قال المحلل العسكري الإسرائيلي "عاموس جلبوع" إنَّ هناك فارقًا شاسعًا بين انتخاب بشار الأسد في سوريا لولاية جديدة وبين انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسًا لمصر، إذ يمثل الأول "نكتة العام" في حين يمثل الثاني تجنيب مصر الآثار الكارثية المترتبة على ما عرف بثورات الربيع العربي، رغم كونه أعاد مصر إلى ديكتاتورية مبارك، لكن بقناع ديمقراطي.
"جلبوع" الذي شغل في السابق منصب مساعد رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اعتبر أنَّ الفارق عميق بين الحالتين. حيث تم انتخاب الأسد رئيسًا ليس على سوريا الدولة بل على المناطق التي يسيطر عليها، مشيرًا إلى أنَّ سوريا هي النموذج لدولة مستحدثة، ولدول عربية أخرى مرت بما سمي خطئًا "الربيع العربي" على حد قوله.
وذهب في مقال بموقع "news1" إلى أن مصر "هي التي شذت عن القاعدة، حيث حافظت دائمًا على نظام مركزي قوي وعنصر وطني".
وتابع عارضًا لوجهة نظره: "في الأسبوع الماضي أجريت انتخابات رئاسية في سوريا وفاز الرئيس الأسد بأغلبية "مطلقة". نكتة العام. وقبلها بأسبوع انتخب الجنرال السيسي رئيسًا لمصر بأغلبية مطلقة. هذا لا يمكن اعتباره نكتة بأي حال. إذ تختلف النتيجتان كلية عن الأحداث التي بدأت قبل ثلاث سنوات ونصف في العالم العربي، والتي سميت في البداية خطئا باسم "الربيع العربي".
"إذا ألقينا نظرة على النتائج المترتبة حتى الآن على الإضرابات التي شهدها جزء من العالم العربي، سنجد ظاهرتين رئيسيتين: الأولى، أن مصر هي الخارجة عن المألوف، بين كل الدول التي حدثت فيها اضطرابات والتي تفكك فيها الحكم ومعه الدولة. الثانية، أن الإرهاب الإسلامي المتطرف قد استوطن قلب العالم العربي".
ففي تونس- بحسب "جلبوع"- هناك نظام ضعيف للغاية، في ليبيا ليست هناك حكومة بالفعل، بل مليشيات تسيطر على الدولة، وبات أمامنا دولة فاشلة تمر بعملية تفكك، وفي اليمن هناك دولة مقسمة بين مؤيدي الرئيس، وبين مؤيدي القاعدة، وبين فصيل شيعي، وفي العراق بدأت الفوضى بالفعل قبل أكثر من 10 سنوات بعد سقوط صدام حسين، فلم يعد هناك حكم ذو تأثير، والدولة مقسمة فعليًا لدولة كردية، شيعية وسنية.
"عندما نقول أن الأسد انتخب لولاية ثالثة لرئاسة سوريا، فإننا نعني أنه "انتخب" في المنطقة التي يسيطر عليها. نتحدث عن قطاع يمتد من دمشق إلى الشمال حتى مدينة حمص ومن هناك غربًا لشاطئ البحر المتوسط، وشمالاً على طول الشاطئ حتى مدينة اللاذقية. أي جزء صغير من دولة سوريا".
ورأى المحلل الإسرائيلي الذي عمل مستشارًا لوزير الدفاع الأسبق "موشيه آرنس" أن باقي الأراضي السورية، بما فيها كل مناطق الشمال والشرق تقريبًا، تخضع لسيطرة مجاميع متمردة مختلفة، أقامت الإمارات، وذلك كله في ظل وجود ما يشبه دولة كردية أيضًا.
ومضى يقول: "معظم المعابر الحدودية لما كانت يوما دولة سورية، يسيطر عليها المتمردون. كذلك يسيطرون على آبار النفط. السيطرة على "دولة بشار الأسد" جاءت على خلفية مساعدة إيران وحزب الله، ودعم روسي قوي".
"ما يميز كل الدول السابقة (وتونس بمعدل أقل) هو أنه لا واحدة منها كانت في الماضي دولة قومية مع نظام مركزي قوي. بينما تبرز مصر بشذوذها عن القاعدة، وهي التي تتناقض بشكل حاد مع سوريا. لم يكن مصادفة كما يبدو أن لدينا معاهدة سلام مع مصر، وليس مع دولة مثل سوريا".
"تجاوزت مصر في الفوضى منعطفًا كاملاً: البداية بالإطاحة برئيس ديكتاتور على شاكلة مبارك، انتقلت لحكم الإخوان المسلمين، والآن تعود لنظام ديكتاتوري (أو بشكل أدق ديمقراطي، بمعنى، ذو وجه ديمقراطي وجوهر ديكتاتوري) نموذج الجنرال السيسي".
وتساءل "جلبوع": هل سينجح في الوفاء بالآمال العظام التي يعلقها الشعب المصري به، والتي تتمحور بالفعل في المجال الاقتصادي والاجتماعي؟ وهل بشار الأسد سينجح في الاستمرار والصمود وتوسيع نطاق سيطرته، بالتزامن مع زيادة الدمار والمذابح؟ سؤالان كبيران".
المحلل الإسرائيلي المعروف ختم مقاله بالقول: "الأمر الواضح أن الإرهاب الإسلامي المتشدد نقل موقعه من أفغانستان لما كانت يومًا دولة سورية، ولشبه جزيرة سيناء. هنا تكمن الأخطار على إسرائيل كنتيجة للإضرابات، إلى جانب الغموض الصعب حيال المنطقة. وهنا أيضًا اختلاف كبير بين مصر وسوريا: مع السيسي تضمن إسرائيل تعاونًا ضد الإرهاب في سيناء، لكن في الشمال (مع سوريا) البقاء للأقوى".
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment