"إن هذه المذبحة تمثل المسمار الأخير في نعش نظام مشرف الديكتاتوري .. الآن سيكون هناك مسجدا أحمرا في كل مكان"

مولانا عبد الغفور حيدري – الأمين العام لجامعة علماء الإسلام و نائب رئيس جماعة الدعوة فى خطبة له أمام آلاف المتظاهرين بعد يومين من المذبحة

....

"هدم المدرسة والمسجد لن ينهي الإسلام الحمد لله حصلنا على العلم كل واحدة فينا ستحول منزلها إلى مسجد وإلى مدرسة ولتأتي الحكومة إلى منازلنا تهدمها ولتهدم المساجد التي في منازلنا ... رسالتنا للحكومة هي أن عليها ألا تعتقد مطلقا أن الخوف تملكنا بهدم مسجدنا أو مدرستنا هل سننتهي نحن أيضا ؟، كلا نحن لا زالت رؤوسنا مرفوعة، ولا زلنا نستنشق الهواء استشهاد غازي عبد الرشيد، أشعل في قلوبنا النار وهذه هي بداية نهاية الحكومة وبداية نجاحنا"

سدرة المنتهى – إحدى طالبات المسجد الأحمر فى برنامج "لقاء اليوم" على قناة الجزيرة بعد أيام من المذبحة

........

كان ذلك منذ قرابة السبع سنوات وتحديدا فى يوليو 2007 عندما اعتصم وتحصن آلاف من الطلبة فى المسجد الأحمر أو "لال مسجد" بالأردية ثانى أكبر مساجد العاصمة الباسكتانية "إسلام آباد" والملحق به مدرسة ضخمة لتعليم الشباب والفتيات العلوم الشرعية، وكان الاعتصام على خلفية هدم الحكومة الباكستانية لثمان من المدارس الشرعية الشبيهة التى تقدر فى باكستان بالمئات، وتهديدها بهدم وإغلاق المسجد الأحمر أيضا، الأمر الذى اعتبروه حلقة فى محاربة العلم الشرعى حائط الصد الأخير للحفاظ على الهوية الإسلامية للبلاد التى ما زال أهلا منذ إنشائها يطالبون حكوماتها بتطبيق الشريعة الإسلامية كمطلب أساسى من أجله انفصلت الباكستان عن الهند فى الأساس !

الإعلام الباكستانى كان يقول أن إدارة المسجد استولت على قطعة أرض بجوار المسجد ليست لها .. لم يكن ذلك مؤثرا بشكل كاف لتبرير تحرك وحدات الجيش لمحاصرة المعتصمين، قال لاحقا إن إدارة المسجد تحتجز الطلبة "المختطفين ذهنيا" كرهائن وأن علينا تحريرهم، لم تخلُ الحبكة الدرامية أيضا من نشر صور لطلبة لا تبدو عليهم الملامح الباكستانية وإشاعة أن من بين المعتصمين أجانب .. ولم يكن خافيا أنهم بجملتهم إرهابيون يحملون السلاح ويريدون تطبيق الشريعة بالقوة

قوات الجيش متأهبة .. الشارع تم شحنه .. المعتصمون مستعدون للموت ونيل الشهادة

......

لقد اتفقنا بشكل كامل على صيغة اتفاق لتسوية الأزمة مع رئيس الوزراء شوكت عزيز , وحين ذهب الأخير بالإتفاق الى مشرف رفضه , وغير كل شيئ وأمر بتنفيذ العملية

الشيخ تقي عثماني - رئيس وفد العلماء الذى توسطت لحل الأزمة بين المعتصمين والحكومة

.....

دائما هناك عقلاء فى أطراف كل أزمة لا يملكون إلا عقول يفكرون بها، ودائما يوجد حمقى فى أطراف كل أزمة لا يملكون إلا عضلات يفتكون بها ..

أجل، كان برويز مشرف الجنرال المدنى صاحب "البدلتين" المنقلب المنتخب قد حسم خياراته وعزم على تجرع آخر رشفة من الكأس الذى رفعه منذ 2001 عندما بدأ شراكة مفتوحة مع أميركا لمحاربة "الإرهاب" على أراضيه، عمليات عسكرية واعتقالات مفتوحة، وتسليم المئات من الباكستانيين للأمريكان، كان بالفعل رجل "بوش" الذهبى فى المنطقة !

......

وبدأت العملية، وقتل الجيش الباكستانى زهاء ألف طالب وطالبة أثناء عملية فض الاعتصام، وتهدمت مدرسة حفصة تماما التابعة للمسجد واستشهد فى الفض إمام المسجد مولوى عبد الرشدي غازى وبعض أهله، وقُبض على أخيه مولانا عبد العزيز غازى وأظهرته وسائل الإعلام الباكستانية على أنه قد فر من الاعتصام فى زى امرأة منتقبة !

فى اليوم التالى أعلن المتحدث العسكرى للجيش أن 73 فقط قد قتلوا أثناء الاشتباكات، بينما صرحت منظمة "إيدهى" الإنسانية الباكستانية الخاصة لاحقا أن الجيش طلب منها فى هذا اليوم تحضير 800 كفن !

.....

" إن جميع الإناث والقصر سيمنحون عفواً عاماً غير أن نظراءهم الذكور سيواجهون اتهامات فيما يتعلق بالجرائم التي ارتكبوها خلال الاشتباكات''

محمد على دورانى – وزير الإعلام الباكستانى


"في اليوم الأخير لاستسلام الطالبات كان عددهن يتراوح بين ثلاثة وعشرين إلى خمسة وعشرين طالبة فأين هو العدد المتبقي من الطالبات أختي هذه عندما خرجت كان عدد الشهداء مائة إلى مائة وخمسين طالبة ولكن عندما خرجت أنا رأيت بنفسي في الصباح ثلاثين إلى خمسة وثلاثين طالبة قد استشهدن ووضعت جثثهن بنفسي في غرفة وفوقهن اللحاف سؤالي هو هؤلاء البنات اللواتي استشهدن أين ذهبن هل السماء أم الأرض ابتلعتهن أم أن الجيش خبأ هذه الجثث"

سدرة المنتهى – إحدى طالبات مدرسة حفصة فى لقائها مع الإعلامى أحمد زيدان على الجزيرة

دائما هناك جلاد يتحدث عن رحمته بعدم الإجهاز على بعض ضحاياه، ودائما يوجد ضحايا لا يستطيعون حتى إحصاء أعدادهم !

.....

بعد يومين من المذبحة صلى بروزي مشرف على القتلى الثمانية من قوات الجيش المشاركة فى فض الاعتصام، وأشاد مشرف بقوات الامن الباكستانية لتحريرها المسجد الاحمر من "قبضة الارهابيين".. وأضاف "للأسف اضطررنا لمواجهة بني جلدتنا..لقد ضلوا عن الطريق القويم وأصبحوا متأثرين بالإرهاب".. وتساءل مشرف "أي نوع من الاسلام يمثل هؤلاء الناس؟" .. وتابع مشرف "تحت رداء الاسلام كانوا يتدربون على الإرهاب...وجهزوا المدرسة الدينية لتصبح قلعة حصينة من أجل الحرب وإيواء إرهابيين آخرين"

12 يوليو 2007 – المصدر (BBC)

.....

كانت آلاف الطالبات المتشحات بالسواد متسلحين بالعصى، وآلاف الرجال والشباب متسلحين بثلاثة عشر قطعة آلية جلوبها بعد أن وصلت تهديدات الحكومة لنشر قوات عسكرية بالفعل حول المسجد، كان اعتصاما مسلحا .. يعرف أصحابه أنهم سيبادون عن بكرة أبيهم ويُطلب منهم أن يموتوا "جميعهم" فى صمت دون أن يمسك "بعضهم" بقطعة سلاح واحدة، قطعة سلاح من آلاف القطع التى صدّرها هذا المسجد منذ عقود لحرب الخطر "الأحمر" على البلاد، خرج سلاحا ورجالا أيضا على مر السنوات لمحاربة السوفييت، كان دورا مرحبا به ساعتها، كانوا وطنيين شرفاء فى نظر لدولة، ومجاهدين أجلاء فى نظر المجتمع، أما الآن فقد انتهت الحرب ولم يبق سوى الإرهابيين !

نعم أنت مجاهد عندما تكون هناك رغبة دولية فى استمرار الحرب .. وإرهابى فى اللحظة التى تقرر فيها الأطراف انتهاء اللعبة !

.....

قال المحللون ساعتها أن " الجيش الباكستاني بعد أن كان محل احترام وتقدير بسبب ( مهنيته ووطنيته ) التي عرف بها في الوسط الشعبي الباكستاني . أصبح اليوم متهماً بتنفيذ جريمة المسجد الأحمر , وينظر اليه كونه اداة بيد الرئيس مشرف , الذي يتهم بدوره من قبل المعارضة بتنفيذ أجندة خارجية وتحديداً اجندة امريكية . الأمر الذي سيجعل الجيش بكل مكوناته هدفاً مباشراً للمتمردين في كل باكستان وخاصة في المدن التي يقطنها البشتون . وهو مايفسر لنا طلب الرئيس مشرف نفسه في إجتماع ضم كبار المسؤلين الباكستانيين , طلبه من أفراد الجيش سيما القادة منهم ان لايرتادون الاماكن العامة وهم يلبسون الزي العسكري ؟!"

وبعض المعارضين قالوا أيضا : "إن قتل الجنرال "هارون الإسلام" في مواجهات المسجد الأحمر كان من قبل الجيش الباكستاني نفسه بسبب أمتناعه عن تنفيذ الأوامر ؟! وهناك اكثر من 20 ضابط باكستاني " من عرقية البشتون " رفضوا الأوامر في اقتحام المسجد , وتمت معاقبتهم ونقلهم الى مناطق اخرى بعيداً عن الأحداث"

دائما إذا فتح الجيش النار فى الشوارع .. فانتظر النهاية

إن سبب فقدانى السلطة يعود إلى إعطائى الأوامر باقتحام المسجد الأحمر في إسلام أباد فى 2007.. إن تلك العملية "حولتنى من بطل إلى صفر"

برويز مشرف – تصرحيات صحفية فى 2009

لم يكن اقتحام المسجد الحماقة الوحيدة التى ارتكبها مشرف، فربما كان أكبر حماقاته أنه أعلن الطوارىء فى نوفمبر من نفس العام وأوقف المحكمة الدستورية ولم يستطع السيطرة على الأمر بعد ذلك بسبب لاضطرابات الواسعة فى البلاد والحرب المفتوحة بين المسلحين والجيش حتى استقال 18 أغسطس من العام الذى يليه !

لكنه يعرف الآن تماما أن المسجد الأحمر كان أهم مسمار فى نعشه، هو الآن أدركه الغرق .. هو الآن يعترف كما كل الطغاة التى تأتى اعترافاتهم دائما متأخرة ..آالآن وقد سفكت قبل وكنت من القاتلين !

........

أنصاف الدكتاتوريات .. قبور الديكتاتوريين

كم سنة ستحكم .. كم من الأخطاء سيدفع كلفتها حلفاؤك خارج البلاد وأعوانك داخلها .. متى تبنت الأرض التى سفك عليها الدم شوكا يافعا ! .. لم تعد توجد تلك الديكتاتورية الكاملة سيدى الزعيم، أصبحت المساحات أكبر من أن تسيطر عليها الدولة (أى دولة) ويوما ما ستأتى رقبتك تحت المقصلة !

بعد أربع سنوات من المنفى، ظن مشرف (كما يظن كل الزعماء) أن الزمن لا يمضى، وعاد العام الماضى إلا البلاد للمشاركة فى الانتخابات الرئاسية فوجد محكمة العدل العليا الباكستانية قد وافقت على تسجيل قضية قتل إمام المسجد الأحمر الشيخ عبد الرشيد غازي إضافة إلى عدد هائل من القضايا المسجلة ضده حول الجرائم التي ارتكبها في عهد حكومته

.....

الأسبوع الماضى أدانت محكمة خاصة بباكستان مشرف بتهمة «الخيانة العظمى» وهي جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام على خلفية إعلانه حالة الطوارىء وإقالته للقضاة، وقالت الصحافة العالمية أن " هذا الحكم يشكل سابقة تاريخية لقائد سابق للجيش القوي جداً في هذا مثل هذا البلد" .. بعد يومين نجا مشرف من محاولة اغتيال رابعة له حيث انفجرت عبوة ناسفة زرعت فى طريق موكبه بعد أن مر بجوارها بثوانى معدودة

عندما يقع السفاحون فإن أحبال المشانق تتصارع مع الرصاص للوصول إلى رؤوسهم !

.....

لقد كتبتُ عن المسجد الأحمر بعد أسبوعين من الحادثة وقلت ساعتها لقد "انتصر الأحمر" انتصر الدم، انتصر أولائك الثابتون على أفكارهم ومبادئهم - أيا كانت - فى وجه دولة البطش والقهر وجيوش العار فى كل مكان، انتصروا لمجرد أنهم استشهدوا ثابتين، ولكن ها هو الانتصار يثبت أنه دائما أحمرا

عهد على الأيام ألا تهزموا .. بالنصر ينبت حيث يهراق الدم !

فى حيث تعتبط الدماء فأيقنوا .. أن سوف تحيوا بالدماء وتُنصروا

سيد قطب

......

"ونحن نريد نظاماً إسلامياً عادلاً، ومحاكم تلتزم الشريعة الاسلامية، وتنشر العد،.نريد أن نضع حداً للفساد والرشاوى، وأن نرسي المساواة بين الناس ،والإسلام هو الطريق الى هذه العدالة.

ونحن لا نخالف الدستور الباكستاني في طلبنا التزام حكم الله، ونحن فضلنا حياة الآخرة على حياة الدنيا، على رغم الصعاب. . ونحن على ثقة من أن دماءنا تشق الطريق أمام التغيير الإسلامي.

وذهب أهل الدنيا الى أننا عملاء للاستخبارات، وأننا مجانين ولكن القنابل والرصاص أثبتت أننا مقاتلون في سبيل الله .. ولا شك في أن المصائب تنزل على أهل الحق، كما نزلت على سيدنا الحسين الذي استشهد مظلوماً ونحن نسير على خطى الشهداء من أمثال الحسين، ونأمل في أن توقد ثورة إسلامية في باكستان"

الشيخ عبدالرشيد غازي - قائد المعتصمين في المسجد الأحمر فى رسالة قبل أيام من استشهاده


0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -