مدفوعة باعتبارات رفع معدلات كفاءة الأداء وترشيد الإنفاق العام والحد من سطوة البيروقراطية ، تبحث الحكومة المصرية فى خطط مختلفة لإصلاح الجهاز الإدارى للدولة، وتعد بالحيلولة دون المزيد من تغوله بعد أن تجاوز الرقم الإجمالى للعاملين به 5 ملايين.
مدفوعا باعتبارات إزالة بعض المعوقات الإدارية أمام حركة المبادرات الفردية ورءوس الأموال، وفى تطوير شراكات ناجحة مع القطاعات الحكومية، يطالب أيضا القطاع الخاص فى مصر بإصلاح الجهاز الإدارى للدولة.
مدفوعة باعتبارات حرية تداول المعلومات والشفافية ومن ثم تمكين المواطن من معرفة تفاصيل موازنات وسياسات وممارسات الحكومة،ومدفوعة كذلك بالدفاع عن حقوق وحريات المواطن وإيقاف انتهاكاتها المتكررة، لكى يعبر المواطن (فرديا وجماعيا) عن مطالبه المشروعة بشأن التنمية المستدامة،تهتم المجموعات الفاعلة داخل المجتمع المدنى والحركة الديمقراطية فى مصر ــ من قطاعات شبابية وطلابية، ومنظمات غير حكومية ونقابات ، وبعض الشخصيات العامة ــ بخطط إصلاح الجهاز الإدارى للدولة.
مدفوعا باعتبارات الأمل المشروع فى ارتقاء مستويات الخدمات الأساسية التى تقدمها له الحكومة فى المجالات المعيشية المختلفة،يتابع المواطن الوعود الحكومية بإصلاح الجهاز الإدارى للدولة ،ويختبر فى حياته اليومى جديتها وفعاليتها وربما يجتذب انتباهه تواتر دفع القطاع الخاص والمجتمع المدنى وبعض ممثلى الحركة الديمقراطية بضرورة الإصلاح وارتباط نجاح جهود التنمية المستدامة بإنجازه.
فى واقع مصرى راهن تطغى صراعات الفاعلين به على توافقاتهم وتحول يمثل إذن إصلاح الجهاز الإدارى للدولة نقطة التقاء حقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى.
دون كثير جدل، ليست الدوائر الحكومية بعازمة على تطبيق خطط لإصلاح الجهاز الإدارى للدولة هدفها الالتزام الكامل بمبادئ الشفافية والمساءلة والمحاسبة، وغل يد الأمن عن انتهاك حقوق وحريات بعض المواطنات والمواطنين . وبالقطع، ليست رؤوس الأموال الكبيرة فى القطاع الخاص والنخب المتشكلة من حولها براغبة فى القضاء على جميع أنماط الفساد داخل الجهاز الإدارى للدولة، وتلتقى مصالحها مع المصلحة الحكومية فى منع (أو على الأقل الحد من) حرية تداول المعلومات وتجاهل بعض المقومات الأساسية للشفافية فى مجالات حيوية للمواطنات وللمواطنين كجباية الضرائب وتخصيص الأراضى الصحراوية لأغراض الاستثمار الخاص.
فى المقابل، يطالب المجتمع المدنى بتجاوز خطط إصلاح الجهاز الإدارى للدولة باتجاه اعتماد برامج للتغيير الهيكلى لمؤسسات وأجهزة بعينها كالأجهزة الأمنية أو باتجاه مبادئ اللامركزية، وتمكين المحافظات والوحدات المحلية من المشاركة الفعلية فى صناعة القرار العام وتمكين المواطن بالتبعية من مراقبتها ومساءلتها ومحاسبتها أو باتجاه تخليق كيانات خارج الجهاز الإدارى للدولة وظيفتها إصلاحه ومحاربة فساده وبيروقراطيته )، وجميع هذه الاجتهادات ليست اليوم بمحل ترحيب لا من الحكومة ولا من رؤوس الأموال الكبيرة فى القطاع الخاص.
تحضر، إذن، خلافات جوهرية بين الفاعلين المهتمين بإصلاح الجهاز الإدارى للدولة، خلافات . غير أن القواسم المشتركة تحضر أيضا وبقوة، متمثلة فى رغبة كل الفاعلين فى شىء من رفع كفاءة مؤسسات وأجهزة الدولة وتحديثها، فى شىء من تحسين مستويات الخدمات الأساسية التى تقدمها للمواطن، وكذلك للقطاع الخاص وللمجتمع المدنى، فى شىء من ضغط الإنفاق العام على بيروقراطية تبتلع الكثير ، فى شىء من محاربة الفساد، فى شىء من الحد من انتهاكات الحقوق والحريات ــ أسجل ذلك ببراجماتية لحظية تنحى الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية وملفات الديمقراطية، فى شىء من إرضاء تطلعات وتوقعات المواطن المشروعة بشأن إصلاح الجهاز الإدارى بهدف تشجيع جهود التنمية المستدامة وإخضاع الموظف العام للرقابة القانونية والشعبية.
مثل هذه القواسم المشتركة والارتباط الإيجابى بينها وبين التنمية المستدامة هى جوهر إصلاح الجهاز الإدارى للدولة كنقطة التقاء بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والحركة الديمقراطية، وتستحق لذلك أن نجتهد جميعا لدفعها إلى الأمام والتفاوض بشأن تفعيلها السريع.
الشروق
0 التعليقات:
Post a Comment