تحت عنوان "كيف يقتل الغرب المسيحية"، ألقت صحيفة "أميركان فري برس" الضوء على أن الحروب والصراعات الخارجية التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها وروّجت لها منذ عام 2003 أدت مباشرة إلى اضطهاد المسيحيين بشكل واسع النطاق في منطقتي إفريقيا والشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة الأمريكية، في تقرير للكاتب ريتشارد ووكر، أن الذبح المستمر للمسيحيين، الذي أعقبه نزوح أكثر من مليون شخص من البلدان التي مزقتها الحرب، والتي كانت المسيحية تزدهر فيها لما يقرب من ألفى سنة، مثل سوريا والعراق، دفع العديد من المراقبين للتحذير من قتل المسيحية، وليس مجرد تراجعها، في هذا الجزء من العالم.
وتكمن المفارقة الكبيرة من محنة المسيحيين في أن القادة الغربيين "المسيحيين" هم الذين شنوا الحروب التي مزقت الشرق الأوسط إربا، وخلقت الكابوس الطائفي الأكثر سُمِّية الذي أصبح المسيحيون ضحاياه، رغم أن هؤلاء المسيحيين يصورون أنفسهم في أغلب الأحيان بأنهم أنصار سياسات التدخل الغربي، وهو ما جعل بعض أقدم الطوائف المسيحية، التي يعود تاريخها إلى زمن المسيح وأتباعه، معرضة للاضطهاد، وعاجزة عن البقاء على قيد الحياة، على حد وصف الصحيفة.
ورأت الصحيفة أن وسائل الإعلام الغربية تجاهلت قضية المسيحيين بشكل كبير، وفضلت بدلا من ذلك التركيز على الجدل حول إذا ما كان ينبغي شن حربا أخرى في المنطقة في حال رفض إيران الاستسلام للضغوط "غير الملائمة" من جانب إسرائيل وداعميها الجدد المهيمنين على أروقة الكونجرس الأمريكي.
وتابعت أن المشاكل التي تواجه المسيحيين لا تقتصر على سوريا وليبيا ومصر والعراق فحسب، ولكن أيضا على شبه الجزيرة العربية، التي تضم المملكة العربية السعودية، التي يديرها نظام يعزز الطائفية على نطاق عالمي، لاسيما في منطقتي الشرق الأوسط وآسيا، على حد زعم الصحيفة.
وفي الدول الإفريقية مثل نيجيريا والصومال وإريتريا والسودان على سبيل المثال لا الحصر، تفاقمت الهجمات على المسيحيين جنبا إلى جنب مع الارتفاع الشديد في التطرف الإسلامي في الشرق الأوسط وآسيا، على حد وصف الصحيفة.
ويرى العديد من المعلّقين، من بينهم الصحفي البريطاني نيل كلارك، أن جذور هذه القضية تعود إلى قرار الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير – وكلاهما مسيحيان – بإسقاط الرئيس العراقي الراحل صدام حسين من السلطة، وشن حربا في بلاده بناء على أكاذيب، فهذه الحرب وضعت نموذجا فعالا للتدخلات العسكرية الغربية المتزايدة التي مزقت المنطقة إربا.
وجاء ذبح مئات الآلاف من العراقيين على أيدي الولايات المتحدة وحلفائها عقب الإطاحة بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي والمحاولات المستمرة للإطاحة بحكومة الرئيس السوري بشار الأسد، فقبل عام 2003، كان المسيحيون في جميع تلك البلدان وجيرانها محميين بواسطة القادة، من بينهم صدام حسين ومعمر القذافي وبشار الأسد أنفسهم.
ووفقا للقس العراقي دوجلاس بازي، الذي تلقى التعذيب على أيدي المقاتلين الإسلاميين وحصل على الإفراج بعدما دفع فدية، فإن خاطفيه يرون الغرب والمسيحيين العراقيين كفارا، ومؤخرا قال بازي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): إن حكم صدام كان "عصرا ذهبيا" للمسيحيين، لكن منذ الإطاحة به في أوائل القرن الحادي والعشرين، هرب مليون مسيحي من البلاد، أي ما يعادل ثلثي المجتمع المسيحي في العراق.
والآن، تعيش كل هذه الدول، التي تدخلت فيها الولايات المتحدة ومنظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) عسكريا، أسوأ اضطرابات ممكنة، وليس هناك أحدا لحماية الطوائف المسيحية في هذه البلدان، فلم يبقى مثلا في سوريا للمسيحيين سوى الأسد، فيما يواصل الغرب وإسرائيل والسعودية تسليح وتدريب المليشيات المناهضة للأسد والمعادية للمسيحية، بما فيها تنظيم القاعدة، لإسقاط الأسد، رغم أن ذلك أثمر عن نزوح جماعي لحوالي 200 ألف مسيحي من البلاد، على حد قول الصحيفة.
مصر العربية
0 التعليقات:
Post a Comment