سيظل تاريخ 25 مايو 2005 أو كما سمى إعلاميا بـ"الأربعاء الأسود" وصمة عار تلاحق نظام مبارك وداخليته إلى الأبد، حيث شهد هذا اليوم تحرش واعتداءات ممنهجة تمت ضد النساء المشاركات فى الوقفة التى دعت لها حركة كفاية على سلالم نقابة الصحفيين ،احتجاجًا على التعديلات الدستورية التي كان نظام مبارك بصدد تمريرها تمهيدًا لتوريث حكم مصر ابنه جمال.

وقد كانت الصحفية نوال علي، إحدى ضحايا تلك الاعتداءات الممنهجة، رغم أنها لم تكن مشاركة بالوقفة وتصادف وجودها هناك بسبب حضورها دورة تدريبية ترعاها نقابة الصحفيين، وبعد مشادة مع أحد ضباط الأمن الذى حذرها من الصعود للنقابة رفضت نوال وأصرت.

وفور بدء "كفاية " مؤتمرها الصحفى أعطت الشرطة إشارة البدء ودفعت المزيد من البلطجية، الذين اقتحموا مكان تظاهرة كفاية ،على سلالم النقابة ،واعتدوا بوحشية على المتظاهرين والمتظاهرات بشكل خاص حيث تم تجريد بعضهن من ملابسهن.

وطالت الاعتداءات الناشطة نشوى طلعت والصحفيتين نوال على وإيمان طه، بالإضافة إلى عبير العسكرى وشيماء أبو الخير ،ولم تتدخل الشرطة لوقف الاعتداءات رغم صرخات النساء اللاتي تم التحرش بهن أمام عشرات المراسلين الأجانب، حيث كانت الشرطة منشغلة باعتقال المتظاهرين.

بعد الواقعة المؤسفة أدلت نوال بشهاداتها لعدة منظمات حقوقية، قالت فيها "كانت أيديهم تعبث بصدري، ويتحرشون بكل المناطق الحساسة من جسدي، مزقوا ملابسي واعتدوا علي بأيديهم... وقعت بوجهي على الأرض وفوجئت بعدد كبير من هؤلاء البلطجية فوقي، يتحرشون بي مرةً ثانية ويعبثون بكل مناطقي الحساسة. بدأت في الصراخ طالبةً النجدة وظللت أصرخ إلى أن فقدت الوعي.

وتابعت "لم يكونوا يحاولون أن يضربونى، ولكنهم كانوا يعتدون علي جنسيًا، وكانوا يمزقون ملابسي بكل وضوح. وانتهى بي الأمر وأنا عارية تقريبًا نتيجةً لذلك"

وأضافت "سحلوني على السلالم، واخترقوا بي الحلقة الأمنية، وألقوا بي على الرصيف أمام جميع الضباط (كان منهم إسماعيل الشاعر رئيس مباحث القاهرة آنذاك) وكل من كانوا واقفين هناك، وخلع حسين متولي زميلي قميصه وغطاني به. وغادرنا قبل أن يتكرر الاعتداء".

وقد سعت نوال وزميلاتها من ضحايا تلك الاعتداءات للتقدم ببلاغ للنائب العام بواقعة الاعتداء وبعد تطويل وتسويف قرر النائب العام عبد المجيد محمود بتاريخ 27 ديسمبر 2005 حفظ التحقيق في بلاغ نوال (وبلاغات زميلاتها) "لعدم الاستدلال على الفاعل"، الأمر الذى دفعها للجوء فيما بعد لتقديم شكوى إلى اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب فى مايو 2006.

وقد كانت واقعة الاعتداء نقطة تحول فى حياة نوال دفعتها للمشاركة فى كل الوقفات الاحتجاجية ضد ممارسات نظام مبارك برغم إصابتها بمرض السرطان الذى أودى بحياتها فى نوفمبر 2009.

وأخيرًا وبعد ثماني سنوات فى مارس 2013 ، حكمت اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، بإدانة الحكومة المصرية في قضية الاعتداء على الصحفيات في أحداث ما عرف بالأربعاء الأسود، كما حكمت اللجنة بفتح التحقيق مرة أخرى في هذا الحادث وأقرت انتهاك مصر للميثاق، وحكمت بتعويض مادي لكل ضحية بمبلغ وقدره 57 ألف جنيه.. إلا أن نوال قد رحلت وبقيت حكايتها تطارد الجناة للأبد.


الاهرام

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -