بيانات رسمية على الورق، تنديد وشجب، أصوات تتعالى لا صدى لها على أرض الواقع، دور غير فعّال لَعِبته جامعة الدول العربية دائمًا تجاه كافة الأزمات الطاحنة التي ضربت بلدان الوطن العربي، هكذا وصف مراقبون ما أسموه الإرادة "المشلولة" للجامعة العربية.

تلك الإرادة التي غابت لسنوات طويلة هي عمر الجامعة، ورغم عمق الهوّة بين الدول العربية وبعضها، وحجم الكوارث التي ضربت دول الجامعة في مقتل، من إرهاب واقتتال وحروب داخلية خلف ملايين القتلى والمصابين والمشردين، لم يزل بيان الجامعة الورقي متصدرا المشهد.


ووسط الأزمة المصرية الأخيرة تجاه تنظيم داعش في ليبيا، الذي قام بذبح مصريين أقباط، توجهت الخارجية المصرية رأسا إلى مجلس الأمن الدولي، دون المرور على الجامعة، ما رآه مراقبون إشارة إلى دور متدنٍ وغير فعال

موقف سابق


السفير ناجي الغطريفي، خبير العلاقات الدولية، ومساعد وزير الخارجية المصري السابق، قال إن مصر هي من طلبت الذهاب لمجلس الأمن، والأمم المتحدة مباشرة، دون اللجوء إلى جامعة الدول العربية.


وأضاف خبير العلاقات الدولية، لـ"مصر العربية"، أن سبب لجوء مصر لمجلس الأمن الدولي رأسًا، يرجع إلى موقف الجامعة العربية السابق من أزمات المنطقة، والذي لم يحظَ برضى الكثيرين.


وتابع الغطريفي أن مصر تحاول التوصل إلى صيغة دولية يحد من الأزمات الأمنية التي تشهدها المنطقة من ليبيا، مشيرًا إلى أن الجامعة العربية لن توفر ذلك الغطاء الدولي المطلوب، ومن ثم كان التوجه لمجلس الأمن الدولي.


وأكد الغطريفي أن مصر تبحث في الأمم المتحدة حاليا مصلحة المنطقة العربية برُمّتها، عن طريق خلق تحالف دولي لمواجهة الإرهاب الداعشي عبر ليبيا، مشيرًا إلى أن التوجه للجامعة العربية لن يجد نفعًا، وأن التصرف الدبلوماسي المصري سليم.

إرادة مشلولة

من جانبه قال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن جامعة الدول العربية مرهونة بإرادة الدول الأعضاء بها ومن ثم فهي إرادة مشلولة لن تضع حلًا للأزمة القائمة، لذلك توجهت مصر مباشرة للأمم المتحدة.


وأضاف خبير العلاقات الدولية، لـ"مصر العربية"، أنّ الأزمة الليبية خطيرة وتحتاج لحل عاجل، ومن ثم الإرادة المصرية لم ترد إضاعة الوقت، فتوجهت لمجلس الأمن، لتوفير غطاء دولي لمواجهة الإرهاب، وهو ما لم تستطع الجامعة العربية توفيره بدورها.


وتابع اللاوندي، أن مصر تعلم جيدًا أن الجامعة العربية غير موجودة، ودورها غير فعال، فالقضية الليبية تناقشها الجامعة منذ 4 سنوات، وحتى الآن لم تستطع إيجاد حلول سريعة رغم خطورتها، بالإضافة إلى ملفات عربية أخرى ملحة.


وأكد اللاوندي أنّ الجامعة ليست لها رؤية محددة، وإرادتها مشلولة، وبالتالي فهي "ميتة"، وتجاهل مصر بمثابة إعلان وفاة للجامعة، التي لا دور لها في الأساس، سوى بيانات الإدانة والشجب.

توجه مصري

وتوجهت مصر مباشرة إلى الأمم المتحدة، مطالبة بعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن حول ليبيا بعد إعلان تنظيم داعش في هذا البلد إعدام الـ21 رهينة المصرية في فيديو بثوه على مواقع التواصل الإنترنت.


وقبل أن يبدأ التحرك المصري الدبلوماسي، أرسل الرئيس عبد الفتاح السيسي المقاتلات المصرية لقصف مواقع تنظيم داعش في ليبيا بعد بضع ساعات فقط من نشر الفيديو المروع.


وكانت الخارجية المصرية أعلنت يوم الاثنين أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، سيعقد جلسة طارئة الأربعاء، لبحث سبل مواجهة "الإرهاب" في ليبيا.


وقالت الوزارة في بيان لها: "قام وزير الخارجية سامح شكري بالتحرك الفوري بعد انتهاء اجتماع مجلس الدفاع الوطني، حيث توجه فجر الاثنين إلى نيويورك".


وأوضح البيان أن شكري حل في المدينة الأمريكية لـ"قيادة التحرك الدبلوماسي في الأمم المتحدة وحشد الدعم الدولي الداعم للتحرك في ليبيا ضد الإرهاب.


وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية في بيان الأربعاء: إن مصر تريد قرارا من مجلس الأمن يرفع الحظر المفروض على إمدادات السلاح للحكومة الليبية المعترف بها دوليا ومقرها طبرق، كما تريد أن يفتح مجلس الأمن المجال أمام دول المنطقة لدعم هذه الحكومة.

وأضاف البيان أن وزير الخارجية المصري، الذي "التقى أمس الثلاثاء سفراء الصين، الرئيس الحالي لمجلس الأمن، وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا، وماليزيا، وتشيلي وإنغولا" في مجلس الأمن، طلب "تضمين قرار مجلس الأمن إجراءات مناسبة لمنع وصول الأسلحة بصورة غير شرعية للجماعات المسلحة والإرهابية".

الأمم المتحدة


وأعلنت الأمم المتحدة، أنّ مجلس الأمن الدولي سيناقش اليوم الأربعاء، "تنامي نفوذ" داعش، و"تدخل محتمل" ضد التنظيم "الإرهابي" في ليبيا.


وقال بيان على الموقع الإلكتروني لإذاعة الأمم المتحدة: إنه "من المقرر أن يناقش مجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء تنامي نفوذ جماعة داعش الإرهابية في ليبيا وتدخل محتمل ضدها".


وأشار إلى أنّ ذلك يتبع عملية "القتل الواضحة على يد داعش في ليبيا لـ21 مصريا مسيحيًا في وقت سابق من هذا الأسبوع".


وبحسب البيان "سوف يجتمع مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوًا بناء على طلب من الأردن" (باعتبارها العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن)، ونوه إلى أن "التحركات الدبلوماسية في الأمم المتحدة جاءت بعد أن قصفت طائرات القوات الجوية المصرية قواعد المتشددين في درنة شمالي ليبيا ردا على جرائم القتل".


وأوضح أن وزير الخارجية المصري سامح شكري في نيويورك، للحصول بحسب تقارير على دعم من أعضاء مجلس الأمن للتدخل العسكري في ليبيا ضد "داعش"، ومن المتوقع أن يقول للمجلس إن هناك حاجة إلى تحالف عالمي لمواجهة المتطرفين في ليبيا.


وكانت مقاتلات تابعة للجيش المصري قد نفذت ضربات جوية صباح أمس الأول الاثنين، ضد أهداف لتنظيم "داعش" بليبيا ردًا على إعدام 21 مسيحيًّا مصريًّا مختطفًا ذبحًا، كما أظهر تسجيل مصور بثه تنظيم "داعش" على موقع مشاركة مقاطع الفيديو "يوتيوب"، في حين أكدت رئاسة أركان الجيش الليبي المنبثق عن البرلمان المنعقد في طبرق أن تلك "الضربات جاءت بتنسيق مسبق معه".

مصر العربية

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -