مازالت مستشفيات جنوب سيناء تعجز عن تضميد جروح المرضي بسبب افتقارها الأجهزة المتطورة الحديثة من ناحية، ووجود أجهزة معطلة بلا صيانة بالمستشفى، من ناحية أخرى، مما يدفع آلاف المرضي لقطع مئات الكيلومترات ذهابا وإيابا لتلقي العلاج بمستشفيات المحافظات المجاورة فضلا عن حدوث أزمة ثقة بين المواطنين والقائمين علي تقديم الخدمات الصحية بالمستشفيات.
عمر حسن شلبي أحد العاملين بمديرية التربية والتعليم بمحافظة جنوب سيناء يؤكد أنه فوجئ العام الماضي بتعرض ابنته الوحيدة "إيمان" البالغة من العمر 17 عاما لحالات صداع مزمن وقيئ متكرر وارتفاع مفاجئ في درجة حرارة الجسم، وكما يقول: "علي الفور توجهنا إلي مستشفي طور سيناء العام الذي لا يمكن أن يطلق عليه مستشفي بكل الأحوال، حيث يعانى من ندرة الأطباء الإخصائيين، وهناك فوجئنا بتعرض ابنتي لارتفاع كبير في ضغط الدم، ودخولها في إغماء استمر ما يقرب من 6 ساعات متتالية حتى علمنا أنها تحتاج إلي طبيب متخصص في أمراض المخ والأعصاب".
وأضاف شلبي: بعد مرور يوم كامل تم تحويلها إلي مستشفي شرم الشيخ الدولي لإجراء أشعة مقطعية علي الجانب الأيسر من الجسم، حيث يفتقر مستشفي طور سيناء العام لجهاز أشعة مقطعية، وتم تحويلها إلي قسم العناية المركزة، خصوصاً بعد أن تبين لإخصائي المخ والأعصاب إصابة ابنتي بجلطة دم في المخ يتراوح قطرها بين 4 و5 سنتيمترات، وأوصى الطبيب المعالج بضرورة التدخل الجراحى، وفي ذلك الوقت كان مستشفي شرم الشيخ يفتقر أيضاً لجراح المخ والأعصاب، لذلك تم تحويل ابنتي وهى في حالة مرضية حرجة (غيبوبة) للعلاج بمستشفي قصر العينى الفرنساوى، وقطعنا ما يزيد عن مسافة 550 كيلو مترا بواقع 6 ساعات ذهابا فقط، ونحن لا ندرى هل ستصل ابنتي حية أم أنها ستقابل وجه ربها الكريم".
وتابع شلبي: فور وصولنا وإجراء بعض الفحوصات والأشعة أوصي الطبيب المعالج بضرورة التدخل الجراحي لتلافي آثار الجلطة، لكننا فوجئنا بما لم نكن نتوقعه، حيث طلب الطبيب دفع مبلغ 35 ألف جنيه تكلفة إجراء العملية، والإقامة داخل المستشفي لمدة أسبوعين، وبعد مرور 7 ساعات دخلت ابنتي قسم العناية المركزة للتأكد من نجاح الجراحة، وعلمنا بانفجار أحد الشرايين التي تقوم بتوصيل الدماء للمخ، وتسبب في بعض الآثار الجانبية حتى بعد نجاح العملية، تمثلت في تحريك الجانب الأيسر والأصابع بصعوبة؛ مما منعها من دخول امتحان الثانوية العامة، وعلمنا بعد ذلك أن مستشفي طور سيناء العام يفتقر أيضا لأجهزة جراحة العظام والرمد، ووجود جهاز اكتشاف الفيروسات bcr كانت قد منحته مفوضية الاتحاد الأوروبي ضمن المنحة التي منحتها لجنوب سيناء، لكنه معطل ويحتاج لأكثر من 70 ألف جنيه لإصلاحه، وكل هذا العناء الذي لحق بي ومازال يلحق بالمواطنين بسبب افتقار مستشفيات المحافظة لأخصائيين في مجال الأمراض المزمنة وافتقار المستشفي للأجهزة الحديثة المتطورة.
وفي السياق ذاته، يقول محمد محمود أحد قاطنى حى الطور الجديد: حلمنا بإقامة مستشفي عام أو مركز طبي حضرى داخل المنطقة التي نقيم بها ليخدم قاطنى أحياء المروة والصفا والفيروز ومبارك، الذي يقطن به أكثر من 50 ألف نسمة معظمهم من محدودى الدخل لتخفيف آلام المرض بدلاً من قطعهم مسافات بعيدة عن مكان إقامتهم، وبالفعل أقيم منذ أكثر من 10 سنوات المركز الطبي الحضري علي أحدث الطرز المعمارية، فجميع الواجهات أقيمت من الرخام غالي الثمن، وتم دعمه بأجهزة التكييف بتكلفة تجاوزت 23 مليون جنيه، لكنه تحول بعد ذلك لمركز للرعاية الأولية، ودائماً مغلق ويعانى الإهمال.
ويضيف محمود: أصحاب الأمراض المزمنة كنا نأمل أن تقوم الثورة المصرية بوضع حد مناسب للظروف المعيشية والصحية التي يعانيها المواطنون لضمان توفير الحياة الكريمة التي يحلمون بها، وبعد مضي أكثر من ثلاثة أعوام علي الثورة مازالت هناك بعض فئات المجتمع السيناوى من أرباب المهن الحرفية البسيطة البالغة أعدادهم المئات مازالوا يعيشون تحت خط الفقر ورغم معاناتهم الشديدة من الأمراض المزمنة، وأبرزها فيروس "سي" و"بي" فإنهم لا يخضعون لقانون التأمين الاجتماعي، ولا يطبق عليهم الكشف الطبي بالتأمين الصحي، باعتبارهم من أصحاب المشروعات، حيث إن القانون لم يفرق بينهم وبين كبار رجال الأعمال.
أما الحاج جميع حميد سريع، من مواطنى تجمع قرية الطرفة التابع لسانت كاترين فيقول إن مستشفي سانت كاترين المركزى مازال كما هو حيث يفتقر للأطباء المتخصصين منذ أكثر من 4 سنوات والداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، حيث يفتقر لأطباء متخصصين في كل التخصصات الطبية حتى عندما تبادر سيدة بالوضع لا تأمن علي حياتها وحياة مولودها، سواء بالولادة الطبيعية أو القيصرية داخل المستشفي.
الاهرام
0 التعليقات:
Post a Comment