قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن الأرقام تشير بأصابع الاتهام إلى "الانقلاب العسكري" في مصر عام 2013 كصاحب التأثير الأكبر على تدفق المهاجرين العرب اليوم.

وأضاف في مقال بموقع هافينجتون بوست الأمريكي تحت عنوان “مصر السيسي تدفع المهاجرين إلى البحر”، أمس الأحد: “الانقلاب صاحب تأثير مباشر على ما يتراوح بين 250- 300 ألف لاجئ سوري كانوا قد لاذوا بالفرار إلى مصر، كما أثر على ليبيا ذاتها التي تمتلك حدودا طويلة مع مصر ويسهل اختراقها".

السوريون كانوا محل ترحيب في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث سُمح لهم بالإقامة بجوازات السفر فحسب، وفتحت لأطفالهم المدارس، وفقا للمقال.

واستطرد: “ خلال أيام من الانقلاب، تحمل هؤلاء اللاجئون الوطأة العظمى من تفشي ظاهرة رهاب الأجانب المرتبطة بالقومية، حيث ربطتهم، على نحو صحيح أو خاطئ، بجماعة الإخوان المسلمين. لذا تم ترحيلهم أو إلقاء القبض عليهم، وفصلت الشركات المصرية الموظفين السوريين"


وزعمت وزارة الخارجية المصرية وجود 250 ألف لاجئ سوري مسجل بنهاية 2014، لكن دون شك أُجبر العديد منهم على الهروب، بحسب هيرست.


وفي 6 سبتمبر العام الماضي، غادر مركب لاجئين دمياط قاصدا مالطة، لكنه اصطدم بسفينة أخرى بعد رفض المهاجرين الانتقال إلى سفينة أصغر وأقل قدرة على الإبحار.


وادعت "المنظمة الدولية للهجرة" نقلا عن شهادة فلسطينيين من الناجين أن 500 قضوا نحبهم في الحادث، وأشارا إلى قدومهم من سوريا والسودان ومصر.


التأثير المباشر الثاني الذي تسبب فيه "الانقلاب"، والكلام للكاتب، يرتبط بليبيا ذاتها، وفسر ذلك قائلا: “بعد يوليو 2013، قال أحد مقدمي برامج التوك شو قريب الصلة بالمخابرات الحربية، إن شرق ليبيا وغزة هدفان محتملان للتدخل العسكري المصري، مع وصفهما كوكرين للمتطرفين الإسلاميين الذين يهددون أمن مصر".


واستطرد هيرست: “ هذا الادعاء جعل الملاحظين في حيرة من أمرهم، لأن العدد الحقيقي من الإسلاميين التكفيريين في شرق ليبيا قليل، ويتمركزون في درنة وليس بن غازي، كما لم تكن داعش قد ظهرت بعد، كما لم يكن هناك ما يدعى "الجيش المصري الحر"، الذي ادعت الإعلام الهيستيري فيما بعد الانقلاب احتشاده على الحدود مع ليبيا".


لكن نبوءة التدخل المصري أثبتت صحتها. ففي 14 فبراير العام الماضي، أعلن خليفة حفتر، الجنرال السابق بعهد القذافي، تعليق البرلمان والحكومة، وقدم خارطة طريق من خمس نقاط لكن رئيس الوزراء الليبي آنذاك علي زيدان رفض الانقلاب، قائلا: “ يستطيع حفتر أن يقول ما يرغب في قوله أو يحلم بتحقيقه".


لكن ذلك لم يكن سوى أولى محاولات حل البرلمان في طرابلس، حيث اندلع القتال بين مليشيات مصراتة والزنتان، وفجر ليبيا التي تمكنت من السيطرة على المطار وطرابلس ومعظم الأنحاء، وتطورت الأحداث بعد ذلك.


واعتبر هيرست أنه لا يوجد ثمة شك في أن مصر والإمارات دفعا ليبيا على حافة الهاوية، وتابع: “تمثل هدفهما في أن يكون للطاغية المصري طاغية زميل يدير ليبيا الثرية الغنية بالنفط".

وزعم المقال، نقلا عن موقع "عربي 21” وجود علاقة بين قبائل موالية لحفتر وتهريب البشر.

وقال مصدر إن قبيلة التابو المتحالفة مع حفتر ضالعة في نقل الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين من الجنوب إلى الشمال، باستخدام طرق تحت حمايتهم.

وبينما تذهب 40 % من حركة تهريب البشر صوب الشمال، أضاف ذات المصدر أن 30 % تذهب غربا من الحدود المصرية، مدعيا أن ضباط الجيش المصري يحصلون على نسبة من تلك التجارة، وفسر ذلك قائلا: “ كل مهاجر غير شرعي يدفع مائة دينار ليبي إلى مهربي أولاد علي على الجانب المصري، لنقلهم إلى قرية امساعد الحدودية، عبر شبكة تهريب يديرها ضباط جيش ومخابرات مقابل نسبة عن كل مهاجر".

وفي وقت تتجه سفن بريطانية وألمانية وأخرى إلى الساحل الليبي لحراسته، يدفع حلفاء تلك الدول في مصر وليبيا المهاجرين إلى البحر، بحسب الصحفي البريطاني.

وتساءل الكاتب: “ماذا يحمل المستقبل حيال ذلك الفيض من المهاجرين؟ مصر أصبحت أقل استقرارا بدءا من حدودها مع غزة، ثم جنوبا عبر شبه جزيرة سيناء حيث دمر الجيش 10000 منزل، وتفشي حوادث العنف ضد الدولة".

وشهدت سواحل البحر المتوسط في الفترات الأخيرة حوادث هجرة غير شرعية مفجعة، أدت إلى مصرع المئات، بما دفع أوروبا إلى محاولة اتخاذ مواقف جاد للحد من الظاهرة.


واختتم قائلا: “ في الوقت الذي بات الصراع السياسي مصر أكثر تسليحا، وبينما تخلى المزيد من المصريين عن أملهم في مستقبل اقتصادي أفضل، لا يمكن لأعداد المهاجرين التي تمشي في ذات الطريق اليائس إلا أن تتزايد..هناك مئات الألوف من المهاجرين العرب اليوم، لكن ملايين أخرى قادمون".


مصر العربية

0 التعليقات:

Post a Comment

 
الحصاد © 2013. All Rights Reserved. Powered by Blogger Template Created by Ezzeldin-Ahmed -