1
هناك عده تعريفات أكاديمية للديموقراطية ولكن أصل الكلمه وجوهرها هو حكم الشعب، ومهما تعددت التعريفات النظرية فى الكتب ولكن ببساطة الديمقراطية هى حكم الشعب، أي مشاركة الناس في اتخاذ القرار وتقرير مصيرهم، أى أن يكون المحكوم شريكا للحاكم في اتخاذ القرار.
وببساطة أيضا يعتبر الجهاديون الديموقراطية كفرا، فما الحكم إلا لله. ولكن ليس فقط الجهاديون من يعتبرون الديمقراطية كفرا، فهناك أنظمة سلطوية أخرى تغتبر الديمقراطية كفرا حتى لو تمسحوا بها، فالشعب لا يدرك الحقيقة المطلقة التي يملكونها، ولذلك ليس من حق العامة المشاركة في القرار .
فالبلاشفه زعموا أن ما كانوا يفعلونه هو الديمقراطية الحقيقية، وكذلك هتلر وموسيلينى وعبدالناصر وفرانكو وشاوشيسكو وبينوشيه وصدام حسين والسادات ومبارك والقذافى، وهذا المخبول الأخير اخترع تعريف جديد للديمقراطية وقاله علانية يوم سقوط بن على أن الديمقراطية هى ديموكراسى يعنى أديموا الكراسى واحتفظوا بها.
2
وتجد أيضا العديد من الأنظمة الاستبدادية التى تضيف لتعريفها لفظ الديمقراطية كنوع من أنواع التخفي أو لتعويض للنقص في الديمقراطية مثل الكونغو الديمقراطية، كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية) الجماهيرية الشعبية الديمقراطية العظمى، الجبهة الديمقراطية الشعبية وهكذا.
ولكن عموما هناك فارق شاسع بين الديمقراطية والصندوقراطية، فالأنظمة الاستبدادية السابقة زعمت أن ما تفعلة هو عين الديمقراطية، ففي العهد الناصري كانوا يزعمون أن ما يفعلونه هو عين الديمقراطية، رغم الاعتقالات والتعذيب وتكميم الأفواه، وكذلك زعم السادات أنه ديمقراطي ولكن أنياب الديمقراطية تبيح له اعتقال من يشاء عند الحاجة.
وقد زعم مبارك أيضا أن نظام حكمه ديمقراطى رغم أن الواقع كان عكس ذلك تماما، ولعلنا نتذكر مقولة أحمد نظيف الشهيرة بأن الشعب المصرى غير مؤهل للديمقراطية، وكذلك قال عمر سليمان مقولته الشهيره أثناء الثورة (بط هوين) وها هو السيسي أعلنها صراحة، أمامكم ربع قرن حتى نبدأ نتحدث عن الديمقراطية.
3
أعتقد أن فوكوياما كان مخطئا من ربع قرن عندما توهم أن الديمقراطية في طريقها لتسود العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وأن الديمقراطية ستكون نظام الحكم السائد في العالم كله لينعم العالم كله بعدها بالرخاء والعدل والرفاهيه .
ولكن فوكوياما أيضا كان على صواب عندما قال أن الديمقراطية ليست هى نظام الحكم الأمثل أنما كلما اتجهنا نحو الديمقراطية كلما زاد العدل وقل الظلم، وأصاب أيضا عندما قال أنه حتى الآن لم تتحقق الديمقراطية المثلى ، حتى فى الدول الديمقراطية توجد العديد من المشكلات ، ولذلك رغم كل التعريفات للديمقراطية ورغم الاتفاق على أن جوهر الديمقراطية هو حكم الشعب إلا أنه لابد من توافر شروط عدة حتى تتحقق الديمقراطية الحقة.
فلا ديمقراطية بدون عداله اجتماعية ، ولا يمكن فصل الديمقراطية عن حقوق الإنسان ، ولا يمكن تجاهل حقوق الأقليات وإلا تحولت الديمقراطية الي ديكتاتورية الأغلبية ، كما لا يجب فصل الديمقراطية عن الشفافية والمحاسبة ، فالدول التي يحدث بها تداول سلطه مع استمرار الفساد هى أبعد ما يكون عن الديمقراطية الحقيقية .
4 )
وتنقسم الديمقراطية لنوعين أساسيين ، الأول هو الديمقراطية المباشرة التى طبقها الاغريق قديما وتعتمد على مشاركة الجميع فى استفتاء حول كل شيء، ولاتزال تطبق بشكل ما فى بعض المقاطعات والقرى والمجتمعات الأوروبية البسيطة .
وهناك الديمقراطية النيابية ، أى يختار الشعب من ينوب عنه فى إتخاذ القرار كبرلمان او رئيس سواء في الانظمة الرئاسية أو البرلمانية . والبعض يصنفها كشعبوية ونخبوية وتوجد أمثله كثبره ولكن فى مصر تم إستخدام مصطلح جديد وهو الصندوقراطية والصندوقراطية هى ما يزعمون أنها الديمقراطية في مصر رغم أنها بعيدة كل البعد عن جوهر الديمقراطية.
الصندوقراطية «كما يطلق عليها بعض الأكاديميين» أو غزوة الصناديق كما أطلق عليها الإسلاميون أثناء تحالفهم مع العسكر هو أن يتم حشد الجماهير بخطاب عاطفى ديني أو وطنى ثم الانفراد بالسلطة التامة بعد النجاح فى الصناديق والانقلاب على كل معانى الديمقراطية.
الصندوقراطية هى ديكتاتورية الطبقة الحاكمة التى وصلت للسلطة عن طريق الصندوق ، فالديمقراطية الحقيقه تحترم حقوق الانسان أما الصندوقراطية فتقول لا تحدثونا عن حقوق الإنسان وقت الخطر والديمقراطية تعنى مشاركة الجميع وعدم الإقصاء أما الصندوقراطية فهى التحجج بأرقام الصندوق من أجل الإقصاء والقمع للمخالفين حتى لو كانت هذه الأرقام (ملعوب فيها).
شتان ما بين الديمقراطية الحقيقه التى تحاول تقليل الظلم وزيادة العدالة والكرامة والرخاء ، وبين الصندوقراطية التى هى عين الظلم والفساد والديكتاتورية.
5
ولكن هل مفهوم الديمقراطية واحد عند كل من يتحدث عنها؟ هل الديمقراطية عند الليبراليين هى نفس الديمقراطية الاشتراكيين؟ ما مفهوم الديمقراطية عند الناصريين؟ وهل العسكر يقتنعون يوما بالديمقراطية؟ وهل مفهوم الحريه والديمقراطية واحد عند القوى الثورية؟ وهل أنا اطبق الديمقراطية؟ فمن منظور آخر مثلا فأنا أعانى فى السجن الآن وأعانى فى حياتى منذ سنوات من أجل أن تكون مصر بلد ديمقراطيا يحقق الرخاء والتقدم والعدل .
ولكن ماذا عن من يشاركني حياتى ويعانون بسبب ذلك؟ هل أخذت رأي ابنتى التى تسألني كل زيارة... بابا أنت ليه فى السجن؟ هل أخذت رأي أولادى قبل إقحامهم فى معاناة وتشويه سيعانون منه لسنوات طويلة من عمرهم؟ ألم تكن الديمقراطية تحتم أن أستشير أسرتي قبل أن أدخل معركة تنتهي بحبسى لأتركهم فجأة بمفردهم؟ هل تأكدت من موافقة أبي وأمي قبل ان اختار طريقي وانحيازاتى التى جعلتهم عرضه لأهانات السفهاء كل يوم نتيجة تحريض الاعلام؟ هل أخذت رأي أقاربي وابناء أقاربي الذين يتعرضون للمضايقات والاهانات كل يوم فى الجامعة والمدرسة والمواصلات وكل ذنبهم أنهم أقارب أحمد ماهر الذى قرر أن يسير خارج القطيع.
اخترت حياتى وقناعاتي وانحيازاتى وقررت أن أقول رأيى بحرية وأتحمل نتائج التغريد خارج السرب، ولكن هناك من لا ذنب لهم ويعانون معى بسبب خياراتى وخطابى ، فهل ظلمتهم عندما قررت وحدى وجعلتهم يظلمون محلى؟؟؟
0 التعليقات:
Post a Comment