الجزيرة

تتزايد التكهنات بقرب توجيه ضربة عسكرية غربية لنظام بشار الأسد في سوريا، وتتعدد الرؤى والتحليلات في محاولة لسبر أبعاد هذه الضربة وأهدافها ونتائجها، وكذلك الحال لدى الثوار الذين يستبشر معظمهم بما ستحققه الضربة من إنهاك للنظام قد يعجل إسقاطه، غير أنهم لم يخفوا خشيتهم من احتمالات أخرى قد تؤدي لنتائج عكسية.

وفي إحدى هذه التحليلات، يرى مجلس قيادة الثورة في دمشق أن أي تحرك عسكري غربي سيهدف بالدرجة الأولى لتحقيق مصالح الغرب، وعلى رأسها خلق مناخ سياسي مناسب لإحياء العمل السياسي الذي سيؤدي إلى انتقال للسلطة من خلال التفاوض، مع الحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة والجيش للحيلولة دون الوقوع في فوضى شاملة.

ويرصد المجلس في ورقة عمل -تلقت الجزيرة نت نسخة منها- ثلاثة سيناريوهات للضربة المحتملة، إذ يحتمل السيناريو الأول توجيه ضربة لمواقع عسكرية مهمة تؤدي لزعزعة الجيش النظامي والشبيحة وتزيد من تقدم الثوار في الشمال السوري، تمهيدا لمعركة برية حاسمة في دمشق والتي تتطلب انتصار الثوار على عشرات الآلاف من جنود الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ومن سيبقى معهم من الأمن والشبيحة وحزب الله.

وفي السيناريو الثاني يتوقع المجلس استهداف رأس النظام مباشرة وتدمير كافة عناصر القوة في الجيش تزامنا مع صفقات تعقد في الخفاء مع بعض عناصر النظام للقيام بانقلاب يبرز قيادة جديدة أكثر مرونة على التفاوض، بهدف وضع حد للأزمة مع حماية الطائفة العلوية من عمليات الانتقام.

أما السيناريو الثالث، فيتوقع احتمالا "لا يتمنى أحد من الحلف الغربي رؤيته" وهو سقوط النظام بشكل سريع كما حدث في العراق عام ٢٠٠٣، مما يؤدي لنقل السلطة إلى الكتائب الكثيرة المتنازعة، وقد يعني ذلك تورط الغرب في تدخل عسكري طويل الأمد وعالي التكلفة لإعادة السيطرة.

حذر وتفاؤل


من جانبه، يرى المتحدث باسم الهيئة العامة للثورة السورية في حمص هادي العبد الله أن الشعب السوري يقرأ التاريخ جيدا ويعي كل المخططات الدولية، ويضيف في حديث للجزيرة نت أن السوريين يطالبون منذ أسابيع الثورة الأولى المجتمع الدولي بمساعدته لنيل حريته غير أنه في الوقت نفسه لا يقبل بأن يهدف التدخل إلى جعل سوريا أرضا لتصفية الحسابات الدولية أو لتقسيمها أو للنيل من أي جهة ثورية.

وردا على سؤال للجزيرة نت بشأن رؤية الثوار في حمص للضربة المحتملة وما بعدها، قال العبد الله إن الثوار يتفقون على أن الضربة قد تكون هي الشعرة التي تسقط النظام أو تسرع في انهياره، لكن القسم الأكبر منهم يخشون تكرار ما حصل في ليبيا والعراق من استهداف للثوار بحجة أنه وقع عن طريق الخطأ، حسب قوله.

وتتشابه هذه الرؤية لدى العديد من الثوار في الساحل السوري، إذ يقول الناشط الإعلامي في اللاذقية مؤيد بيطار إن الثوار يؤيدون الضربة بالتأكيد وخاصة إذا تم خلالها استهداف المطارات العسكرية التي تنطلق منها طائرات النظام لقصف المواقع السكنية، غير أنهم يخشون تعرض "كتائب الثوار الإسلامية" للقصف في الوقت نفسه.

كما يحذر الناشط في حديث للجزيرة نت من أن تؤدي الضربة إلى تشجيع النظام على الانتقام من الثوار، انطلاقا من المثل الذي يقول إن الضربة التي لا تقصم الظهر تقويه.

استنفار عام


ويضيف بيطار إن كتائب الثوار في الساحل -الذي اشتعلت فيه قبل أسابيع معارك حامية ضد القرى العلوية- ما زالت في وضع تأهب واستنفار عام منذ اضطرارها إلى التراجع عن بعض المناطق التي سيطرت عليها، وإنها تترقب بحذر شديد نتائج الضربة المحتملة مع قيامها بحملة توزيع للأقنعة الواقية من الغاز السام.

ومع تأكيد العديد من الناشطين -الذين تواصلت معهم الجزيرة نت- على استعداد الكتائب الثورية للقيام بعمليات نوعية تنتهز الضربة الغربية المتوقعة، فإن عين الثوار ما زالت تنظر للنتائج المتوقعة على المدى البعيد، إذ يعرب مجلس قيادة الثورة في دمشق عن خشيته من أن تفتح الضربة المحتملة الباب للتدخل المستمر لتحقيق مصالح القوى الغربية كما يحدث في اليمن وأفغانستان، وذلك باستهداف "الكيانات المعادية" للغرب على الأراضي السورية سواء كانت تتبع النظام أو المعارضة.

لكن المجلس يرى أيضا أن التدخل العسكري المباشر سيضع في آخر المطاف نهاية لما أسماه الحقبة الأسدية، سواء عبر حل سياسي أو إسقاط عسكري بالانقلاب أو على يد الثوار، ولا يستبعد أن يستغرق تحقيق هذا الهدف وقتا طويلا.

ولتجنب الوقوع في الفوضى، ينصح مجلس قيادة الثورة في دمشق بتشكيل آلية تنسيق عاجلة تجمع كافة القوى الثورية في كل المحافظات مع الترفع عن الخلافات البينية، بهدف تشكيل نواة لقوى عسكرية وإدارية تحكم السيطرة على المناطق لمنع الفوضى إعلاميا وإداريا، كما يدعو الناشطين لتكثيف جهودهم الإغاثية والطبية خلال فترة الضربة.

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -