"الجني الذي خرج من القمقم في 2011 لن يعود إليه بسهولة".. هذا ما خلصت إليه صحيفة "ذا اندبندنت" البريطانية في افتتاحية حذرت من أن مصر تخاطر "بانزلاقها مرة أخرى إلى القمع".

ورأت الصحيفة البريطانية أنه إذا تولى الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع الرئاسة فإنه سيتعين عليه القضاء على المشكلات التي تؤرق كافة المصريين.

وفي حالة فشله في هذه المهمة- والكلام للصحيفة- فإنه لن يجد ما يتسامح معه وسيواجه حتما مصير الرئيس المعزول محمد مرسي.

فيما يلي نص الافتتاحية:

في الخامس والعشرين من يناير 2011، شهدت مصر انطلاق احتجاجات أطاحت بنظام حسني مبارك، وأنهت نظريا ستة عقود من الحكم العسكري.

وفي الذكرى الثالثة لهذه الثورة، لا يوجد شيء يذكر جدير بالاحتفال، فبعد التفجيرات المتعددة التي هزت القاهرة، خلال نحو أسبوع من الاستفتاء على دستور جديد، اعتبرته السلطة القائمة بمثابة فجر جديد، يبدو أن الديمقراطية باتت حلما بعيد المنال.

الموجة الأخيرة من العنف لم تكن الأولى من نوعها، فقد بدأت الهجمات، في أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو الماضي، وتتصاعد بشكل مطرد، في الوقت الذي تستمر فيه الاضطرابات- دموية في الغالب- في مختلف أرجاء البلاد.

خلفت رئاسة مرسي التي لم تدم طويلا بعض المعضلات التي انعكست سلبا على شعبيته. غير أنه كان رئيسا منتخبا، أطاح به الجيش مستغلا الغضب الشعبي. ومنذ سقوطه، شهدت الأوضاع مزيدا من التراجع والانتكاسات تحت قيادة السيسي.

أول هذا الانتكاسات جاءت بالفض الدموي لاعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة"، ما خلف مئات القتلى وآلاف المصابين.

ومنذ ذلك الحين ، وتحت ذريعة مواجهة الإرهاب، حظرت السلطة القائمة جماعة الإخوان المسلمين وتعرض أعضاؤها للمضايقات والاعتقال.

لم يقتصر القمع على الإسلاميين، الذين يشعرون بالتنكيل من قبل السلطة القائمة، وإنما مناهضيها من مختلف ألوان الطيف السياسي، سواء كانوا نشطاء علمانيين أو صحفيين أو حتى أعضاء سابقين في البرلمان.

وفي هذا السياق، حذرت منظمة العفو الدولية من أن السلطات المصرية تستخدم كافة مصادرها لسحق المعارضة و"الدوس" على حقوق الإنسان، مشددة على أن العنف بلغ مستويات غير مسبوقة.

وفي الوقت ذاته، لم يعزز الدستور الجديد سلطات الجيش فقط، وإنما يقيد حرية التعبير والتجمع.. أقر هذا الدستور بأغلبية ساحقة، ولكن مع قمع حملة "لا"، فضلا عن مقاطعة أنصار الإخوان وقوى أخرى وفئات مثل الشباب للتصويت.

التصويت لم يكن على الدستور بقدر ما كان تصويتا على السيسي ومرسي. وبعد الانتهاء من ذلك، برز على السطح سؤال طالما تردد، وهو ما إذا كان السيسي سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.. هناك تلميحات كثيرة، فيما خرج آلاف المؤيديين بالقاهرة هذا الأسبوع، لكن الجنرال لم يعلن بعد موقفه.

لو قرر السيسي الترشح، فليس من شك في أنه سيفوز. فبعد ثلاثة أعوام من الاضطرابات، يحتاج المصريون إلى زعيم قوي.

حال توليه السلطة، سيجد السيسي نفسه مطالبا بوضع آلية للتعامل مع مشاكل لا تعد ولا تحصى. وإذا فشل في هذه المهمة، فإن المصريين لن يتسامحوا معه تماما، مثلما فعلوا مع السيد مرسي.

ربما تكون آفاق الديمقراطية أبعد ما تكون عن الصورة الوردية. لكن الجني الذي خرج من القمقم في ثورة 2011 لن يعود بسهولة إليه.

مصر العربية

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -