمة. أصبحت الولايات المتحدة أكثر حذرا في تمويل المنظمات غير الحكومية. أصبح الروس أكثر قمعا بحلول عام في تعاملها مع الجماعات المنشقة.
منذ عام 2008، حاول بوتين إلى خلق شعور بأن روسيا قد عادت إلى قوتها التاريخية السابقة. فإنه يحافظ على العلاقات العالمية مع القوى اليسارية مثل فنزويلا والإكوادور وبوليفيا وكوبا بالطبع.
في واقع الأمر هناك القليل الذي يمكن أن نفعله روسيا لأي من تلك البلدان، تتجاوز الاستثمارات في مجال الطاقة واعدة ونقل الأسلحة التي تتحقق في بعض الأحيان فقط. ومع ذلك، فإنه يعطي إحساسا روسيا قوة عالمية.
في الواقع لازالت روسيا تحتفظ بذكريات انهيار الاتحاد السوفيتي … ويتركز اقتصادها بشكل كبير على صادرات الطاقة وتعتمد على أسعار عالية لا يمكن السيطرة عليها.
خارج موسكو وسانت بيترسبرج استمرار صعوبة الحياة والعمر المتوقع قصيرة.
عسكريا، فإنه لا يمكن أن تتطابق مع الولايات المتحدة. ولكن في هذه اللحظة من التاريخ، مع انشغال الولايات المتحدة بالانسحاب من المشاركة العميقة في العالم مسلم، ومع انشغال الأوروبيين في حالة من الفوضى المؤسسية لديهم ، فإن روسيا تستغل هذه الفرصه لاظهار نفسها بقوه اكبر من حجمها الاصلي .. يلعب الروس لعيه خديعه عالميه ، وهذه الخدعة تساعدهم محليا من خلال خلق شعور أنه على الرغم من مشاكله، الا انهم استعادوا موقعهم في القوه العالميه.
في هذه اللعبه سيتفوق الروس بشكل حيوي وذلك باستغلالهم لقضيه سنودن … ذلك ان كانو متورطين بهذه القضيه من الاساس او انضموا لها حديثا ..
واثبتت روسيا انها اوصلت للعالم انطباعين .. الاول ان روسيا لازالت تستطيع التغلب علي امريكا .. والامر الثاني انهم اظهروا امريكا بمظهر الدوله المنافقه الكاذبه خصوصا في قضيه حقوق الانسان والتي استغلتها امريكا لعقود ضد روسيا .. ولكن مع سنودن، كان الروس في وضع يمكنهم من حيث أنهم يحمون الرجل الذي كشف ما رآه كثيرون بمثابة انتهاك واسعة لحقوق الإنسان. أنه أذل الأميركيين من الناحية الأمنية المتراخية خاصة بهم، وعلاوة على ذلك ضعفت قدرة الولايات المتحدة للوم روسيا عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وكان أوباما غاضب مع إشراك روسيا في قضية سنودن وألغي اجتماع قمة مع بوتين.
ولكن الآن بما ان الولايات المتحدة تدرس توجيه ضربة الي النظام السوري بعد الاشتباه في استخدام الأسلحة الكيميائية، قد تكون واشنطن في وضع يمكنها من التعامل مع دولة عميلة لروسيا، وبالتالي التعامل مع موسكو نفسها.
السؤال السوري ..
علاقات الأسد النظام مع روسيا تعود إلى عام 1970، عندما قام حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي بشار الأسد، بانقلاب وانحياز سوريا مع الاتحاد السوفيتي. في أوهام القوة العالمية .
فإن سقوط الأسد يقوض استراتيجيته بشكل كبير إلا إذا ووجه الولايات المتحدة إلى صراع آخر لفترات طويلة ومكلفة في الشرق الأوسط. في الماضي، والهاء الولايات المتحدة مع العراق وأفغانستان يخدم مصالح روسيا. لكن الولايات المتحدة ليس من المرجح ان تكون ضالعة بشكل عميق في سوريا كما فعلت في تلك البلدان.
أوباما قد يسقط النظام السوري وتشكيل حكومة سنية او من المعتقدات غير معروف، أو أنه قد تختار لعارضة هجوم بصواريخ كروز. ولكن سورسا لن تتحول إلى عراق ما لم يفقد أوباما السيطرة تماما.
وهنا تتضح الفكره ان امريكا تجر روسيا لاذلال مشابه لما حدث لامريكا عام 2008 في احداث جورجيا وان الدول الحليفه لروسيا في المنطقه لن تستطيع روسيا حماينها اذا قررت امريكا التعامل معها .
سيكون التأثير داخل روسيا مثير للاهتمام .. وهناك دلائل علي ضعف موقف بوتين .. لان اقوي اسلحه بوتين هو خلق الوهم العالمي بان روسيا قوه عظمي .. وهذا سيوضح حجم الخدعه .. ولكن علي اي حال لايمكن التأكيد ان الادوار ستبقي كما هي .. ان روسيا هي خط الدفاع و امريكا هي الهجوم.
جعل بوتين قضيه سوريا قضيه اساسيه بالنسبه له .. ومع عدم الدعم الاوروبي لرفض ما بحدث بسوريا فان خدعه بوتين في خطر .
التاريخ لن يتحول لهذا الحدث .. ولا وضع مستقبل بوتين .. ناهيك عن وضع روسيا ككل , لن يعتمد التاريخ علي هل قامت روسيا بحمايه حليفتها سوريا ام لا .. فسوريا ليست بهذه الاهميه ..
هناك العديد من الأسباب تجعل الولايات المتحدة قد لا ترغب في الانخراط في سوريا. ولكن إذا أردنا أن نفهم الأزمة بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن سوريا، فمن المنطقي أن تنظر في الأزمة داخل بدايه من التاريخ الحديث من كوسوفو في عام 1999 إلى جورجيا في عام 2008 الى ما نحن فيه اليوم.
0 التعليقات:
Post a Comment