المهندس شريف فرج، المعيد بجامعة الإسكندرية
«نريدك نصف ساعة فقط وستعود» تلك الجملة التي سمعها المهندس شريف فرج، المعيد بجامعة الإسكندرية، من قائد قوات الأمن التي هاجمت منزله في نوفمبر الماضي لإلقاء القبض عليه، ولم يعلم فرج حينها أن «نصف الساعة» ستمتد إلى ثمانية أشهر من الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا سيتم استبعاده منها لاحقًا.
246 يوما في السجن
البداية كانت في 24 نوفمبر الماضي، حين هاجمت قوة أمنية كبيرة مدججة بالسلاح منزل شريف فرج في منطقة سيدي بشر بالإسكندرية، لإلقاء القبض عليه، وأغلقت القوات كافة الشوارع المحيطة بمنزله.
وقال فرج في حوار قصير أدلى به لـ«بوابة الشروق»: "لا أعرف لماذا أنا تحديدًا، كل اهتماماتي منصبة على التعليم وتطويره، وحاولت أن أعمل على وقف هدم المباني التراثية في الإسكندرية، طوال فترة سجني التي امتدت إلى 246 يومًا، كنت أتساءل: «هل هذا يستحق أن أدخل السجن؟».
يواصل فرج حديثه: «حين قال لي الضابط نصف ساعة وستعود كنت أصدق كلامه، لم أعرف حينها أن أمن الدولة هو من يقبض علي، بقيت يومين في مديرية أمن الإسكندرية، ثم عَرضت على النيابة مرتين، قالوا لي خلالها: أنت متهم بالانضمام لجماعة محظورة ومحاولة قلب نظام الحكم وتعكير الصفو العام، وتلاها التحقيق معي في قضايا عنف وتخريب وقتل في أحداث وقعت يومي 14 و16 أغسطس، قبل وبعد حفل خطوبتي بيوم واحد».
«لم تكن علاقتي بالقانون قوية قبل القبض علي، كنت أراهم في الأفلام يحبسون المتهمين أربعة أيام على ذمة التحقيق، فوجئت بقرار النيابة بحبسي 15 يومًا على ذمة التحقيق انتقلت بعدها إلى سجن الحضرة، ثم جددت النيابة حبسي لمدة 45 يومًا، واستمر التجديد لثمانية أشهر حتى تم استبعادي من قضايا العنف التي كنت محبوسًا على ذمتها».
ماجستير في السجن
عاد فرج إلى إنهاء رسالة الماجستير الخاصة به والتي ألقي القبض عليه قبل موعد مناقشتها بأيام، ويحكى عن تلك التجربة قائلًا: «كانت الظروف صعبة للغاية، فالكتب والأوراق تدخل بصعوبة شديدة إلى السجن، ولا يوجد أي وسائل مساعدة، ولا إنترنت، فضلًا عن الزحام في الزنزانة، وعدم وجود إضاءة، مما جعلني أحاول ابتكار شمعة مستخدمًا بقايا زجاجات الزيت وقشر البرتقال، وفتيل، لأجد مصدر ضوء أستطيع المذاكرة عليه بعد أن غيرت نظامًا يوميًّا لأنام بالنهار وأصحو بالليل، حتي أجد بعض الهدوء، وكان يشاركني في سهرات المذاكرة الشاعر عمر حاذق ليكتب روايته، الذي كان محبوسًا احتياطيًّا حينها على ذمة قضية خرق قانون التظاهر.
واسترسل فرج في تفاصيل إنهاء الماجستير داخل السجن قائلًا: «ساعدتني خطيبتي في إنهاء الرسالة واستخراج التصاريح من الجامعة والنيابة لمناقشتها داخل السجن، بعد أن رفضوا التصريح بخروجي ولو يومًا واحدًا للمناقشة في الكلية، وسط أهلي وأصدقائي».
أن تناقش رسالة عملت على إعدادها سنين وحيدًا دون وجود أهلك أو أصدقائك أو طلابك لم يكن بالأمر الهين، يقول فرج: «قبل القبض علي بأسابيع كنت في ألمانيا واشتريت قميصًا غاليًا خصيصًا لأرتديه يوم مناقشة الرسالة، كانت صدمة حين وجدتني في مكتبة السجن وحيدًا أمام لجنة المناقشة، مرتديًا بدلة السجن وشبشبًا».
أشعر بالإشفاق على من ظلمني
بعد حصوله على درجة الماجستير بقي فرج في السجن لما يزيد عن 150 يومًا، حكى فرج عن تلك الأيام قائلًا: «كنت ارتاح بالكتابة، وأكثر شيء كان يشغلني هو محاولة المحافظة على سلامتي النفسية وصحتي، وألا أخرج من هذه المحنة متوترًا أو أن يدفعني الظلم لكره الناس أو الرغبة في الانتقام حين أخرج، وكنت دائمًا أقول لنفسي إن هذا خير، شعرت بالإشفاق تجاه من ظلمني، وليس تجاه ظلمي، في النهاية أنا لا أعرف تحديدًا من تسبب لي في ذلك».
محنة في شكل منحة
«لا أعرف لماذا تم القبض علي، ولماذا تم الإفراج عني في هذا التوقيت تحديدًا، تعلمت كثيرًا من السجن، كان منحة في شكل محنة»، يقول فرج الذي اعتبر فترة السجن فترة توقف في حياته ليتعلم منها الكثير، ثم يعود من جديد إلى حياته وخطيبته وجامعته وطلابه.
الشروق
«نريدك نصف ساعة فقط وستعود» تلك الجملة التي سمعها المهندس شريف فرج، المعيد بجامعة الإسكندرية، من قائد قوات الأمن التي هاجمت منزله في نوفمبر الماضي لإلقاء القبض عليه، ولم يعلم فرج حينها أن «نصف الساعة» ستمتد إلى ثمانية أشهر من الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا سيتم استبعاده منها لاحقًا.
246 يوما في السجن
البداية كانت في 24 نوفمبر الماضي، حين هاجمت قوة أمنية كبيرة مدججة بالسلاح منزل شريف فرج في منطقة سيدي بشر بالإسكندرية، لإلقاء القبض عليه، وأغلقت القوات كافة الشوارع المحيطة بمنزله.
وقال فرج في حوار قصير أدلى به لـ«بوابة الشروق»: "لا أعرف لماذا أنا تحديدًا، كل اهتماماتي منصبة على التعليم وتطويره، وحاولت أن أعمل على وقف هدم المباني التراثية في الإسكندرية، طوال فترة سجني التي امتدت إلى 246 يومًا، كنت أتساءل: «هل هذا يستحق أن أدخل السجن؟».
يواصل فرج حديثه: «حين قال لي الضابط نصف ساعة وستعود كنت أصدق كلامه، لم أعرف حينها أن أمن الدولة هو من يقبض علي، بقيت يومين في مديرية أمن الإسكندرية، ثم عَرضت على النيابة مرتين، قالوا لي خلالها: أنت متهم بالانضمام لجماعة محظورة ومحاولة قلب نظام الحكم وتعكير الصفو العام، وتلاها التحقيق معي في قضايا عنف وتخريب وقتل في أحداث وقعت يومي 14 و16 أغسطس، قبل وبعد حفل خطوبتي بيوم واحد».
«لم تكن علاقتي بالقانون قوية قبل القبض علي، كنت أراهم في الأفلام يحبسون المتهمين أربعة أيام على ذمة التحقيق، فوجئت بقرار النيابة بحبسي 15 يومًا على ذمة التحقيق انتقلت بعدها إلى سجن الحضرة، ثم جددت النيابة حبسي لمدة 45 يومًا، واستمر التجديد لثمانية أشهر حتى تم استبعادي من قضايا العنف التي كنت محبوسًا على ذمتها».
ماجستير في السجن
عاد فرج إلى إنهاء رسالة الماجستير الخاصة به والتي ألقي القبض عليه قبل موعد مناقشتها بأيام، ويحكى عن تلك التجربة قائلًا: «كانت الظروف صعبة للغاية، فالكتب والأوراق تدخل بصعوبة شديدة إلى السجن، ولا يوجد أي وسائل مساعدة، ولا إنترنت، فضلًا عن الزحام في الزنزانة، وعدم وجود إضاءة، مما جعلني أحاول ابتكار شمعة مستخدمًا بقايا زجاجات الزيت وقشر البرتقال، وفتيل، لأجد مصدر ضوء أستطيع المذاكرة عليه بعد أن غيرت نظامًا يوميًّا لأنام بالنهار وأصحو بالليل، حتي أجد بعض الهدوء، وكان يشاركني في سهرات المذاكرة الشاعر عمر حاذق ليكتب روايته، الذي كان محبوسًا احتياطيًّا حينها على ذمة قضية خرق قانون التظاهر.
واسترسل فرج في تفاصيل إنهاء الماجستير داخل السجن قائلًا: «ساعدتني خطيبتي في إنهاء الرسالة واستخراج التصاريح من الجامعة والنيابة لمناقشتها داخل السجن، بعد أن رفضوا التصريح بخروجي ولو يومًا واحدًا للمناقشة في الكلية، وسط أهلي وأصدقائي».
أن تناقش رسالة عملت على إعدادها سنين وحيدًا دون وجود أهلك أو أصدقائك أو طلابك لم يكن بالأمر الهين، يقول فرج: «قبل القبض علي بأسابيع كنت في ألمانيا واشتريت قميصًا غاليًا خصيصًا لأرتديه يوم مناقشة الرسالة، كانت صدمة حين وجدتني في مكتبة السجن وحيدًا أمام لجنة المناقشة، مرتديًا بدلة السجن وشبشبًا».
أشعر بالإشفاق على من ظلمني
بعد حصوله على درجة الماجستير بقي فرج في السجن لما يزيد عن 150 يومًا، حكى فرج عن تلك الأيام قائلًا: «كنت ارتاح بالكتابة، وأكثر شيء كان يشغلني هو محاولة المحافظة على سلامتي النفسية وصحتي، وألا أخرج من هذه المحنة متوترًا أو أن يدفعني الظلم لكره الناس أو الرغبة في الانتقام حين أخرج، وكنت دائمًا أقول لنفسي إن هذا خير، شعرت بالإشفاق تجاه من ظلمني، وليس تجاه ظلمي، في النهاية أنا لا أعرف تحديدًا من تسبب لي في ذلك».
محنة في شكل منحة
«لا أعرف لماذا تم القبض علي، ولماذا تم الإفراج عني في هذا التوقيت تحديدًا، تعلمت كثيرًا من السجن، كان منحة في شكل محنة»، يقول فرج الذي اعتبر فترة السجن فترة توقف في حياته ليتعلم منها الكثير، ثم يعود من جديد إلى حياته وخطيبته وجامعته وطلابه.
الشروق
0 التعليقات:
Post a Comment