رأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أنَّ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) قد يعتبر انضمام مصر للمعركة الليبية نجاحًا استراتيجيًا له، ويرجع السبب جزئيًا إلى مساعي المتطرفين للاستفادة من تفشي الفوضى.
جاء ذلك تعليقًا على الضربات الجوية التي شنها سلاح الجو المصري ضد تنظيم داعش في ليبيا أمس الاثنين، انتقاما لذبح 21 مصريًا، وهو ما جعل البلاد قاب قوسين من انجرارها في الصراعات الداخلية التي تعم ليبيا، في الوقت الذي تبذل فيه الدولة قصارى جهدها لإحياء اقتصادها ومواجهة الإرهاب الداخلي في شبه جزيرة سيناء.
وقال هارون زيلين، زميل ريتشارد بورو في معهد واشنطن: "يريد مقاتلو داعش انخراط الجيش المصري في صراعات جديدة، لأنهم يقاتلون في سيناء أيضًا"، موضحًا أن المتطرفين قد يحشدوا الدعم المحلي ضد التدخل العسكري المصري، خاصة إذا قتلت الغارات الجوية مدنيين، علاوة على أن تنظيم داعش بنى أيديولوجيته على محاربة من يراهم أعداء له.
وأضاف زيلين: "يريد المتطرفون اتخاذ الغارات المصرية ضدهم كدليل على أن الله يقف بجانبهم، ليبرهنوا حينها بأنهم باقون ويتوسعون رغم احتشاد القوى الدولية ضدهم".
وذكر مسؤولون غربيون أنَّ المدن التي أعلن داعش سيطرته عليها في ليبيا ليست مكشوفة أو واضحة بشكل كاف لتكون أهداف سهلة، ما يعني أن حملة طويلة من القصف الجوي المصري ربما لا تحقق أضرار كبيرة بمسلحي التنظيم.
واعتبرت الصحيفة أنَّ الغارات الجوية المصرية لمدينة درنة الليبية تمثل منعطفا جديدا في انهيار النظام الإقليمي بعد ثورات الربيع العربي وظهور تنظيم داعش، لاسيما أن الغارات هي أعمق تدخل مصري في الفوضى التي تشهدها ليبيا حتى الآن.
ونوَّهت الصحيفة إلى أنَّ التصعيد العسكري المصري سبق وأن حذر منه مسؤولون غربيون، معتبرين إياه عقبة أمام المفاوضات والتوصل إلى حل سياسي للصراع الحالي في ليبيا، لكن البعض كذلك اعترف بحق مصر في الرد على قتل مواطنيها هناك، ورفضت وزارة الخارجية الأمريكية التعليق.
فبعد3 سنوات ونصف من الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، تتقاتل جبهتان من أجل السيطرة على السلطة الليبية ومواردها الهائلة، بما في ذلك حقول النفط غير المستغلة وساحل البحر الأبيض المتوسط المقابل لأوروبا ونحو 100 مليار دولار من الاحتياطات النقدية.
وفي غياب حكومة فعالة أو قوة مهيمنة، تحول الصراع في ليبيا إلى حرب بالوكالة متعددة الجوانب، حيث تدعم بعض الدول العربية المتنافسة المليشيات والجماعات المتطرفة مثل تنظيم القاعدة وتنظيم داعش المتمدد، فيما تشعر الحكومة المصرية بقلق متزايد إزاء التحالف الذي يضم الإسلاميين المعتدلين والمتطرفين ومليشيات إقليمية سيطرت على العاصمة الليبية العام الماضي وأنشأت حكومة خاصة بها.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر والإمارات عملتا بشكل سري لدعم الحكومة المنافسة لحكومة طرابلس في مدينة طبرق التي يقود جيشها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر الذي يقاتل من أجل استعادة العاصمة طرابلس من قبضة تحالف الإسلاميين، حيث يقول مسؤولون غربيون إن الإمارات وبمساعدة من القاهرة شنت غارات جوية سرًا العام الماضي ضد الإسلاميين في طرابلس، لكن كلا البلدين لم يقرا بذلك علنا.
وفي خضم تطورات الأحداث، فإن مصر معرضة بشدة لهجمات مضادة محتملة من جانب القوى الإسلامية الليبية، ويرجع ذلك جزئيا إلى حدودها الصحراوية الطويلة مع ليبيا التي يسهل اختراقها، فضلاً عن وجود مئات الآلاف من المصريين العاملين هناك.
0 التعليقات:
Post a Comment