فى مكون الحقوق الاقتصادية والاجتماعية (المواد من50 إلى 61)، تأتى بعد الحق فى التعليم والصحة مجموعة الحقوق المرتبطة بالعمل والتأمين والضمان الاجتماعيين، فتنص المادة (55) على أن العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن وأن الدولة تكفل شروطه العادلة، وتقر أيضاً كفالة الدولة لضمانات الأجر العادل والتقاعد والتأمين الاجتماعى للموظفين وللعمال وعدم جواز فصل العامل إلا فى الحالات المنصوص عليها فى القانون. هذه الصياغة شديدة العمومية ولا تتسق على الإطلاق مع الهدف الدستورى من النص على الحق فى العمل، وهو حماية الموظف والعامل فى القطاعات العامة والخاصة وغير الرسمية (العمالة الموسمية واليومية) من تعسف أرباب المصالح وأصحاب العمل، وضمان الحياة الكريمة والآمنة والرعاية الصحية أثناء العمل ثم بعد التقاعد.
والمطلوب هو النص صراحة على التزام الدولة بحماية الموظف والعامل والعامل الموسمى واليومى بضمان حد أدنى للأجور وللمعاش بعد التقاعد ورعاية صحية كاملة وحظر الفصل التعسفى وتأمين اجتماعى شامل وتمكين الموظفين والعمال من اختيار ممثليهم فى تشكيلات نقابية ومهنية حرة. المطلوب أيضاً هو النص صراحة على التزام الدولة بالتمييز الإيجابى لصالح النساء وذوى الاحتياجات الخاصة وحماية حقهم فى العمل دون تمييز. بالقطع، وبافتراض تعديل المادة (55) فى اتجاه إلزام الدولة بالشروط والضمانات السابقة، ستستغرق الترجمة التشريعية (قوانين) والتنفيذية (السياسة الفعلية) فترة زمنية ليست بالقصيرة، خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التى نمر بها. إلا أن إلزام الدولة هنا ضرورى لتحديد وجهتنا كمجتمع يسعى بجدية لتحقيق الحياة الكريمة لكل مواطناته ومواطنيه، وفى مقدمتهم الموظف العام والعامل فى القطاع العام أو الخاص والعامل الموسمى واليومى ومعاناة هؤلاء ليست بغائبة على أحد.
أما المادة (56) فتلزم الدولة بالتمييز الإيجابى لصالح المحاربين القدامى والمصابين فى الحروب وأسر شهداء ومصابى ثورة يناير والواجب الوطنى، وكذلك بكفالة حصولهم هم وأبنائهم وزوجاتهم على فرص العمل. هنا علامة إجادة غير مكتملة، وليس لها أن تكتمل إلا بالنص على التمييز الإيجابى لصالح المرأة وذوى الاحتياجات الخاصة وربما أيضاً لصالح سكان المناطق النائية (سيناء والواحات والأطراف المصرية شرقا وغربا وجنوبا).
ثم تنص المادة (57) على كفالة الدولة لخدمات التأمين الاجتماعى، وعلى حق المواطن فى الضمان الاجتماعى إذا لم يكن قادرا على إعالة نفسه أو أسرته وفى حالات العجز عن العمل أو البطالة أو الشيخوخة وبما يضمن حد الكفاية.
وكما أشرت بالأمس بشأن خدمات الرعاية والتأمين الصحى، المراد دستوريا هو إلزام الدولة بكفالة شبكة متكاملة للتأمينات وللضمان الاجتماعى ومن ثم إلزام قطاعات التوظيف والعمل المختلفة، العامة والخاصة وغير الرسمية، بتوفير التأمين والمساهمة فى الضمان الاجتماعى فى الحالات المحددة فى المادة (57). تعديل المادة هذه باتجاه إلزام الدولة دستوريا بكفالة شبكة متكاملة من التأمين والضمان الاجتماعيين هو الهدف، وعبره نستطيع إدخال التغييرات المطلوبة فى القوانين والسياسة الفعلية.
تحتاج مواد الحق فى العمل والتأمين والضمان وسياسات التمييز الإيجابى للمحاربين القدامى وأسر شهداء ومصابى الثورة (55 و56 و57) إلى تعديلات جوهرية. والسؤال الآن هو هل يمتلك أعضاء التأسيسية الحالية الوعى الاجتماعى لإقرار شروط وضمانات عادلة للعمل وتعميم شبكة التأمين والضمان، كما طالبت بشأن الرعاية الصحية؟ والسؤال هو هل يدركون أن المرأة تحتاج إلى سياسات للتمييز الإيجابى فى العمل والتأمين أو أن كل همهم هو تقييد حرياتها الشخصية فقط ومنعها من السفر دون إذن زوجها؟ أترك لكم ولهم الإجابة، فقد أجبت مراراً.
0 التعليقات:
Post a Comment